قيل: ومكانه بين الجنة والنار، أي: في آخر الصراط، يستقبل به العرش، يأخذ جبريل بعموده ناظرًا إلى لسانه، وميكائيل أمينٌ عليه، تحضره الجنة والناس.
ومنه (الصراط) وهو لغة: الطريق الواضح. وشرعًا: جسر ممدود على متن جهنم، يرده الأولون والآخرون، وهذا معنى: (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا) [مريم:٧١]، وفي حافتيه كلاليب تأخذ من أمرت به إلى النار.
قال الحليمي: (الكفار لا يمرون عليه، وهو محمول على آخره؛ لأنهم يقعون منه في النار قبل جوازه)، وقيل: بعضهم لا يمر عليه، وهم من عدا المنافقين واليهود والنصارى. وقيل: صراطان: صراط للمؤمنين، وصراط للكفار، ويكفينا الإيمان بالصراط، وقيل: يتسع في بعض المواضع، وفيه طريقان: يمنى لأهل السعادة، ويسرى لأهل الشقاوة، وقيل: عرض صراط كل أحد على قدر نوره.
وطوله ألف سنة صعودًا وألف هبوطًا وألف استواءً، وفيه سبع قناطر، يسأل فيها عن الشهادتين والصلاة والصيام والزكاة والحج والوضوء والغسل، وفي السابعة عن مظالم العباد، ويقف جبريل أوله، وميكائيل وسطه يسألان المكلف عن عمره فيم أفناه؟ وعن شبابه فيم أبلاه؟ وعن علمه ماذا عمل به؟ وعن ماله من أين اكتسبه، وفيماذا أنفقه؟
ومنه حوض النبي ﷺ، من شرب منه شربة .. لا يظمأ بعدها، ترده هذه الأمة دون غيرها.
واختلف هل هو قبل الصراط أو بعده؟ أو هما حوضان أحدهما قبله والآخر بعده؟.
ومنه (الشفاعة) وهي متعددة، وهي عشر، كما ذكرتها في "مفتاح السعادة" أعظمها: شفاعة المصطفى ﷺ في فصل القضاء في خلقه بعد شدائد الموقف وطول القيام، وتردد الناس من نبي إلى نبي حتى ينتهوا إلى نبينا ﷺ، فيقول: "أنا لها" حتى يأذن الله لمن يشاء ويرضى.
وهذه الشفاعة هي المقام المحمود، أو أوله، وبقية الشفاعات بعضها مختصة به، وبعضها يشاركه فيها غيره من الأنبياء، والملائكة، وكمل المؤمنين، إلا التي فيمن قال: لا إله إلا الله، ولم يعمل خيرًا قط .. فمختصة بالرؤوف الرحيم.
ومنه دخول النار مؤبدًا للكفار، وإلى مدة يريدها الله تعالى لمن لم يعف الله عنه من عصاة المؤمنين بلا خلود، أقلها لحظة، وأقصاها سبعة آلاف سنة من أهل كل كبيرة ولو
1 / 67