Комментарий к введению в основы толкования Ибн Таймии

مساعد الطيار d. Unknown

Комментарий к введению в основы толкования Ибн Таймии

شرح مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية

Издатель

دار ابن الجوزي

Номер издания

الثانية

Год публикации

١٤٢٨ هـ

Жанры

شرح مقدمة في أصول التفسير شرح مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية د. مساعد بن سليمان بن ناصر الطيار الأستاذ المساعد بكلية المعلمين بالرياض

1 / 1

-[عرض كتاب شرح مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية]- (*) د. مساعد بن سليمان بن ناصر الطيار الأستاذ المساعد بكلية المعلمين بالرياض عرض: عمرو الشرقاوي بدأ المؤلف بمقدمة ذكر فيها منهجه في شرح مقدمة أصول التفسير، لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، وقال في بيان منهجه في شرح هذه المقدمة: ١ - جعلت في الحاشية التي أمام النصوص المشروحة رقم الفقرة من مقدمة شيخ الإسلام ليسهل على القارئ معرفة النص المشروح. وقد يكون الشرح لأكثر من نصٍّ، فإني أذكر أرقامه على ما يتيسر لي، لأنَّ بعض النصوص المرقمة تنتظم في وحدة موضوعية كما هو الحال في آخر موضوعات هذه الرسالة، وهو تحرج بعض السلف في تفسير القرآن. ٢ - بيان الأمثلة التفسيرية للموضوعات التي طرحها الشيخ ﵀. ٣ - ذكر ما أجده من المواطن الأخرى من كتبه التي تكلم عنها فيما يخص موضوعات المقدمة التفسيرية، وقد جعلت بعضها ضمن الشرح، وبعضها الآخر في ملحق جعلته في نهاية هذا الشرح. ٤ - ذكر نماذج من التفاسير التي ذكرها، فيما يخصُّ نقده لها. ٥ - الإعراض عن تفصيل المسائل العلمية التي لا علاقة لها بالتفسير. ٦ - حرصت أن لا أخرج إلى إضافات على ما ذكره الشيخ رحمه الله تعالى؛ لئلا يطول الشرح، ويخرج عن الأفكار التي طرحها ﵀. ٧ - حرصت على أن أذكر بعض الكتب المعاصرة التي درست شيئًا من الموضوعات التي طرحها الشيخ رحمه الله تعالى، ولم أقصد الاستيعاب لما كتبه المعاصرون؛ لأن ذلك أمر غير ممكن. وقدم الشارح بين يدي شرحه بمدخل إلى رسالة شيخ الإسلام، ذكر فيها أهم طبعات المقدمة، وعنوانها، ومتى كتب شيخ الإسلام المقدمة؟، ومن أفاد من المقدمة، والموضوعات التي طرقتها المقدمة.
ثم بين الشيخ المسائل الواقعة في مقدمة المؤلف، وخاصة بيان سبب تأليف هذه المقدمة، وقوله: «فإنَّ الكتب المصنفة في التفسير مشحونة بالغث والسمين، والباطل الواضح والحق المبين»، وقوله: الثاني: أن التفسير إما منقول وإما معقول. ونبه أن تحديد المنقول والمعقول من التفسير قضية نسبية تختلف باختلاف العصر، وأن ضابط المنقول في عصر الصحابة يختلف عنه في عصر التابعين، وفي عصر التابعين يختلف عنه في عصر من بعدهم. كما نبه أن من بلغ درجة الاجتهاد في التفسير في العصر الحاضر فإن له مجالين: المجال الأول: هو أن يجتهد في الاختيار بين أقوال المفسرين السالفين دون أن يخرج عنها. المجال الثاني: هو أن يأتي المفسر بمعنى جديد لم يذكره المتقدمون، وهذا يظهر جليًا فيما يسمى بالتفسير العلمي الذي يستعين بالعلوم التجريبية في معرفة معاني الآيات القرآنية. ثم تعرض لموضوع البيان النبويِّ للقرآن، ونبه أنَّ شيخ الإسلام رحمه الله تعالى يناقش أقوال أقوامٍ لا يرون تفسير الصحابة والتابعين، ويذهبون إلى تفسيرات شيوخهم من أهل البدع، فقد ذكر هذه الأفكار في كتبٍ يناقش فيها هؤلاء، ككتاب (بغية المرتاد في الرد على المتفلسفة، والقرامطة والباطنية وأهل الإلحاد القائلين بالحلول والاتحاد)، وفي كلامه على المحكم والمتشابه. وفي شرح اختلاف التنوع واختلاف التضاد في تفسير السلف، ذكر أن مراد الشيخ في هذا الفصل بيان نوع الاختلاف الذي وقع عند السلف، وذكر أنَّ غالب ما يصحُّ عنهم من الخلاف يرجع إلى اختلاف التنوع لا اختلاف التضاد، وذكر في آخر هذا الفصل أنه لا بدَّ من وجود اختلاف محقق بينهم، وهو ما يُسمى بالتَّضاد، لكنه قليل بالنسبة لاختلاف التنوع. وعرض لعدة مسائل: المسألة الأولى: في تعريف اختلاف التنوع واختلاف التضاد. المسألة الثانية: في نوعي الاختلاف اللذَين يكثران في تفسير سلف الأمة. المسألة الثالثة: تنبيهات تتعلق بأسباب النُّزول.
