126

Шарх Мишкат

شرح الطيبي على مشكاة المصابيح المسمى ب (الكاشف عن حقائق السنن)

Исследователь

د. عبد الحميد هنداوي

Издатель

مكتبة نزار مصطفى الباز مكة المكرمة

Номер издания

الأولى

Год публикации

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

Место издания

الرياض

Жанры

كتابنا وندع العمل؟ قال: «اعملوا فكل ميسر لما خلق له؛ أما من كان من أهل السعادة فسييسر لعمل السعادة، وأما من كان من أهل الشقاوة فسييسر لعمل الشقاوة، ثم قرأ: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى واتَّقَى (٥) وصَدَّقَ بِالْحُسْنَى﴾ الآية». متفق عليه. ــ «أفلا نتكل» أفلا نعتمد على ما كتب لنا في الأزل، ونترك العمل؟ يعني: إذا سبق القضاء لكل واحد منا بالجنة أو النار، فأي فائدة في السعي؛ فإنه لا يرد قضاء الله وقدره؟ وأجاب ﵊ بقوله: «اعملوا» وهو من الأسلوب الحكيم، منعهم ﷺ عن الاتكال وترك العمل، وأمرهم بالتزام ما يجب على العبد من امتثال أمر مولاه، وهو عبوديته عاجلا، وتفويض الأمر إليه آجلا، يعني: أنتم عبيد، ولا بد لكم من العبودية، فعليكم بما أمرتم به، وإياكم والتصرف في الأمور الإلهية، لقوله تعالى: ﴿ومَا خَلَقْتُ الجِنَّ والإنسَ إلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾ فلا تجعلوا العبادة وتركها سببا مستقلا لدخول الجنة والنار، بل أمارات وعلامات لها، ولا بد في الإيجاب من لطف الله وكرمه، أو خذلانه كما ورد «ولا يدخل أحدكم الجنة بعمله» الحديث، فالفاء في «فسييسر» تفصح عن هذه المقدرات. «خط»: إن قول الصحابي هذا مطالبة بأمر يوجب تعطيل العبودية فلم يرخص ﷺ له. وذلك أن إخبار الرسول عن سابق الكتاب إخبار عن غيب علم الله تعالى فيهم، وهو حجة عليهم، فرام القوم أن يتخذوه حجة لأنفسهم في ترك العمل، فأعلمهم النبي ﷺ أن ها هنا أمرين محكمين، أحدهما لا يبطل الآخر، باطن: هو الحكمة الموجبة في حكم الربوبية، وظاهر: وهو السمة اللازمة في حق العبودية، وهو أمارة ومخيلة غير مفيدة حقيقة العلم. ويشبه أن يكون – والله أعلم – إنما عوملوا بهذه المعاملة، وتعبدوا بهذا التعبد؛ ليتعلق خوفهم ورجاؤهم بالباطن، وذلك من صفة الإيمان، وبين ﵊ لهم أن «كل ميسر لما خلق له» وأن عمله في العاجل دليل مصيره في الآجل، وتلا قوله تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى واتَّقَى (٥) وصَدَّقَ بِالْحُسْنَى﴾ ﴿وأَمَّا مَنْ بَخِلَ واسْتَغْنَى﴾. وهذه الأمور في حكم الظاهر، ومن وراء ذلك حكم الله تعالى فيهم «وهو الحكيم الخبير»، ﴿لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وهُمْ يُسْأَلُونَ﴾. واطلب نظيره من أمرين: الرزق المقسوم مع الأمر بالكسب، ومن الأجل المضروب مع المعالجة بالطب،

2 / 538