(وقال: فمتى قيام الساعة؟) أي متى وقت وقوعها أي القيامة، والمراد بها النفخة الأولى (قال رسول الله ﷺ ما المسؤول (١) عنها) أي عن قيامها (بأعلم من السائل)؟ أي ليس من جنس المسؤول عنها بأعلم من جنس السائل منها، والمعنى أنهما متساويان في نفي العلم بوقتها، لأنه ﷾ استأثر علمه بها لقوله تعالى: ﴿إنَّ السَّاعة آتِيَة أكاد أُخفيها﴾ (٢) أي عن نفسي لو تصور إخفائها ولقوله ﷾: ﴿يَسْئَلونَكَ عَنِ السَّاعة أَيّانَ مرْسَاهَا فيم أنْتَ مِن ذِكْراها إلى رَبّكَ مُنْتَهاها﴾ (٣) وفي بعض الروايات فأخبرني عن أماراتها الحديث بقوله: (فقفى) بتشديد الفاء أي فولَّى (فقال رسول الله ﷺ: علي بالرجل) أي نادوه وأُتوا به (فطلبنا) سعيًا وجبرًا (فلم نر له أثرًا) فأخبرنا النبي ﷺ (فقال) أي السائل الجليل (جبرائيل ﵇، جاءكم) أي أتاكم كما في رواية (ليعلمكم معالم دينكم) أي الشريعة التي يرجع إليكم منافعه.
والظاهر أنه ﵊ أيضًا ما عرفه أولًا يؤيده ما في صحيح ابن حيان: والذي نفسي بيده ما شبهه عليّ منذ أتاني قبل مرته هذه، وما عرفته حتى ولا أعلم أن هذا الحديث ذكره النووي في أربعينه برواية عمر بن الخطاب وقد بسطنا الكلام في شرح ذلك الكتاب.
والحديث رواه مسلم عنه وعن أبي هريرة نحوه، ولعل الواقعة متعددة لاختلاف الألفاظ الواردة (سفيان بن عيينة) وهو إمام عالم ثبت حجة زاهد ورع مجمع على صحة حديثه سمع الزهري وخلقًا كثيرًا، روى عنه الأعمش والثوري
_________
(١) يستنبط من هذا أنه ينبغي للعالم والمفتي وغيرهما إذا سئل عما لا يعلم أن يقول: لا أعلم، وأن ذلك لا ينقصه، بل يستدل على ورعه وتقواه ووفور علمه. (شرح صحيح مسلم).
(٢) طه ١٥.
(٣) النازعات ٤٢ - ٤٤.
1 / 33