وعرض لعدة قضايا مهمة في أسباب النزول يحسن مراجعتها. كما تعرض لعدة قضايا علمية، وهي: ١ - الألفاظ المترادفة. ٢ - التضمين. ٣ - فائدة جمع أقوال السلف. ٤ - وقوع الاختلاف المحقق في تفسير السلف. ٥ - أسباب الاختلاف. وفي شرح الاختلاف الواقع في كتب التفسير من جهة النقل ومن جهة الاستدلال، ذكر أن الاختلاف في التفسير على نوعين: الأول: ما يرجع إلى النقل. والثاني: ما يرجع إلى الاستدلال. وقد طرح فيما يرجع إلى النقل الموضوعات الآتية: ١ - الإسرائيليات. ٢ - الإشارة إلى أسانيد التفسير، وغلبة المراسيل عليها، وحكمها. ٣ - الموضوعات في كتب التفسير، مع الإشارة إلى بعض الكتب التي فيها ضعف من هذه الجهة. وتعرض لمسألة المراسيل في التفسير، وذكر أن هذه المسألة من نفائس هذه المقدمة التي يحسن بالمعتنين بالتفسير الاستفادة منها في حال دراسة أقوال مفسري السلف. كما تعرض لنقد شيخ الإسلام لبعض المفسرين، وهم البغوي (ت:٥١٦)، والثعلبي (ت:٤٢٧) وتلميذه الواحدي (ت:٤٦٨). وفي مسائل الاختلاف الواقع في كتب التفسير من جهة الاستدلال، تعرض إلى أن أكثر الخطأ في الاستدلال من جهتين لا توجدان في تفسير السلف: أحدهما: قوم اعتقدوا معاني، ثم أرادوا حمل ألفاظ القرآن عليها، وكان نظرهم إلى المعنى أسبق. والثانية: قوم فسَّروا القرآن بمجرد ما يسوغ أن يريده من كان من الناطقين بلغة العرب بكلامه، من غير نظر إلى المتكلم بالقرآن، والمنَزَّل عليه، والمخاطب به، وكان نظرهم إلى اللفظ أسبق. كما أشار إلى جملة علوم العربية ومنْزلتها من التفسير.
كما تعرض لنقد بعض التفاسير المخالفة لمنهج السلف، وبيان المنهج العقدي العام لها. ومن المسائل المهمة التي تعرض لها، قوله: «وأما كيفية معرفة فساد أقوال هؤلاء فقد ذكر شيخ الإسلام طريقة ذلك، ورتبها على الآتي: ١ - معرفة القول الصواب الذي خالفه هؤلاء المبتدعة. ٢ - أن يتيقن أن قول السلف هو الحقُّ، وأن تفسير السلف يخالف تفسير المبتدعة. ٣ - أن يعرف أن تفسير المبتدعة مُحدثٌ مبتدع. ٤ - أن يعرف بالأدلة التي نصبها الله للحق فساد قولهم. هذا خلاصة ما ذكره في هذه الفقرة، ويمكن أن يزاد عليه: معرفة الرأي المبتدع على وجهه وحقيقته، إذ كثيرٌ ممن يقرؤون التفسير لا يُحسنون معرفة المذاهب المخالفة، فيفوت عليهم شيء من أقوال المبتدعة، وتدخل عليهم وهم لا يشعرون.». وفي شرح أحسن طرق تفسير القرآن، لاحظ على هذه الطرق أمور: الأول: أنها دائرة بين الأثر والرأي. الثاني: أن هذا التقسيم الذي ذكره شيخ الإسلام إنما هو تقسيم فنيٌّ، وليس المراد أن المفسر يتدرَّج في التفسير على هذه الطرق، فالذي يخوض غمار التفسير يعلم أنَّ هذه الطرق ستكون مختلطة، ولا يوجد تفسير مرتَّب على هذا الترتيب، حتى التفسير الذي كتبه شيخ الإسلام. الثالث: أنَّ هذه الطرق من حيث الجملة هي التي يجب الرجوع إليها عند التفسير، لكن أفراد هذه الطرق لها أحكامٌ خاصَّةٌ بحيث إنه لا يمكن القول بأنه يجب الأخذ بهذه الطرق جملة وتفصيلًا، بل في الأمر تفصيلات سيأتي في محلها من هذه الطرق. الرابع: إن تمايز المفسرين عمومًا هو في مدى اعتمادهم على هذه الطرق، ولا يكاد أن يخلو منها كتاب في التفسير؛ إما نصًّا وإما إشارة. ثم تعرض لهذه الطرق بالشرح، وهي: ١ - تفسير القرآن بالقرآن. ٢ - تفسير القرآن بالسنة. ٣ - تفسير القرآن بأقوال الصحابة. ٤ - تفسير القرآن بأقوال التابعين. وبعد أن أنهى شيخ الإسلام الحديث عن أحسن طرق التفسير ذكر عددًا من القضايا المتعلقة بالتفسير بالرأي، وهي: ١ - حكم التفسير بالرأي المجرد. ٢ - الأحاديث الناهية عن ذلك. ٣ - تحرج جماعة من السلف عن تفسير ما لا علم لهم به، والمقصود بتحرج هؤلاء.
ثمَّ ختم الرسالة بحديث ابن عباس في تقسيم التفسير. وقد تعرض لها الشارح بالتفصيل، والبيان. وختم الشارح شرحه بإيراد الملاحق العلمية، وهي: نقولٌ من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية. وخُتم الشرح بعدة فهارس علمية. ويمتاز الشرح بعدة مميزات، من أهمها: ١ - حسن التصوير لمسائل المقدمة. ٢ - جودة إقامة الدليل عليها. ٣ - كثرة الأمثلة الموضحة للمقصود. والحمد لله رب العالمين.

