يتوقف أصل الامتنان عليه، فإن نفس الطهارة لا امتنان فيه، وإن كانت هي أيضا محل الحاجة، لكفاية أصالة الطهارة فيها، مضافا إلى عدم تعقل الزيادة فيها، فلا يناسب التعبير عنها بتلك اللفظة، سيما في الكتاب العزيز، خصوصا مع وجود اللفظة المفيدة لها وضعا، الشائع استعمالها فيها عرفا، وهو لفظة " طاهر ".
ويشهد لإرادة المطهرية منها قوله تعالى: " وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان " (1) الشريك معه في الورود مورد الامتنان.
وبالجملة: إفادة تلك اللفظة المطهرية مسلمة عند أهل اللغة، والعرف، وأئمة التفسير، وهو المجمع عليه عند القوم أيضا، وعليه فلا ينبغي الإشكال في البناء على حصول الطهر لكل ما استعمل فيه الماء من المتنجسات إلا ما خرج، والحكم على المشكوك بقبوله التطهير لذلك لمسلمية العموم في المستعمل والمستعمل فيه مطلقا، بل والكيفية، لأن المرجع فيها العرف كما صرح به الأستاذ في شرح الإرشاد (2).
وحينئذ فما في الجواهر من: أنه لو سلمنا شموله للمطهرية، لكن لا يكفي ذلك في بيان كيفية التطهير، ولا عموم يرجع إليه، فعمومها غير مفيد شيئا، انتهى. فيه ما عرفت من محكمية العرف في بيان الكيفية، ولا حاجة إلى وصول بيان لها من الشرع، فالعموم تام الإفادة.
وأعجب منه ما في شرح إرشاد الأستاذ من منعه العموم من غير جهة الكيفية بملاحظة حصره منشأه في قوله (عليه السلام): " الماء يطهر ولا يطهر " (3) من باب حذف المتعلق، ثم منعه لتلك الإفادة بلحاظ أن قوله: " يطهر " وقع في قبال السلب الكلي الكافي في رفعه الإيجاب الجزئي، فمفاد الخبر أن المطهرية - بالكسر - ثابتة له في الجملة، وليست مثل المطهرية - بالفتح - مسلوبة عنه كلية، وفيه كفاية استفادة
Страница 18