Шарх Мухтасар аль-Рауда
شرح مختصر الروضة
Редактор
عبد الله بن عبد المحسن التركي
Издатель
مؤسسة الرسالة
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م
وَفِي تَكْلِيفِ الْمُمَيِّزِ، قَوْلَانِ: الْإِثْبَاتُ، لِفَهْمِهِ الْخِطَابَ. وَالْأَظْهَرُ النَّفْيُ، إِذْ أَوَّلُ وَقْتٍ يَفْهَمُ فِيهِ الْخِطَابَ، غَيْرُ مَوْقُوفٍ عَلَى حَقِيقَتِهِ، فَنُصِبَ لَهُ عَلَمٌ ظَاهِرٌ يُكَلَّفُ عِنْدَهُ، وَهُوَ الْبُلُوغُ.
وَلَعَلَّ الْخِلَافَ فِي وُجُوبِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ عَلَيْهِ، وَصِحَّةِ وَصِيَّتِهِ وَعِتْقِهِ وَتَدْبِيرِهِ وَطَلَاقِهِ وَظِهَارِهِ وَإِيلَائِهِ وَنَحْوِهَا، مَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ.
ــ
قَوْلُهُ: «وَفِي تَكْلِيفِ الْمُمَيِّزِ، قَوْلَانِ» عَنْ أَحْمَدَ:
«الْإِثْبَاتُ» أَيْ: أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ، إِثْبَاتُ تَكْلِيفِهِ، لِأَنَّهُ يَفْهَمُ الْخِطَابَ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ مُمَيِّزًا، لِأَنَّهُ يُمَيِّزُ الْأَقْوَالَ وَالْأَفْعَالَ بَعْضَهَا مِنْ بَعْضٍ، خَيْرًا وَشَرًّا، وَجَيِّدًا وَرَدِيئًا.
وَالتَّمْيِيزُ: التَّخْلِيصُ وَالتَّفْصِيلُ، وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ فِي «اللُّمَعِ»: التَّمْيِيزُ: تَخْلِيصُ الْأَجْنَاسِ بَعْضِهَا مِنْ بَعْضٍ، وَيُقَالُ: مَيَّزْتُ هَذَا مِنْ هَذَا، أَيْ: أَفْرَزْتُهُ عَنْهُ، وَفَصَلْتُهُ مِنْهُ، فَإِذَا فَهِمَ الْمُمَيِّزُ الْخِطَابَ، كَانَ مُكَلَّفًا، كَالْبَالِغِ.
«وَالْأَظْهَرُ» يَعْنِي مِنَ الْقَوْلَيْنِ، «النَّفْيُ» يَعْنِي: نَفْيَ تَكْلِيفِ الْمُمَيِّزِ، «إِذْ أَوَّلُ وَقْتٍ يَفْهَمُ فِيهِ الْخِطَابَ، غَيْرُ مَوْقُوفٍ عَلَى حَقِيقَتِهِ، فَنُصِبَ لَهُ عَلَمٌ ظَاهِرٌ يُكَلَّفُ عِنْدَهُ، وَهُوَ الْبُلُوغُ» .
قُلْتُ: هَذَا تَوْجِيهٌ ظَاهِرٌ، وَأَزِيدُهُ كَشْفًا بِأَنْ نَقُولَ: الْعَقْلُ قُوَّةٌ غَرِيزِيَّةٌ، يُدْرَكُ بِهَا الْكُلِّيَّاتُ وَغَيْرُهَا، وَهُوَ يُوجَدُ بِوُجُودِ الْإِنْسَانِ، ثُمَّ يَتَزَايَدُ بِتَزَايُدِ الْبَدَنِ تَزَايُدًا تَدْرِيجِيًّا خَفِيًّا عَنِ الْحِسِّ، كَتَزَايُدِ الْأَجْسَامِ النَّبَاتِيَّةِ وَالْحَيَوَانِيَّةِ فِي النَّمَاءِ، وَضَوْءُ الصُّبْحِ، وَظِلُّ الشَّمْسِ، وَنَحْوُهَا مِنَ الْمُتَزَايِدَاتِ الْخَفِيَّةِ، فَلَا يُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَى أَوَّلِ
1 / 186