Неизвестная страница

مقدمة الطبعة الثانية شكر واعتذار الحمد لله الذي أنعم عليَّ بنعمِهِ الكثيرة، والصلاة والسلام على رسوله الكريم الذي كان سببًا في هداية الخلق، وعلى آله وصحبه الذين نقلوا لنا العلم، وعلى من تبع طريقهم إلى يوم الدين. أما بعد: فقد منَّ اللهُ عليَّ بنفاذ طبعة الكتاب الأولى في زمن وجيز، حتى دعت الحاجة إلى إعادة طباعته، فأعددته للطباعة مرة أخرى بعد أن استدركت بعض الأخطاء المطبعية، وأعدت ترتيبه من جديد؛ إذ جعلت كل فصل من فصول مقدمة شيخ الإسلام قبل شرحه، بخلاف الطبعة الأولى التي جعلت فيها جميع المقدمة في مكان واحد، ثم أتبعتها بشرح الفصول فصلًا فصلًا. ولقد كان هذا التغيير بسبب ما جاءني من طلب من اطَّلع على شرح هذه المقدمة بأن يتلو كلَّ فصل من فصول مقدمة الشيخ شرحُه، فأجبتُ الطالبين لذلك، لما رأيت من حسن هذا الصنيع الذي غاب عني أول الأمر؛ لذا أعتذر من القراء الكرام الذين اقتنوا الطبعة الأولى. وكما أشكر كل من قدَّم لي نصيحة أو مشورة أو تصحيحًا أثناء إعداد الكتاب لطبعته الثانية، وأخص بالذكر أخي الدكتور عبد الرحمن بن معاضة الشهري الذي كان أول من قرأ الكتاب في طبعته الأولى، وأرشدني إلى تصويب بعض الأخطاء فيها، كما قام بالتعريف بهذا الشرح في (ملتقى أهل

1 / 3

التفسير/ www.tafsir.net) على الشبكة العنكبوتية، فجزاه الله عني أفضل الجزاء. وإني لأسأل الله لي ولجميع من أفادني في هذا الكتاب أو استفاد منه التوفيق والسداد، والرضا والقبول من رب العباد. د. مساعد بن سليمان بن ناصر الطيار كلية المعلمين بالرياض attyyar@hotmail.com ص. ب/٤٣٠٥٨ الرياض/١١٥٦١

1 / 4

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي يسَّر لي إتمام هذا الشرح على ما كان، وأصلي وأسلم على رسوله خير الأكوان، وأثنِّي بالصلاة على الآل الكرام، ثمَّ على الصَّحْبِ العظام، ثمَّ على التابعين إلى يوم القيام. أحمدك ربي على نعمك الوفيرة، وآلائك العظيمة، أحمدك على تيسير كل عسير، وعلى تبليغي ما كنت إليه أصبو وأسير، أحمدك حمد عاجزٍ عن الثناء عليك بما أنت أهله، فلك الحمد مثل ما أقول، وفوق ما أقول، فلك الحمد أولًا وآخرًا. أما بعد: فهذا شرح - قد منَّ الله به عليَّ - لرسالة شيخ الإسلام التي أجاب فيها بعض أصحابه الذين سألوه أن يكتب لهم (مقدمة تتضمن قواعد كلية، تعين على فهم القرآن ومعرفة تفسيره ومعانيه، والتمييز في منقول ذلك ومعقوله بين الحق وأنواع الأباطيل، والتنبيه على الدليل الفاصل بين الأقاويل)، وهي التي سُمِّيت - فيما اشتهر - بمقدمة في أصول التفسير. ولقد وفَّقني الله لقراءة هذه المقدمة مراتٍ كثيرة، كما وفَّقني لشرحها كذلك. ولقد حرصت على سماع بعض شروحها الموجودة اليوم لبعض العلماء (١)، فرأيت أنَّ هذه المقدمة بحاجة إلى أمورٍ لم أرها في شروحهم

