والمستحيل على وجه الإحاطة على ما هو به، من غير سبق خفاء.
والثالثة: (الإرادة) وهي: صفة، قديمة، يتحصل بها تخصيص كل ممكن -فعلًا أو تركًا- ببعض ما يجوز عليه من الممكنات المتقابلات على وَفق العلم، كزيد الموجود، فإنه يجوز أن يوجد، وأن لا، وأن يوجد في هذا الزمان وغيره، وطويلًا وقصيرًا، وأبيض وأسود فخصصته بالوجود، وبهذا الزمان، وبالطول، وبالبياض، وهكذا، حتى لا تمد بعوضة جناحها في محل إلا وقد سبق علم الله بذلك، وخصصته الإرادة.
والرابعة: (القدرة) وهي: صفة، قديمة، يتحصل بها إيجاد كل ممكن، وإعدامه على وفق الإرادة، فلا يقع في الكون شيء إلا وهو بقدرته تعالى على وفق ما سبقت به الإرادة والعلم.
ومعنى تعلقها بكل ممكن: أنها صالحة للتأثير في كل ممكن، أي: تتعلق بكل ممكن تعلقًا صلوحيًا.
وأما التعلق التنجيزي: فما تعلقت الإرادة بإيجاده، أو إعدامه .. تعلقت به القدرة، أي: أثرت فيه الإيجاد في الأول، والإعدام في الثاني.
وما تعلقت الإرادة بأنه لا يوجد كإيمان أبي جهل .. فلا تتعلق به القدرة؛ لأنها لا تأثير لها في العدم.
نعم؛ هو في قبضته تعالى؛ لأنه يقدر على تغييره.
تنبيهان:
الأول: إسناد التخصيص للإرادة، والتأثير للقدرة مجاز؛ إذ التأثير للذات العلية، وكذا التخصيص، لا لهما، كما أن المعبود هو الذات لا الصفات، وكذا في بقية الصفات.
نعم؛ محله فيمن قال: الإرادة: صفة تخصص كل ممكن، والقدرة: صفة تؤثر فيه.
أما من عبر بـ (يتحصل بها) فيهما -كما مر- فالباء في (بها) للسببية فيهما .. فلا مجاز، فتأمله.
الثاني: علم من تعريف الإرادة والقدرة أنهما عامتان في متعلقهما، فلا يخرج عنهما ممكن؛ إذ لو خرج .. لا ستحال ما علم جوازه؛ لأن تعلقهما على وفق العلم، إذ بتأثير الغير فيه يتبين أنه لا يجوز تعلقهما به، إذ ما هو من فعل غيرهما يمتنع تأثيرهما فيه، ويبطل عموم تعلقهما، أو احتاجا إلى مخصص يخصصهما بغير ذلك الممكن؛ إذ
1 / 59