شرح مسند الدارمي
شرح مسند الدارمي
Издатель
بدون
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤٤٢ هـ - ٢٠٢١ م
Жанры
يشرك به» (^١)، أيُّ عفو أعظم من هذا؟ وأي جزاء سيئة بحسنة كهذه؟ ولم يقف الأمر عند هذا الحد، فالعفو خلقة، والإحسان طبيعته -صلى الله علي ٥ هـ وسلم-، كان فتحُ مكة نصرا كبيرا لرسول الله ﷺ والمؤمنين ﵃، وقد أمكنه الله من قريش الذين كذبوه وآذوه وأصحابه، وأخرجوهم من ديارهم وأموالهم، أمكنه الله منهم يوم الفتح، فقال لهم حين اجتمعوا في المسجد: «ما ترون أني صانع بكم؟ قالوا: خيرا أخ كريم وابن أخ كريم، قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء» (^٢)، عفو شامل لأمة أخرجته طريدا، وآذته أشد الأذى.
قوله: الحمادون: هذه صفة المؤمنين به من أمته فذكر من صفاتهم أنهم الحمادون، أي: كثيروا الحمد لله ﷿ والثناء عليه تعالى في السراء والضراء، وهذا عام في كل الأحوال، وقد تجلت هذه الصفة في أكمل صورها في حياة الصحابة والتابعين وأتباع التابعين، ولذلك قال ﷺ: «خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم» (^٣)، ولقد أقام الله سبحانه في القرون الثلاثة الأولى الخيرة: رجالا تلقوا هذا الدين بفهم وبصيرة، وحب وولاء، وإعزاز وتكريم، فآثروه على أنفسهم، وأهليهم وأولادهم وديارهم (^٤)، وذكر من صفاتهم أنهم يكبرون على كل نجد، المراد أنهم يكبرون الله ﷿ في كل الأحوال، وأشار بقوله: على كل نجد، ما يكون من التلبية والتكبير في الطريق إلى الحج، وفي التنقل بين المشاعر، وكذلك في حالات الفتح و
_________
(^١) البخاري حديث (٣٠٥٩).
(^٢) السنن الكبير للبيهقي ٩/ ١١٨.
(^٣) البخاري حديث (٢٥٠٨).
(^٤) الموطأ ١/ ٣.
1 / 33