(١) اطلعت على تعليقات الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله تعالى - التي أشرف على طبعها الشيخ عبد الله الطيار، وشرح العلامة الشيخ عبد الله بن جبرين =

1 / 5

النافعة، فاستعنت الله على ذلك، وبدأت في كتابة هذا الشرح الذي أسأل الله أن يلقى القبول الحسن. ولقد عمدتُ في المقدمة وشرحها إلى الأمور الآتية: أولًا: ما يتعلق بالمقدمة: ١ - مراجعة مخطوطة دار الكتب القومية بمصر (١). ٢ - تقسيم المقدمة إلى فِقَرٍ مرقَّمة، وقد جعلتها أمام كلِّ فقرة. ٣ - وضع عناوين جانبية للموضوعات التي طرحها الشيخ في رسالته. ٤ - التعليق على نصِّ المقدمة بما يحتاجه النصُّ، وتوضيح ما غمض من عبارات هذه المقدِّمة. ثانيًا: ما يتعلق بشرح هذه المقدمة: ١ - جعلت في الحاشية التي أمام النصوص المشروحة رقم الفقرة من مقدمة شيخ الإسلام ليسهل على القارئ معرفة النص المشروح. وقد يكون الشرح لأكثر من نصٍّ، فإني أذكر أرقامه على ما يتيسر لي،

= حفظه الله، وشرح الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية، وشرح الشيخ عبد الرحمن بن صالح الدهش، وشرح الشيخ صالح الأسمري، ولم يتسنَّ لي الاطلاع على شرحٍ للشيخ محمد بازمول. (١) أتحفني أخي سالم العماري بهذه النسخة، وقد أخبرني الشيخ المحقق علي العمران عن نسخة عنده، فظهر أنها النسخة نفسها التي أُرسلت إليَّ، وهي نسخة دار الكتب القومية بمصر، تحت رقم ٢٢٩ تفسير، تيمورية. وأطلعني الأخ سالم على معلومة مفادها أن هناك نسخة أخرى في المكتبة السليمانية بتركيا (الرقم ٤، الخزانة: خليل أوكتين (١:٢٩٧)، عدد الأوراق ٥٩ص). ولم أعتنِ كثيرًا بتحقيق النصِّ من خلال المخطوط الذي بين يدي لأنَّ نسخة الدكتور عدنان زرزور موافقة لهذه النسخة، وقد تركت الاعتناء بتحقيقها لأجل وجود نسخٍ أخرى لهذا الكتاب المبارك، أسأل الله تيسير ذلك.

1 / 6

لأنَّ بعض النصوص المرقمة تنتظم في وحدة موضوعية كما هو الحال في آخر موضوعات هذه الرسالة، وهو تحرج بعض السلف في تفسير القرآن. ٢ - بيان الأمثلة التفسيرية للموضوعات التي طرحها الشيخ ﵀. ٣ - ذكر ما أجده من المواطن الأخرى من كتبه التي تكلم عنها فيما يخص موضوعات المقدمة التفسيرية، وقد جعلت بعضها ضمن الشرح، وبعضها الآخر في ملحق جعلته في نهاية هذا الشرح. ٤ - ذكر نماذج من التفاسير التي ذكرها، فيما يخصُّ نقده لها. ٥ - الإعراض عن تفصيل المسائل العلمية التي لا علاقة لها بالتفسير. ٦ - حرصت أن لا أخرج إلى إضافات على ما ذكره الشيخ رحمه الله تعالى؛ لئلا يطول الشرح، ويخرج عن الأفكار التي طرحها ﵀. ٧ - حرصت على أن أذكر بعض الكتب المعاصرة التي درست شيئًا من الموضوعات التي طرحها الشيخ رحمه الله تعالى، ولم أقصد الاستيعاب لما كتبه المعاصرون؛ لأن ذلك أمر غير ممكن (١). وأخيرًا .. إنني لأشكر الله شكرًا كثيرًا على ما أتمَّ عليَّ من هذا الشرح، ثمَّ أشكر الإخوة الكرام الذين أعانوني في عملي هذا، وأخصُّ منهم أخي الكريم سامي بن محمد بن جاد الله الذي أفادني في قراءته هذا الشرح، كما أشكر الأخ الفاضل علي بن أحمد بامرعي الذي تفضَّل بفهرسة هذا الشرح فهرسة فنية كاملة، والأخ سالم العماري الذي أهداني صورة لمخطوطة

(١) لعلي أتمكن - إن شاء الله - في طبعات قادمة من أن أزيد في الكتب التي بحثت شيئًا من أفكار هذه المقدمة؛ ليتسنَّى لمن أراد شرحها أن يطلع على أكبر قدر ممكن من المعلومات المساعدة له في شرحه.

