148

Шарх Мухтасар аль-Рауда

شرح مختصر الروضة

Исследователь

عبد الله بن عبد المحسن التركي

Издатель

مؤسسة الرسالة

Номер издания

الأولى

Год публикации

١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م

وَالْحَقُّ أَنَّ الْخِلَافَ فِيهِ مَبْنِيٌّ عَلَى خَلْقِ الْأَفْعَالِ، مَنْ رَآهَا خَلْقَ اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ بِتَكْلِيفِ الْمُكْرَهِ، إِذْ جَمِيعُ الْأَفْعَالِ وَاجِبَةٌ بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى، فَالتَّكْلِيفُ بِإِيجَادِ الْمَأْمُورِ بِهِ مِنْهَا وَتَركِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، غَيْرُ مَقْدُورٍ، وَهَذَا أَبْلَغُ. وَمَنْ لَا، فَلَا. وَالْعَدْلُ الشَّرْعِيُّ الظَّاهِرُ، يَقْتَضِي عَدَمَ تَكْلِيفِهِ.
ــ
قَوْلُهُ: «وَالْحَقُّ أَنَّ الْخِلَافَ فِيهِ مَبْنِيٌّ عَلَى خَلْقِ الْأَفْعَالِ» . هَذَا مَأْخَذُ الْمَسْأَلَةِ اسْتَخْرَجْتُهُ أَنَا بِالنَّظَرِ، وَهُوَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي تَكْلِيفِ الْمُكْرَهِ، يُنَاسِبُ بِنَاؤُهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي خَلْقِ الْأَفْعَالِ، «فَمَنْ رَآهَا خَلْقَ اللَّهِ ﷾» اتَّجَهَ لَهُ أَنْ يَقُولَ «بِتَكْلِيفِ الْمُكْرَهِ» لِأَنَّ جَمِيعَ الْأَفْعَالِ الْمَخْلُوقَةِ لِلَّهِ ﷾ عَلَى وَفْقِ إِرَادَتِهِ، كَمَا حَقَّقْنَاهُ فِي كِتَابِ «رَدِّ التَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ» .
وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْأَفْعَالَ تَصِيرُ بِخَلْقِ اللَّهِ ﷾ لَهَا وَاجِبَةً، صَارَ التَّكْلِيفُ بِهَا مَقْدُورًا لِلْعَبْدِ، سَوَاءً كَانَ التَّكْلِيفُ بِإِيجَادِ مَأْمُورٍ، كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ، أَوْ بِتَرْكِ مَنْهِيٍّ، كَالزِّنَى وَالرِّبَا، لِأَنَّ مَا اسْتَقَلَّتْ قُدْرَةُ الْبَارِئِ ﷻ بِخَلْقِهِ وَإِيجَادِهِ، كَانَ تَأْثِيرُ قُدْرَةِ الْعَبْدِ فِيهِ تَحْصِيلًا لِلْحَاصِلِ، وَإِيجَادًا لِلْمَوْجُودِ، وَخَلْقًا لِلْمَخْلُوقِ، وَهُوَ مُحَالٌ.
وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ سَائِرَ التَّكْلِيفِ الْإِنْسَانِيِّ تَكْلِيفٌ بِغَيْرِ مَقْدُورٍ، فَأَكْثَرُ مَا يُقَالُ فِي الْمُكْرَهِ: إِنَّهُ مُكَلَّفٌ بِمَا هُوَ غَيْرُ مَقْدُورٍ لَهُ، وَقَدْ صَحَّ ذَلِكَ فِي سَائِرِ التَّكَالِيفِ، فِيمَا بَيْنَ اللَّهِ ﷾ وَخَلْقِهِ، فَلْيَصِحَّ هَاهُنَا أَيْضًا، لِأَنَّ فِعْلَ الْمُكْرَهِ وَالْمُكْرِهِ جَمِيعًا

1 / 199