165

Шарх Мухтасар аль-Рауда

شرح مختصر الروضة

Редактор

عبد الله بن عبد المحسن التركي

Издатель

مؤسسة الرسالة

Издание

الأولى

Год публикации

١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الثَّوَابَ الشَّرْعِيَّ إِلَّا بِنِيَّةِ التَّقَرُّبِ، وَتَارِكُ الْمَحْظُورِ لَا يُثَابُ عَلَيْهِ الثَّوَابَ الشَّرْعِيَّ، وَهُوَ ثَوَابُ مَنِ اتَّقَى اللَّهَ ﷾ وَخَافَهُ، وَآثَرَهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَتَرَكَ شَهَوَاتِهِ لِرِضَاهُ، إِلَّا بِنِيَّةِ ذَلِكَ، وَالثَّوَابُ وَالْعِقَابُ مِنْ آثَارِ التَّكْلِيفِ، وَكَلَامُنَا فِيهِ.
أَمَّا بَرَاءَةُ الْعُهْدَةِ مِنْ مَفْسَدَةِ الْمَنْهِيِّ بِتَرْكِهِ، فَذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ الْعَدْلِ، يَسْتَوِي فِيهِ الْمُؤْمِنُونَ وَالْكُفَّارُ، وَالْعُقَلَاءُ وَغَيْرُهُمْ، حَتَّى إِنَّ الْمَجْنُونَ لَوْ أَكْرَهَ امْرَأَةً عَلَى الزِّنَى، وَجَبَ مَهْرُهَا فِي مَالِهِ، وَلَوْ هَمَّ بِهَا، ثُمَّ كَفَّ عَنْهَا، خَرَجَ عَنْ عُهْدَةِ الْغَرَامَةِ الَّتِي كَانَتْ مُتَوَقَّعَةً بِفِعْلِهِ لَوْ فَعَلَ، وَلَمْ يَجِبْ فِي مَالِهِ شَيْءٌ، وَكَذَلِكَ الْعَاقِلُ الْمُسْلِمُ، لَوْ فَعَلَ هَذَا بِعَيْنِهِ، لَلَزِمَهُ الْمَهْرُ مِنْ حَيْثُ الْعَدْلِ، وَالْإِثْمُ مِنْ حَيْثُ التَّكْلِيفِ، وَلَوْ كَفَّ عَنْهَا بَعْدَ أَنْ هَمَّ بِهَا نَاوِيًا التَّقَرُّبَ، لَبَرِئَ مِنْ عُهْدَةِ الْمَهْرِ، مِنْ حَيْثُ الْعَدْلِ، وَمِنْ عُهْدَةِ الْحَدِّ، مِنْ حَيْثُ التَّكْلِيفِ، وَلَحَصَلَ لَهُ أَجْرُ الْكَفِّ، وَثَوَابُ الْمُتَّقِينَ، مِنْ حَيْثُ التَّكْلِيفِ أَيْضًا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى﴾ ﴿فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ [النَّازِعَاتِ: ٤٠ - ٤١]، وَلَوْ كَفَّ عَنْهَا غَيْرَ نَاوٍ لِلْقُرْبَةِ، بَرِئَ مِنْ عُهْدَةِ الْمَهْرِ، مِنْ حَيْثُ الْعَدْلِ الثَّابِتِ بَيْنَ الْمَخْلُوقِينَ، وَبَرِئَ مِنْ عُهْدَةِ الْحَدِّ، مِنْ حَيْثُ التَّكْلِيفِ بِمُقْتَضَى الْعَدْلِ الثَّابِتِ بَيْنَ اللَّهِ ﷾ وَخَلْقِهِ، ثُمَّ نَظَرْنَا، فَإِنْ كَانَ كَفُّهُ خَوْفًا مِنْ مَخْلُوقٍ، فَهُوَ جُبْنٌ لَا تَقْوَى، وَإِنْ كَانَ إِيثَارًا لِطَهَارَةِ الْعِرْضِ، وَالشَّجَاعَةِ عَلَى ضَبْطِ النَّفْسِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَتَعَافَاهُ أَصْحَابُ الْهِمَمِ وَالنُّفُوسِ الْفَاضِلَةِ الْأَبِيَّةِ، فَهَذَا مَحْمُودٌ عَلَى عَفَافِهِ الْعُرْفِيِّ، وَبِالضَّرُورَةِ لَا يُسَاوِي مَنْ كَانَ كَفُّهُ خَوْفًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَرَغْبَةً فِيمَا عِنْدَهُ.

1 / 216