1 / 7

رسالة شيخ الإسلام، فأسأل الله أن يجعل ما قدمته وقدَّموه في ميزان حسناتنا يوم أن نلقاه، وأن يغفر لنا خطايانا، وأن يشمل بعفوه والدينا ومشايخنا وأهلينا وإخواننا، إنه كريم مجيب. كتبه د. مساعد بن سليمان بن ناصر الطيار كلية المعلمين بالرياض attayyar@hotmail.com ص. ب/٤٣٠٥٨ الرياض/١١٥٦١

1 / 8

مدخل إلى رسالة شيخ الإسلام

1 / 9

أهم طبعات المقدمة: لهذه المقدمة عدَّة طبعات، وأفضلها التي حققها الدكتور عدنان زرزور، وقد قدَّم لها بمقدمة حسنة في التعريف بها. وقد سبقها (١) ولحقها طبعات، لكنها ليست بمستواها من حيث العناية بالنَّص، ولا بالإخراج الفني لها. عنوان هذه المقدمة: تسمَّى هذه الرسالة (مقدمة في أصول التفسير)، وهذا العنوان ليس من صنع شيخ الإسلام، بل هو من صنع القاضي الحنبلي بدمشق (محمد جميل الشطي)، الذي نشر الرسالة عام ١٣٥٥ (٢). وقد قال شيخ الإسلام في مقدمة رسالته: «فقد سألني بعض الإخوان أن أكتب له مقدمةً تتضمَّنُ قواعدَ كليةً تُعينُ على فَهْمِ القرآنِ، ومعرفةِ تفسيرِه ومعانيه، والتمييزِ - في منقولِ ذلك ومعقولِه - بين الحقِّ وأنواعِ الأباطيلِ، والتنبيه على الدليلِ الفاصلِ بين الأقاويلِ» (٣).

(١) ينظر: مقدمة الدكتور عدنان زرزور فقد تكلم عن الطبعات السابقة لطبعته. (٢) يقول الدكتور عدنان زرزور (ص:٢٢): «وليس هناك ما يشير إلى تسميتها بـ «مقدمة في أصول التفسير»، ولكن الذي دعا الشيخ محمد جميل الشطي - رحمه الله تعالى - إلى تسميتها بهذا الاسم - إلى جانب موضوعها بالطبع - قول ابن تيمية في فاتحتها: «فقد سألني بعض الإخوان أن أكتب له مقدمة تتضمن قواعد كلية تعين على فهم القرآن، ومعرفة تفسيره ومعانيه ...»، والقواعد الكلية هي التي يُعبَّر عنها بـ «الأصول»، وإن كان لا مانع من أن تسمى: مقدمة في قواعد التفسير». (٣) مقدمة في أصول التفسير، تحقيق: عدنان زرزور (ص:٣٣).

1 / 11

متى كتب شيخ الإسلام المقدمة؟ لا يظهر من هذه الرسالة متى كتبها شيخ الإسلام؟ وقد ذكر ابن القيم (ت:٧٥١) في مدارج السالكين ما يمكن أن يفيد عن وقتها، قال: «وبعثَ إليَّ في آخر عمره قاعدةً في التفسير بخطِّه ...» (١). وقد تكون هذه القاعدة التي أرسلها لتلميذه هي هذه الرسالة. وواضحٌ فيها أنه كتبها بعد قراءة واسعة في كتب التفسير، وهذا ظاهر من عدد التفاسير التي ذكرها، ومن طريقته في معالجة الموضوعات التي طرحها. وشيخ الإسلام من المفسرين المحررين، وقد كان واسع الاطلاع على تفاسير السلف والخلف، وكان ذا حافظةٍ فذَّة، ونفسٍ ناقدةٍ لما تقرأ، وقد مكَّنه ذلك من القدرة على تحرير التفسير، فلم يكن ناقلًا، بل كان ناقدًا مرجِّحًا. قال تلميذه ابن عبد الهادي: «قال الشيخ أبو عبد الله بن رشيق - وكان من أخص أصحاب شيخنا، وأكثرهم كتابة لكلامه، وحرصًا على جمعه ـ: كتب الشيخ ﵀ نقول السلف مجردةً عن الاستدلال على جميع القرآن (٢)، وكتب في أوله قطعة كبيرة بالاستدلال، ورأيت له سورًا وآيات يفسرها، ويقول في بعضها: كَتَبْتُهُ للتَّذَكُّرِ، ونحو ذلك. ثم لما حُبِسَ في آخر عمره كَتَبْتُ له أن يكتبَ على جميع القرآن تفسيرًا مرتَّبًا على السُّور، فكتب يقول: إن القرآن فيه ما هو بَيِّنٌ بنفسه (٣)،

