Шарх Нахдж аль-Балага
شرح نهج البلاغة
Исследователь
محمد عبد الكريم النمري
Издатель
دار الكتب العلمية
Номер издания
الأولى
Год публикации
1418 AH
Место издания
بيروت
وإن القرآن ظاهره أنيق ، وباطنه عميق ، لا تفنى عجائبه ، ولا تنقضي غرائبه ولا تكشف الظلمات إلا به . الشرح : الأنيق : المعجب ، وآنقني الشيء ، أي أعجبني ؛ يقول : لا ينبغي أن يحمل جميع ما في الكتاب العزيز على ظاهره ، فكم من ظاهر فيه غير مراد ، بل المراد به أمر آخر باطن ، والمراد الرد على أهل الاجتهاد في الأحكام الشرعية ، وإفساد قول من قال : كل مجتهد مصيب ، وتلخيص الاحتجاج من خمسة أوجه : الأول : أنه لما كان الإله سبحانه واحدا ، والرسول صلى الله عليه وسلم واحدا والكتاب واحدا ، وجب أن يكون الحكم في الواقعة واحدا ، كالملك الذي يرسل إلى رعيته رسولا بكتاب يأمرهم فيه بأوامر يقتضيها ملكه وإمرته ، فإنه لا يجوز أن تتناقض أوامره ، ولو تناقضت لنسب إلى السفه والجهل .
الثاني : لا يخلو الاختلاف الذي ذهب إليه المجتهدون ، إما أن يكون مأمورا به أو منهيا عنه ، والأول باطل ، لأنه ليس في الكتاب والسنة ما يمكن الخصم أن يتعلق به كون الاختلاف مأمورا به . والثاني حق ، ويلزم منه تحريم الاختلاف .
الثالث : إما أن يكون دين الإسلام ناقصا أو تاما ، فإن كان الله سبحانه قد استعان بالمكلفين على إتمام شريعة ناقصة أرسل به رسوله ، إما استعانة على سبيل النيابة عنه ، أو على سبيل المشاركة له ، وكلاهما كفر . وإن كان الثاني ، فإما أن يكون الله تعالى أنزل الشرع تاما فقصر الرسول عن تبليغه ، أو يكون الرسول قد أبلغه على تمامه وكماله ؛ فإن كان الأول فهو كفر أيضا ؛ وإن كان الثاني فقد بطل الاجتهاد ، لأن الاجتهاد إنما يكون فيما لم يتبين ؛ فإما ما قد بين للاجتهاد فيه .
الرابع : الاستدلال بقوله تعالى : ' ما فرطنا في الكتاب من شيء ' ، وقوله : ' تبيانا لكل شيء ' ، وقوله سبحانه : ' ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين ' ، فهذه الآيات دالة على اشتمال الكتاب العزيز على جميع الأحكام ، فكل ما ليس في الكتاب وجب ألا يكون في الشرع .
الخامس : قوله تعالى : ' ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ' ، فجعل الاختلاف دليلا على أنه ليس من عند الله ، لكنه من عند الله سبحانه بالأدلة القاطعة الدالة على صحة النبوة ، فوجب ألا يكون فيه اختلاف .
واعلم أن هذه الوجوه هي التي يتعلق بها الإمامية ونفاة القياس والاجتهاد في الشرعيات وقد تكلم عليها أصحابنا في كتبهم ، وقالوا : إن أمير المؤمنين عليه السلام كان يجتهد ويقيس ، وادعوا إجماع الصحابة على صحة الاجتهاد والقياس ، ودفعوا صحة هذا الكلام المنسوب في هذا الكتاب إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، وقالوا : إنه من رواية الإمامية ، وهو معارض بما ترويه الزيدية عنه وعن أبنائه عليه السلام في صحة القياس والاجتهاد ، ومخالطة الزيدية لأئمة أهل البيت عليه السلام كمخالطة الإمامية لهم ؛ ومعرفتهم بأقوالهم وأحوالهم ومذاهبهم كمعرفة الإمامية ، لا فرق بين الفئتين في ذلك . والزيدية قاطبة جاروديتها وصالحيتها تقول بالقياس والاجتهاد ، وينقلون في ذلك نصوصا عن أهل البيت عليه السلام . وإذا تعارضت تساقطتا ، وعدنا إلى الأدلة المذكورة في هذه المسألة . وقد تكلمت في اعتبار الذريعة للمرتضى على احتجاجه في إبطال القياس والاجتهاد بما ليس هذا موضع ذكره .
ومن كلام له قاله للأشعث بن قيس
وهو على منبر الكوفة يخطب ، فمضى في بعض كلامه شيء اعترض الأشعث فيه ، فقال : يا أمير المؤمنين ، هذه عليك لا لك ، فخفض إليه بصره عليه السلام ، ثم قال :
الأصل : وما يدريك ما علي مما لي ، عليك لعنة الله ولعنة اللاعنين ، حائك ابن حائك ، منافق ابن كافر ، والله لقد أسرك الكفر مرة والإسلام أخرى ، فما فداك من واحدة منها مالك ولا حسبك . وإن امرأ دل على قومه السيف ، وساق إليهم الحتف ، لحري أن يمقته الأقرب ، ولا يأمنه الأبعد .
قال الرضي رحمه الله تعالى : يريد عليه السلام أنه أسر في الكفر مرة وفي الإسلام مرة .
وأما قوله عليه السلام : دل على قومه السيف ، فأراد به حديثا كان للأشعث مع خالد بن الوليد باليمامة ، غر فيه قومه ، ومكر بهم ، حتى أوقع بهم خالد ، وكان قومه بعد ذلك يسمونه عرف النار ، وهو اسم للغادر عندهم .
Страница 175