145

Шарх Мухтасар аль-Рауда

شرح مختصر الروضة

Редактор

عبد الله بن عبد المحسن التركي

Издатель

مؤسسة الرسالة

Издание

الأولى

Год публикации

١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م

قَالُوا: الْإِكْرَاهُ يُرَجِّحُ فِعْلَ مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ فَيَجِبُ، وَلَا يَصِحُّ مِنْهُ غَيْرُهُ فَهُوَ كَالْآلَةِ، فَالْفِعْلُ مَنْسُوبٌ إِلَى الْمُكْرَهِ. وَتَرْجِيحُ الْمُكْرَهِ عَلَى الْقَتْلِ بَقَاءَ نَفْسِهِ يُخْرِجُهُ عَنْ حَدِّ الْإِكْرَاهِ، فَلِذَلِكَ يُقْتَلُ.
ــ
قَوْلُهُ: «قَالُوا» إِلَى آخِرِهِ. هَذَا دَلِيلٌ مِنْ مَنْعِ تَكْلِيفِ الْمُكْرَهِ، وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّ «الْإِكْرَاهَ يُرَجِّحُ فِعْلَ مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ» وَإِذَا رَجَّحَ مِنْهُ فِعْلَ مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ، صَارَ وَاجِبًا، «لَا يَصِحُّ مِنْهُ غَيْرُهُ، فَهُوَ كَالْآلَةِ»، كَالسَّيْفِ وَالسِّكِّينِ وَنَحْوِهِمَا، مِمَّا يُقْتَلُ بِهِ، وَالْفِعْلُ مَنْسُوبٌ إِلَى الْمُكْرِهِ - بِكَسْرِ الرَّاءِ - وَإِذَا كَانَ الْمُكْرَهُ - بِفَتْحِهَا - كَالْآلَةِ، لَمْ يَجُزْ تَكْلِيفُهُ، كَمَا لَا تُكَلَّفُ الْآلَاتُ.
قُلْتُ: هَذَا تَقْرِيرٌ ظَاهِرٌ، لَكِنَّ قَوْلَهُمْ: صَارَ الْفِعْلُ مِنْهُ وَاجِبًا، لَا يَصِحُّ مِنْهُ غَيْرُهُ:
إِنْ أُرِيدَ بِهِ الْمُلْجَأُ إِلَى الْفِعْلِ، كَالْمُلْقَى مِنْ شَاهِقٍ، فَهُوَ وَاضِحٌ.
وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ غَيْرُهُ، كَالْمُكْرَهِ بِضَرْبٍ وَنَحْوِهِ، لَمْ يَتَحَقَّقْ وُجُوبُ الْفِعْلِ عَقْلًا، لِجَوَازِ أَنْ يَحْتَمِلَ الضَّرْبَ وَالْحَبْسَ وَلَا يَفْعَلَ، وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ شَرْعًا، بِمَعْنَى أَنَّ الشَّرْعَ قَدْ رَفَعَ الضِّرَارَ، وَأَقَامَ الْأَعْذَارَ، حَيْثُ قَالَ ﷾: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ﴾ [النَّحْلِ: ١٠٦]، فَأَجَازَ الْإِقْدَامَ عَلَى التَّلَفُّظِ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ مَعَ طُمَأْنِينَةِ الْقَلْبِ، دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنِ النَّفْسِ، وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِعَمَّارٍ فِي مِثْلِ ذَلِكَ: «وَإِنْ عَادُوا فَعُدْ» .

1 / 196