Шарх Мушкил
شرح المشكل من شعر المتنبي
الغوائلُ: الدواهي المهلكة. تقول العرب: الغضب غُول الحِلم. اي يذهب بالحلم فيغتاله. يقول: إن سمده المهزومين؛ فيقتلهم بالعطش والكلال وسائر أنواع الآفات، كقوله هو:
إذا فاتُوا الرماح تناولتهمُم ... بأرماح من العطش القفارُ
ويتبع من باب) فعل (في معنى) تفعل (اي يتبع. ونظيره ما حكاه سيبويه من قولهم بين الشيء وتبيَّنَه. وفي بين الصبحُ لذى عينين اي تبين.
) رأيُتك لو لم يقتضِ الطعنُ في الوغى ... إليك انقيادًا لا قتضتُه الشمائلُ (
اي لو لم يجر من أصحابك على الطعن، انقيادُهم لك، وطاعتهم إياك، لاقتضاهم إياه حُبُّهم لك. و) الشمائلُ (يجوز أن تكون منه ومنهم، فان كانت منهم، فمعناه: حبهم لك بطاعتهم. وإن كانت منه فمعناه: بحبهم لشمائلك.
وله ايضا:
) وأسقطتِ الأجنةُ في الولاياَ ... وأجهضتِ الحوائلُ والسقابُ (
اي أن النساء أردفن، وعُسف بهن في الهزيمة، فمن كان منهن حاملًا أسقطتْ في الولايا، وهي الأحْلاسُ على إعجاز الخيل والإبل، وأجهدت الإبل، وكُلفت أكثر من طاقتها في السير، فأجهضت الحواملُ، وهي الإناث؛ والسقابُ، وهي الذكور. والإجهاض للنوق، كالإسقاط للنساء وهذا كقول أبى النجم:
كَمْ طَرَحتْ من ولدٍ لا يغتذى ... تراه كالمسلوخِ والجلُد برِى
) وَعَمروٌ في ميامنهم عُمُورٌ ... وكعبٌ في مياسرهم كعابُ (
عمرو وكعب: بطنان، كعب: بن ربيعة، وعمرو بن مالك. فان شئت قلت: اختلفت كلمتهم فأشارت طائفة بالعرب، والأخرى بالاستذمام وأخذ الموثق من سيف الدولة. وكانوا قبل يدًا واحدة، كلمتهم سواء فكانهم باختلافهم تقسموا وافترقوا فصارت القبيلة باختلاف كلمتها في قبائلك؛ فلذلك جعل عمرًا عمُورًا، وكعبًا كعابًا.
أنشد سيبويه:
رأيت الصدعَ من كعبٍ وكانُوا ... من الشنآنِ قد صاروُا كعاباَ
وإن شئت قلت: هربوا وتبددُوا، فصاروا شيعًا وأحزابا، فكل جزء من عمرو عمور، وكل جزء من كعب، كعوب. والقولان متقاربان.
) ولو غَيرُ الأمير غزا كلابًا ... ثناهُ عن شُموسهمُ ضبابُ (
يعني بشُوسهم: حقائق نفوسهم. والضباب: مايلقاه من الطعان والضراب. وقيل: ثناه عنهم أقل ما يصيبه منهم، لأن كثافة الضباب أقل من كثافة السحابز وقيل: عنى بالشموس نساءهم التي سباها سيف الدولة وبالضباب: من فيهم من الكُماة والحُماة.
وله ايضا:
) تُفدي أتمُّ الطير عُمرا سلاحهُ ... نُسورُ الفلا أحداثُها والقشاعمُ (
أتمُ هنا: بمعنى اطول. وإنما جاز ذلك لان التمام في باب) كيف (، نظير الطول في باب) كَمْ (. وإنما المستعمل في العمر أطول، فلم يتزن له، ونجوه قول رؤبة:
) كالكَرْم إذ نادى من الكافُورِ (
وإنما المعروف صاح لكَرم، سائر الشجر إذا بدا ثمره. إلا أنه لو قال صاح الكَرم لكان في الجزء طي، وهو ذهاب فاء) مُستفعلٌ (، لانه قوله:) صاح منل (مستعلُن، فاستوحش من الطي، فوضع نادى مكان صَاَح ليسلم الجزء.
والمتنبي أعذر، لانه لو قال:) أطول (لا نكسر البيت ورُؤبة لو قال: صاح من الكافور لم ينكسر البيت، وإنما كان يلحقه الزحاف الذي وصفناه.
وقال) تُفدي (فأنت الفعل، وإن كان للأنم، والأتم مذكر، حملًا على المعنى، لان الأتم هو النسور في الحقيقة. ونظيره قول بعض العرب: فلان لغُبو جاءته كتابي فاحتقرها. أنث الكتاب لما كان في معنى) الصحيفة (. و) نسور الفلا (. يدل من) أتم الطير (. و) أحداثها والقشاعم (: بدل من) نسور (. وكلاهما بدل بيان. يقول أوسعتْ سلاحُه النسور شبعًا من لحوم القتلى قديمًا وحديثًا الآن. فقشاعهما وهي المسان تشكر القديم والحديث، وأحداثها تشكر الحديث، لأنها متأخرة الكون عن زمن القديم. فكلا النوعين يشكر سلاح هذا الملك، و) يفُديه (: اي يقولان نحن الفداء لسلاحه. استعار الأحداث للنسور، وإنما هو في نوع الانسان، ومثل هذه الاستعارة كثير.
) هَلِ الحدثُ الحمراءُ لونها ... وتعلمُ ايُ الساقيين الغمأئمُ (
) الحدث (: حصنٌ معروف، وأنثه على معنى القلعة، أو المدينة، وجعلها حمراء، لما سال عليها من الدماء، وكانت غير حمراء. يقول: فهل تعرف الآن لونها القديم الذي بُدلت منه الحُمرة. وإن شئت قلت: هل تعرف الآن أنها حمراء، أو تنكر ذلك؟
1 / 70