(١) مدارج السالكين (١:٥٢٠). (٢) هذه الطريقة شبيهة بما فعل السيوطي في الدر المنثور. (٣) هذا النقل يفيد في تحرير مراد شيخ الإسلام في كون الرسول ﷺ قد بيَّن للصحابة معاني القرآن كما بيَّن لهم ألفاظه، حيث جعل قدرًا منه بيِّنًا بنفسه، فإذا كان يبين للمتأخرين فمن باب أولى أن يكون بيِّنًا لمن نزل عليهم بلغتهم، وهم يعرفون أحواله.

1 / 12

وفيه ما قد بيَّنه المفسرون في غير كتاب، ولكن بعض الآيات أشكلَ تفسيرُها على جماعة من العلماء، فربما يطالع الإنسان عليها عِدَّةَ كُتُبٍ ولا يتبيَّنُ له تفسيرُها، وربما كتب المصنِّفُ الواحدُ في آية تفسيرًا ويفسِّرُ غيرَها بنظيره، فقصدت تفسير تلك الآيات بالدليل، لأنه أهمُّ من غيره، وإذا تبيَّن معنى آية تبيَّن معاني نظائرِها. وقال: قد فتح الله عليَّ في هذه المرَّةِ من معاني القرآن، ومن أصول العلم بأشياء كان كثير من العلماء يتمنونها، ونَدِمْتُ على تضييع أكثر أوقاتي في غير معاني القرآن، أو نحو هذا» (١). من أفاد من المقدمة: جُلُّ من كتب في مسائل هذا العلم بعد شيخ الإسلام ابن تيمية؛ عالةٌ على هذه الرسالة الفريدة في بابها. وعلى وجازتها؛ فإنه قد استفاد منها كثيرٌ ممن جاء بعد شيخ الإسلام، ومنهم: ١ - تلميذه ابن كثيرٍ (ت:٧٧٤) الذي ذكر جزءًا من موضوعات المقدمة في مقدمة تفسيره (٢)، ولم يُشر فيها إلى أنه ينقل من هذه الرسالة، كما هي عادة بعض العلماء في نقولاتهم. ٢ - الزركشي (ت:٧٩٤) في كتابه البرهان في علوم القرآن (٣). ٣ - السيوطي (ت:٩١١) في الإتقان في علوم القرآن (٤). ٤ - القاسمي (ت:١٣٣٢) في مقدمة تفسيره محاسن التأويل (٥).

(١) العقود الدرية (٤٣ - ٤٤). (٢) ينظر: تفسير ابن كثير، تحقيق: البنا (١:٣٩ - ٤٥). (٣) ينظر (٢:١٧٥)، وغيرها. (٤) ينظر النوع الثامن والسبعون. (٥) محاسن التأويل (١:١٧ - ٢٢).

1 / 13

وهناك غيرهم من اللاحقين والمعاصرين. الموضوعات التي طرقتها المقدمة: وتنقسم أفكار هذه الرسالة إلى: * بيان الرسول ﷺ معاني القرآن وألفاظه للصحابة. * اختلاف التنوع والتضاد في تفسير السلف. * سبب الاختلاف من جهة المنقول ومن جهة الاستدلال. * أحسن طرق التفسير. * التفسير بالرأي (١). مع طرحه لبعض المسائل العلمية المتعلقة بالتفسير وكتب التفسير أثناء هذه الموضوعات.

(١) ينظر كلام الدكتور عدنان زرزور حول هذه الأفكار (ص:١٥ - ١٩).

1 / 14

مقدمة المؤلف

1 / 15

قال شيخ الإسلام: بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر وأعن برحمتك (١) الحمد لله، نستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ﷺ تسليمًا. (٢) أما بعد: فقد سألني بعض الإخوان أن أكتب له مقدمة تتضمن قواعد كلية، تعين على فهم القرآن ومعرفة تفسيره ومعانيه، والتمييز في منقول ذلك ومعقوله بين الحق وأنواع الأباطيل، والتنبيه على الدليل الفاصل بين الأقاويل؛ فإنَّ الكتب المصنفة في التفسير مشحونة بالغث والسمين، والباطل الواضح والحق المبين (١). (٣) والعلم إما نقل مصدق عن معصوم، وإما قول عليه دليل معلوم، وما سوى هذا فإما مزيف مردود، وإما موقوف لا يعلم أنه بهرج ولا منقود (٢).

