319

Шарх Нахдж аль-Балага

شرح نهج البلاغة

Редактор

محمد عبد الكريم النمري

Издатель

دار الكتب العلمية

Издание

الأولى

Год публикации

1418 AH

Место издания

بيروت

قال نصر وإبراهيم أيضا : وكتب معاوية إلى علي عليه السلام : أما بعد ، فإن هذا الأمر قد طال بيننا وبينك ، وكل واحد منا يرى أنه على الحق فيما يطلب من صاحبه ، ولن يعطي واحد منا الطاعة للآخر ، وقد قتل فيما بيننا بشر كثير ، وأنا أتخوف أن يكون ما بقي أشد مما مضى ، وإنا سوف نسأل عن ذلك الموطن ، ولا يحاسب به غيري وغيرك ، وقد دعوتك إلى أمر لنا ولك فيه حياة وعذر ، وبراءة وصلاح للأمة ، وحقن للدماء ، وألفة للدين ، وذهاب للضغائن والفتن ، وأن نحكم بيني وبينكم حكمين مرضيين ، أحدهما من أصحابي ، والآخر من أصحابك ، فيحكمان بيننا بما أنزل الله ، فهو خير لي ولك ، وأقطع لهذه الفتن ، فاتق الله فيما دعيت إليه ، وارض بحكم القرآن إن كنت من أهله ، والسلام .

فكتب إليه علي عليه السلام : من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان ، أما بعد ، فإن أفضل ما شغل به المرء نفسه اتباع ما حسن به فعله ، واستوجب فضله ، وسلم من عيبه ، وإن البغي والزور يزريان بالمرء في دينه ونياه ، فاحذر الدنيا ، فإنه لا فرح في شيء وصلت إليه منها ، ولقد علمت أنك غير مدرك ما قضى فواته ، وقد رام قوم أمرا بغير الحق ، وتأولوه على الله جل وعز ، فأكذبهم ومتعهم قليلا ، ثم اضطرهم إلى عذاب غليظ ، فاحذر يوما يغتبط فيه من حمد عاقبة عمله ، ويندم فيه من أمكن الشيطان من قياده ولم يحاده ، وغرته الدنيا واطمأن إليها . ثم إنك قد دعوتني إلى حكم القرآن ، ولقد علمت أنك لست من أهل القرآن ولا حكمه تريد ، والله المستعان ، فقد أجبنا القرآن إلى حكمه ، ولسنا إياك أجبنا ، ومن لم يرض بحكم القرآن فقد ضل ضلالا بعيدا .

فكتب معاوية إلى علي عليه السلام : أما بعد ، عافانا الله وإياك ، فقد آن لك أن تجيب إلى ما فيه صلاحنا وألفة بيننا ، وقد فعلت الذي فعلت وأنا أعرف حقي ، ولكني اشتريت بالعفو صلاح الأمة ، ولم أكن أكثر فرحا بشيء جاء ولا ذهب ، وإنما أدخلني في هذا الأمر القيام بالحق فيما بين الباغي والمبغي عليه ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فدعوت إلى كتاب الله فيما بيننا وبينك ؛ فإنه لا يجمعنا وإياك إلا هو ، نحيي ما أحيا القرآن ، ونميت ما أمات القرآن ، والسلام .

قال نصر : فكتب علي عليه السلام إلى عمرو بن العاص ، يعظه ويرشده : أما بعد ، فإن الدنيا مشغلة عن غيرها ، ولن يصيب صاحبها منها شيئا إلا فتحت له حرصا يزيده فيها رغبة ، ولن يستغني صاحبها بما نال عما لم يبلغ ، ومن وراء ذلك فراق ما جمع ، والسعيد من وعظ بغيره ، فلا تحبط أبا عبد الله أجرك ، ولا تجار معاوية في باطله ، والسلام .

Страница 133