الفائدة التي أشرنا إليها قبل وهو أنه قد يقصر النص على سببه عند التعارض، فمثلا في قوله -جل وعلا-: {فأينما تولوا فثم وجه الله} [(115) سورة البقرة] عمومه يدلك على أي جهة اتجهت صل، نعم، عموم، فهل نعمل بهذا العموم؟ نعم لماذا؟ لأن السبب، السبب احتجنا إليه، وهو أنهم اجتهدوا فصلوا فتبين أنهم صلوا إلى غير القبلة، فنزل قوله: {فأينما تولوا فثم وجه الله} [(115) سورة البقرة] يعني بعد التحري والاجتهاد إذا تبين أنك أخطأت صلاتك صحيحة، {فأينما تولوا فثم وجه الله} [(115) سورة البقرة] لكن بعد الاجتهاد والتحري، وإلا فالأصل أن استقبال القبلة شرط لصحة الصلاة لا تصح إلا بها، هذا الأصل، فقصرنا الحكم على سببه، قصرنا النص على سببه؛ لأن عموم النص معارض، معارض، عمومه معارض فاحتجنا للتوفيق بين هذه النصوص أن نقصر الحكم على سببه، ومثال من السنة يوضح المراد: في حديث عمران بن حصين: ((صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب)) دل هذا الحديث بعمومه على أن المتستطيع لا تصح صلاته إلا من قيام، لا تصح صلاته إلا من قيام، ويشمل جميع الصلوات، الفريضة والنافلة، العادية ذات الركوع والسجود، الطارئة صلاة جنازة، صلاة كسوف، أي صلاة لا تصح إلا من قيام، هذا بعمومه يتناول جميع الصلوات، لكن عندنا حديث آخر: ((صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم)) لا بد أن نتصرف أمام هذين النصين؛ لأن هذا بعمومه يشمل جميع أنواع الصلاة فلا تصح مع الاستطاعة إلا من قيام، والثاني أيضا بعمومه؛ لأنه مفرد مضاف ((صلاة القاعد)) فيعم، على النصف من أجر صلاة القائم يدل على صحة الصلاة جميع الصلوات، لكن الأجر نصف أجر، نحتاج إلى سبب لنقصر الحكم على سببه.
Страница 6