274

Шарх Мухтасар аль-Рауда

شرح مختصر الروضة

Редактор

عبد الله بن عبد المحسن التركي

Издатель

مؤسسة الرسالة

Номер издания

الأولى

Год публикации

١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
" وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ: هُوَ قَضَاءٌ، لِأَنَّهُ تَضَيَّقَ عَلَيْهِ بِمُقْتَضَى ظَنِّهِ الْمَوْتَ قَبْلَ فِعْلِهِ "، أَيْ: لَمَّا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَمُوتُ قَبْلَ فِعْلِهِ، صَارَ مُضَيَّقًا فِي حَقِّهِ بِمُقْتَضَى ظَنِّهِ ذَلِكَ، وَصَارَ كَأَنَّ آخِرَ وَقْتِهِ هُوَ أَوَّلُ الْوَقْتِ الَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ يَمُوتُ فِيهِ، فَصَارَ فِعْلُهُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ خَارِجًا عَنِ الْوَقْتِ الْمُضَيَّقِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ فَعَلَهُ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ الْأَصْلِيِّ الْمُقَدَّرِ لَهُ شَرْعًا، وَهُوَ عِنْدَ صَيْرُورَةِ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ فِي الظُّهْرِ.
وَمَأْخَذُ الْخِلَافِ: أَنَّ الْمُلَاحَظَ هَاهُنَا هُوَ تَصَرُّفُ الشَّرْعِ فِي تَقْدِيرِ الْوَقْتِ فِي الْأَصْلِ، أَوْ تَصَرُّفِهِ فِي التَّعَبُّدِ بِالظَّنِّ، لِأَنَّا إِنْ لَاحَظْنَا الْأَوَّلَ، فَالْوَقْتُ الْأَصْلِيُّ بَاقٍ، وَأَلْغَيْنَا ظَنَّ الْمَوْتِ قَبْلَ الْفِعْلِ لِتَبَيُّنِ بُطْلَانِهِ، وَإِنْ لَاحَظْنَا الثَّانِيَ، فَقَدْ عَصَى بِمُقْتَضَى ظَنِّهِ الْمَذْكُورِ، وَاسْتَقَرَّ الْحُكْمُ عَلَيْهِ، وَانْتَقَلَ الْحُكْمُ مِنَ التَّقْدِيرِ الشَّرْعِيِّ إِلَى مُقْتَضَى التَّعَبُّدِ الِاجْتِهَادِيِّ الظَّنِّيِّ.
قَوْلُهُ: " وَقَدْ أَلْزَمَ " إِلَى آخِرِهِ، أَيْ: وَقَدْ أَلْزَمَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ " نِيَّةَ الْقَضَاءِ، وَهُوَ بَعِيدٌ " أَيْ: أَلْزَمَهُ الْأُصُولِيُّونَ، فَقَالُوا لَهُ. إِذَا قُلْتَ: إِنَّ هَذَا الْفِعْلَ قَضَاءٌ، لَزِمَكَ أَنْ تُوجِبَ إِيقَاعَهُ بِنِيَّةِ الْقَضَاءِ، وَهُوَ بَعِيدٌ، لِأَنَّ وَقْتَ الْأَدَاءِ بِأَصْلِ الشَّرْعِ بَاقٍ، وَلَا قَضَاءَ فِي وَقْتِ الْأَدَاءِ، لِأَنَّ الْأَدَاءَ وَالْقَضَاءَ مُتَنَافِيَانِ، كَمَا سَيَأْتِي فِي

1 / 325