ح وحدثنا هناد بن السري قال: حدثنا عبدة بن سليمان قال: حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة أن أبا هريرة قال لرجل: "يا ابن أخي إذا حدثتك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديثا فلا تضرب له الأمثال".
قال أبو الحسن: حدثنا يحيى بن عبد الله الكرابيسي قال: حدثنا علي بن الجعد عن شعبة عن عمرو بن مرة مثل حديث علي -رضي الله تعالى عنه-.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: تعظيم حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والتغليظ على من عارضه
حديث الرسول -عليه الصلاة والسلام- النابع من مشكاة النبوة وحي من الله -جل وعلا-، كما قال -سبحانه وتعالى-: {وما ينطق عن الهوى} [(3) سورة النجم] فتعظيمه لأنه من الله -جل وعلا-، والأخبار عن سلف هذه الأمة وأئمتها في تعظيم الحديث لا تكاد تحصر، فقد كان الأئمة يعنون بالحديث تعلما وتعليما وحفظا وقراءة واقراءا واستنباطا وعملا، ويعنون بشأنه أتم العناية، حفظ عنهم أنهم كانوا يهتمون به، فقد كان الإمام مالك -رحمه الله تعالى- إذا أراد أن يحدث يغتسل ويتطيب ويلبس أحسن ثيابه في هيئة حسنة، وفي جلسة حسنة، تعظيما لحديث الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وقد ذكر هذا عن بعض العلماء، ولا شك أن تعظيم الحديث من تعظيم ما تدل عليه هذه الأحاديث التي هي شعائر الله {ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب} [(32) سورة الحج] وهو أيضا من تعظيم حرمات الله، وتعظيم حدود الله التي حدها على لسان نبيه -عليه الصلاة والسلام-، والتغليظ على من عارض، إذا كان التعظيم هو الواجب فمن عارض هذا الواجب يغلظ عليه، ويشدد في أمره، ويربى على الجادة، كما كان السلف يربون الناس على هذا، وفي قصة عبادة بن الصامت مع الأمير معاوية -رضي الله تعالى عنه- على ما سيأتي فيها من كلام لأهل العلم في أصل القصة وإلا فالخبر ثابت، وأيضا ما جاء في قصة الخذف، وما جاء في نهي النساء عن الخروج إلى المساجد، وسيأتي جميع ذلك.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
Страница 4