Шарх Мушкил
شرح المشكل من شعر المتنبي
ومن روى) فيك عدلًا (: عنى أنه إذا سلمت أنت فلم يأخذك، فذلك الجور عدل، لان من ترك أنفسُ ممن أخذ، إلا أن الجور في ذلك موجود. وإنما كان يكون العدل لو ترك الجميع موفورًا. وإنما هذا العدل على الإضافة، لا على الإطلاق.
) خِطبةٌ للحمامِ ليس لها ردٌ ... وإن كانت المُسمَّاة ثُكلا (
اي حُلول الحمام بهذه العقيلة، يعني أخت سيف الدولة، خطبةٌ لا ترد، يذهب إلى إعظامها وإنكارها، وإن كانت هذه الخطبة نسميها نحن ثُكلا فليست كذلك في الحقيقة، إنما هي إرادة من النُّور العُلوي، يجذبها ويُصيرها إلى ذاته.
) وَكَم انتشت بالسُّيُوفِ من الده ... رِ أسيرًا وبالنوال مُقلًا (
) عدها نُصرهة علية فلما ... صال ختلا رآه أدرك تبلا (
اي تسورت أنت على الدهر في مظلوميه، فككت أسيره، وجبرت كسيره، وأغنيت فقيره، فأغضبته بمضادتك إياه في افعاله. وفأرصد لك ختلةً ينتهزها منك، إذ عد كل ذلك إنصافًا منه لمظلوميه، ونُصرة عليه لمغلوبيه. فأخذ إحدى أختيك، مكافأة لذلك وعقابًا، فقدر أنه ادرك ذحلا، ونال تبلا.
والهاء في) رآه (: عائدة إلى الدهر، فالفاعل هنا هو المفعول؛ ولا يكون مثل هذا عند سيبويه إلا في الأفعال النفسانية التي في معنى الشك والعلم فرآه هنا: المتعدية إلى مفعولين. وإذا كان كذلك، فالجملة التي هي قوله) أدرك تبلا (: في موضع المفعول الثاني. وختْلا: مصدر في موضع الحال، من باب أتانا غدوًا ومُسيا. والانتياش: التخلص والانتفاض.
) وَهُوَ الضاربُ الكتيبة والطعنةُ ... تغلُو والضربُ أغلى وأغلَى (
اي أن الكتيبة متمنعة ببأسها شديدة؛ فالطعنة تغلو فيها، اي تغلو وتشتد على مريدها منها. فإذا كانت الطعنة الواحدة غالية؛ فالضرب أغلى منها، لان الطعن أمكن من الضرب، إذ هو على بُعد، والضرب على قُرب، وقال:) والطعنة (ثم قابلها بالضرب، احتياجًا لإقامة الوزن. وكان أذهب له في الصنعة - لو اتزن له - أن يقابل الطعنة بالضربة؛ والطعن بالضرب.
وله ايضا:
) كُلما رَام حطها اتسع البنْ ... ىُ فَغَطى جبينهُ والقذالا (
بنى بنيًا: مصدر بنى إما أن يكون قد تُكُلم به، وإما أن يكون على الضرورة، لان الشاعر إذا اضطر، كان له أن يرُد مصادر الأفعل الثلاثية غير المزيدة إلى) فَعْلٍ (، وإن استُعمل في الكلام على ذلك زيادة وغير زيادة. مثال ذلك بعُد بعدًا، وذهب ذهبا، وكذب كذبا، فيُردّ كل ذلك إلى فعل. هذه حكاية الفارسي.) والجبين (: من أمام الرأس.) والقذالُ (من ورائه.
يقول: كلما رام) ابنُ لاون (ملك الروم هدم هذه القلعة، أوسع سيف الدولة بناءها وأطاله، حتى امتد ظله من أمامه، فغطى جبينه، ومن ورائه فغطى قذاله. اي قذال ملك الروم وجبينه.
) وتُوافيهمُ بها في القنا السُّمرِ ... كما وافتِ العطاشُ الصلالا (
الصلال: الأرضُون التي لم تُمطر بين أرضين ممطورة. واحدتها صلة، وقيل هي الأمطار المتفرقة. ويروى) الضلا (: وهي بقايا الماء، واحدها ضلل وقيل الضللُ: الماء الجاري تحت الحجر. ويقول: توافيهم بها أو بالمنايا وهي في القنا السمر، ببادر جيشك إليهم بالفتل كما تبتدر الأنفس العطاش بقايا الماء. والعطاش أحرصُ عليها، لأنهم لا يثقون بالري، فلم يتسابقوا.
وقوله: في) القنا السُّمر (: في موضع نصب على الحال، اي مستقرة في القنا السمر، وملتبسة بها، كقولك: خرج زيد في ثيابه: اي لابسًا لها، مشتملًا بها، و) كما وافت (أيضًا نصب على أنه صفة لمصدر محذوف، اي موافاة مثل موافاة العطاش. ولو قال قائل: إن) في (مع قوله:) بها (اسم على حدة) فاعل (مقلوب موضع العين إلى اللام، من هافت الإبل تهاف: إذا عطشت لكان حسنًا. وهذا الباب كثير، قد عمل سيبويه وأهل اللغة فيه أبوابًا.
فكأن المعنى حينئذ أن الرماح تبتدر شُرب دمائهم، فكأنها عطشةٌ إليها، كما يبتدرُ العطاش الماء.
) أبصرُوا الطعْن في القلوب دراكًا ... قبل أن يُبصرُوا الرماحَ خَيَالًا (
اي رأوا أصحابهم مقتولين، فشاهدوا الطعن فيهم دراكًا قبل أن يروا أشباح الرماح.
وإن شئت قلت: أعجلتِ الرماحُ هؤلاء القتلى أن يتوقعوا قبل ذلك، فيروها في نومهم. يذهب إلى أنه يك هنالك توعُّد من سيف الدولة، ولكن فَجِئهم فقتلهم.
1 / 76