(١) المراد بهذا الكتب المتأخرة لأن التفاسير التي يذكر فيها كلام السلف صرفًا لا يكاد يوجد فيها خطأ من جهة الاستدلال، وإن كان قد يوجد فيها خطأ من جهة النقل. (٢) هذه قاعدة علمية، فالعلم إما أن يكون صادرًا عن معصوم وهو النبي ﷺ، ويلحق بذلك الإجماع فإن المسلمين لا يجمعون على خطأ، ومثال ذلك إثبات صفة العلو لله تعالى فإنه ثبت عن النبي ﷺ وهو معصوم. =

1 / 17

(٤) وحاجة الأمة ماسَّة إلى فهم القرآن الذي هو حبل الله المتين، والذكر الحكيم، والصراط المستقيم، الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسن، ولا يَخْلَقُ عن كثرة الترديد، ولا تنقضي عجائبه، ولا يشبع منه العلماء، من قال به صدق، ومن عمل به أُجِرَ، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم، ومن تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله (١). قال تعالى: ﴿يَاتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى﴾ ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى *قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا *قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى﴾ [طه: ١٢٣ - ١٢٦].

= وقد أشار إلى عصمة الإجماع في هذه الرسالة عند حديثه عن حديث جابر في بيع جمله، قال: «... فإن جمهور ما في البخاري ومسلم مما يقطع بأن النبي ﷺ قاله؛ لأن غالبه من هذا النحو؛ ولأنه قد تلقاه أهل العلم بالقبول والتصديق، والأمة لا تجتمع على خطأ؛ فلو كان الحديث كذبًا في نفس الأمر، والأمة مصدقة له قابلة له لكانوا قد أجمعوا على تصديق ما هو في نفس الأمر كذب، وهذا إجماع على الخطأ وذلك ممتنع، وإن كنا نحن بدون الإجماع نُجَوِّزُ الخطأ أو الكذب على الخبر، فهو كتجويزنا قبل أن نعلم الإجماع على العلم الذي ثبت بظاهر أو قياس ظني أن يكون الحق في الباطن بخلاف ما اعتقدناه، فإذا أجمعوا على الحكم جزمنا بأن الحكم ثابت باطنًا وظاهرًا». وإما أن يكون قولًا عليه دليل معلوم، وذلك مثل الاستدلال على أن المراد بالقرء الطهر، أو أن المراد به الحيض في قوله تعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ﴾ [البقرة: ٢٢٨]. وما سوى ذلك من العلم: فإما باطل غير مقبول، وإما متوقف فيه، وذلك مثل بعض الأخبار المروية عن بني إسرائيل وغيرهم التي لم يرد في شرعنا ما يخالفها، فلا تستطيع أن تكذبها، ولا أن تصدقها؛ لأنها تحتمل الصدق وتحتمل الكذب، فتتوقف فيها، ولا تجزم فيها بصدق، ولا كذب. (١) هذه الصفات للقرآن الكريم اقتبسها الشيخ ﵀ من الأثر المروي عن علي بن أبي طالب ﵁.

1 / 18

وقال تعالى: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ﴾ ﴿يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [المائدة: ١٥ - ١٦]. وقال تعالى: ﴿الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ ﴿اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ﴾ [إبراهيم: ١، ٢]. وقال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقَيمٍ *صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ أَلاَ إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأُمُورُ﴾ [الشورى: ٥٢، ٥٣]. (٥) وقد كتبت هذه المقدمة مختصرة بحسب تيسير الله تعالى من إملاء الفؤاد (١)، والله الهادي إلى سبيل الرشاد.

(١) قوله: «من إملاء الفؤاد» يشير إلى أمرين: الأول: أنه كتبها من حفظه، ولم يكن رجع إلى مصادر التفسير أو غيرها لكتابة إجابته على هذه المسألة. الثاني: أنه لم يراجع هذه المقدمة، ويستفاد من هذا أن ما وقع من أخطاء جلية في هذه المقدمة، فهو راجع إلى كونها إملاءً لم يُراجع، فتُحمل على سبق الذهن والوهم، والإملاء لا يكاد يسلم من الخطأ كما هو معروف مُجَرَّبٌ، فإن الإنسان إذا كتب شيئًا ثمَّ راجعه، فإنه يزيد فيه وينقص، ويصحح ما يقع عليه نظره من الأخطاء التي مرَّت عليه في الإملاء بسبب سبق الخاطر أو القلم. يقول ابن دريد - معتذرًا عما قد يقع في إملائه لكتاب جمهرة اللغة ـ: «فإن كنا أغفلنا من ذلك شيئًا؛ لم يُنكر علينا إغفاله؛ لأنا أمليناه حفظًا، والشذوذ مع الإملاء لا يُدفع». جمهرة اللغة، تحقيق: البعلبكي (٣:١٣٣٩)، وقال في موطن آخر (٢:١٠٨٥): «وإنما أملينا هذا الكتاب ارتجالًا، لا عن نسخة، ولا تخليد في كتاب قبله، فمن نظر فيه فليخاصم نفسه بذلك، فيعذر إن كان فيه تقصير أو تكرير».

