Шарх Нахдж аль-Балага
شرح نهج البلاغة
Редактор
محمد عبد الكريم النمري
Издатель
دار الكتب العلمية
Издание
الأولى
Год публикации
1418 AH
Место издания
بيروت
قال نصر : وروى الشعبي عن صعصعة ، قال : وقد كان الأشعث بن قيس بدر منه قول ليلة الهرير ، نقله الناقلون إلى معاوية ، فاغتنمه وبنى عليه تدبيره ؛ وذلك أن الأشعث خطب أصحابه من كندة تلك الليلة ، فقال : الحمد لله ، أحمده ، وأستعينه ، وأؤمن به وأتوكل عليه ، وأستنصره وأستغفره ، وأستجيره وأستهديه ، وأستشيره واستشهد به ؛ فإن من هداه الله فلا مضل له ، ومن يضلل الله فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم .
ثم قال : قد رأيتم يا معشر المسلمين ما قد كان في يومكم هذا الماضي ، وما قد فني فيه من العرب ، فوالله لقد بلغت من السن ما شاء الله أن أبلغ ، فما رأيت مثل هذا اليوم قط . ألا فليبلغ الشاهد الغائب ؛ إنا نحن إن تواقفنا غدا ، إنه لفناء العرب وضيعة الحرمات ! أما والله ما أقول هذه المقالة جزعا من الحرب ، ولكني مسن أخاف على النساء والذراري غدا إذا فنينا ، اللهم إنك تعلم أني قد نظرت لقومي ولأهل ديني فلم آل ، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب ، والرأي يخطئ ويصيب ، وإذا قضى الله أمرا أمضاه على ما أحب العباد أو كرهوا ، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ! قال الشعبي : قال صعصعة : فانطلقت عيون معاوية إليه بخطبة الأشعث ، فقال : أصاب ورب الكعبة ! لئن نحن التقينا غدا لتميلن الروم على ذراري أهل الشام ونسائهم ، ولتميلن فارس على ذراري أهل العراق ونسائهم ! إنما يبصر ذوو الأحلام والنهى ؛ ثم قال لأصحابه : اربطوا المصاحف على أطراف القنا .
فثار أهل الشام في سواد الليل ينادون عن قول معاوية وأمره : يا أهل العراق ، من لذرارينا إن قتلتمونا ! ومن لذراريكم إذا قتلناكم ! الله الله في البقية ! وأصبحوا وقد رفعوا المصاحف على رؤوس الرماح ، وقد قلدوها الخيل والناس على الرايات قد اشتهوا ما دعوا إليه ، ومصحف دمشق الأعظم يحمله عشرة رجال على رؤوس الرماح ، وهم ينادون : كتاب الله بيننا وبينكم .
وأقبل أبو الأعور السلمي على برذون أبيض ، وقد وضع المصحف على رأسه ، ينادي : يا أهل العراق ، كتاب الله بيننا وبينكم .
قال : فجاء عدي بن حاتم الطائي ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إنه لم يصب منا عصبة إلا وقد أصيب منهم مثلها ، وكل مقروح ؛ ولكنا أمثل بقية منهم ، وقد جزع القوم ، وليس بعد الجزع إلا ما نحب ، فناجزهم .
وقام الأشتر ، فقال : يا أمير المؤمنين إن معاوية لا خلف له من رجاله ، ولكن بحمد الله لك الخلف ، ولو كان له مثل رجالك لم يكن له مثل صبرك ولا نصرك ، فاقرع الحديد بالحديد ، واستعن بالله الحميد .
ثم قام عمرو بن الحمق ، فقال : يا أمير المؤمنين ؛ إنا والله ما أجبناك ولا نصرناك على الباطل ، ولا أجبنا إلا الله ولا طلبنا إلا الحق ، ولو دعانا غيرك إلى ما دعوتنا إليه لاستشرى فيه اللجاج ، وطالت فيه النجوى ، وقد بلغ الحق مقطعه ، وليس لنا معك رأي .
Страница 127