شرح مقدمة التفسير لصالح آل الشيخ

صالح آل الشيخ d. Unknown
56

شرح مقدمة التفسير لصالح آل الشيخ

شرح مقدمة التفسير لصالح آل الشيخ

Жанры

فَمَعْلُومٌ أَنَّ الظَّالِمَ لِنَفْسِهِ يَتَنَاوَلُ الْمُضَيِّعَ لِلْوَاجِبَاتِ وَالْمُنْتَهِكَ لِلْمُحَرَّمَاتِ. وَالْمُقْتَصِدُ يَتَنَاوَلُ فَاعِلَ الْوَاجِبَاتِ وَتَارِكَ الْمُحَرَّمَاتِ. وَالسَّابِقُ يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ سَبَقَ فَتَقَرَّبَ بِالْحَسَنَاتِ مَعَ الْوَاجِبَاتِ. فَالْمُقْتَصِدُونَ هُمْ أَصْحَابُ الْيَمِينِ ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠) أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾ [الواقعة: ١٠-١١]، ثُمَّ إنَّ كُلًّا مِنْهُمْ يَذْكُرُ هَذَا فِي نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الطَّاعَاتِ كَقَوْلِ الْقَائِلِ: السَّابِقُ الَّذِي يُصَلِّي فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ، وَالْمُقْتَصِدُ الَّذِي يُصَلِّي فِي أَثْنَائِهِ، وَالظَّالِمُ لِنَفْسِهِ الَّذِي يُؤَخِّرُ الْعَصْرَ إلَى الِاصْفِرَارِ. أو يَقُولُ: السَّابِقُ وَالْمُقْتَصِدُ وَالظَّالِمُ قَدْ ذَكَرَهُمْ فِي آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ الْمُحْسِنَ بِالصَّدَقَةِ وَالظَّالِمَ بِأَكْلِ الرِّبَا وَالْعَادِلَ بِالْبَيْعِ وَالنَّاسُ فِي الْأَمْوَالِ إمَّا مُحْسِنٌ وَإِمَّا عَادِلٌ وَإِمَّا ظَالِمٌ؛ فَالسَّابِقُ الْمُحْسِنُ بِأَدَاءِ الْمُسْتَحَبَّاتِ مَعَ الْوَاجِبَاتِ وَالظَّالِمُ آكِلُ الرِّبَا أَوْ مَانِعُ الزَّكَاةِ وَالْمُقْتَصِدُ الَّذِي يُؤَدِّي الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ وَلَا يَأْكُلُ الرِّبَا. وَأَمْثَالُ هَذِهِ الْأَقَاوِيلِ. فَكُلُّ قَوْلٍ فِيهِ ذِكْرُ نَوْعٍ دَاخِلٍ فِي الْآيَةِ وإِنَّمَا ذُكِرَ لِتَعْرِيفِ الْمُسْتَمِعِ بِتَنَاوُلِ الْآيَةِ لَهُ، وَتَنْبِيهِهِ بِهِ عَلَى نَظِيرِهِ؛ فَإِنَّ التَّعْرِيفَ بِالْمِثَالِ قَدْ يَسْهُلُ أَكْثَرَ مِنْ التَّعْرِيفِ بِالْحَدِّ الْمُطْلَقِ. وَالْعَقْلُ السَّلِيمُ يَتَفَطَّنُ لِلنَّوْعِ كَمَا يَتَفَطَّنُ إذَا أُشِيرَ لَهُ إلَى رَغِيفٍ فَقِيلَ لَهُ: هَذَا هُوَ الْخُبْزُ.

4 / 11