1 / 19

شرح مقدمة المؤلف

1 / 21

-[مسائل مقدمة المؤلف]- أولًا: ابتدأ المؤلف ببيان سبب تأليف هذه المقدمة، وهو: أن بعض الإخوان سأله أن يبين له قواعد كلية تعينه على أمرين، هما: ١ - فهم القرآن ومعرفة تفسيره ومعانيه. ٢ - معرفة الدليل الفاصل بين الحق والباطل من الأقوال التي قيلت في التفسير. ثانيًا: أشار المؤلف إلى أمرين متعلقين بالتفسير: الأول: قوله: «فإنَّ الكتب المصنفة في التفسير مشحونة بالغث والسمين، والباطل الواضح والحق المبين». والكتب المصنفة عنده على نوعين: النوع الأول: الكتب التي تنقل أقوال السلف (أي: الصحابة والتابعين وأتباع التابعين) صِرْفَة (أي: غير مخلوطة بآراء المتأخرين)، وهذه يوجد فيها شيءٌ من الغثِّ من جهة النقل؛ كالمنقول عن بني إسرائيل. النوع الثاني: كتب المتأخرين، ويوجد فيها الغثُّ من جهتين: الجهة الأولى: جهة النقل؛ كالآثار الموضوعة في فضائل السور. الجهة الثانية: جهة الرأي الفاسد، وهذا كثير في تفاسير المتأخرين. وقد أشار إلى شيء من هذا عند حديثه عن النوع الثاني من مستندي الاستدلال، قال: «وأما النوع الثاني من مستندي الاختلاف وهو ما يعلم بالاستدلال لا بالنقل، فهذا أكثر ما فيه الخطأ من جهتين - حدثتا بعد تفسير

Неизвестная страница

الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان؛ فإن التفاسير التي يذكر فيها كلام هؤلاء صرفًا لا يكاد يوجد فيها شيء من هاتين الجهتين مثل تفسير عبد الرزاق، ووكيع، وعبد بن حميد، وعبد الرحمن بن إبراهيم دحيم، ومثل تفسير الإمام أحمد، وإسحاق بن راهويه، وبَقِي بن مخلد، وأبي بكر بن المنذر، وسفيان بن عيينة، وسنيد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبي سعيد الأشج، وأبي عبد الله بن ماجه، وابن مردويه ...». الثاني: أن التفسير إما منقول وإما معقول، وقد ذكر هذه الجزئية وشرحها في فصل خاصٍّ، قال: «... منه ما مستنده النقل فقط، ومنه ما يعلم بغير ذلك؛ إذ العلم إما نقل مصدق وإما استدلال محقق، والمنقول إما عن المعصوم وإما عن غير المعصوم، والمقصود بأن جنس المنقول سواء كان عن المعصوم أو غير المعصوم - وهذا هو النوع الأول - منه ما يمكن معرفة الصحيح منه والضعيف، ومنه ما لا يمكن معرفة ذلك فيه. وهذا القسم الثاني من المنقول - وهو ما لا طريق لنا إلى الجزم بالصدق منه - عامته مما لا فائدة فيه، فالكلام فيه من فضول الكلام، وأما ما يحتاج المسلمون إلى معرفته، فإن الله نصب على الحق فيه دليلًا». ويَحْسُنُ أن يعلم أن تحديد المنقول والمعقول من التفسير قضية نسبية تختلف باختلاف العصر، فقد يكون معقولًا في عصر ما هو منقول في عصر آخر، فإذا نظرت في عصر الصحابة فإن كل ما يروونه عن النبي ﷺ من الأخبار المغيبة - بما فيها أخبار بني إسرائيل - وما يروونه من أسباب النُّزول = كل ذلك يعد منقولًا بالنسبة لهم، فيدخل في التفسير المنقول. أما ما قالوه بآرائهم سواء اتفقوا فيه أو اختلفوا، كاختلافهم في المراد بلفظ (القرء) هل هو الطهر أم الحيض؟ والمراد بالعاديات هل هي الإبل أم الخيل؟ ونحو ذلك مما كان مستنده الرأي المحمود = فإنه يدخل في باب التفسير المعقول، وجُلُّ تفسير مفسري الصحابة من هذا القسم.

1 / 24