الاستراحة زال عنها الكلال والملال ولان النفس تستعين بها في ضبط تلك الاسرار في تلك الصور (1) الخيالية (2) وتحطها إلى الحس فتبقى مشاهدة، وإذا علمت في ذلك حالة النوم لم يبعد إذا كانت النفس قوية الجوهر تتسع للجوانب المتنازعة (3) ان يقع لها هذا الانفلات (4) في حال اليقضة فتتصل بالمبادئ فتقتنص أمورا قدسية فتركب المتخيلة لها صورا تناسبها ثم تحطها إلى الحس المشترك فتكون محسوسة فتارة تكون ابصار صورة، وتارة تكون سماع كلام وان لم يكن لتلك الأمور وجود خارجي الا ان تلك الآثار قد تكون ضعيفة فلا تشتثبتها (5) المتخيلة كما ينبغي فتنمحي سريعا، وقد تكون أقوى من ذلك فتحرك الخيال فينتقل بقوة إلى ماله تعلق بذلك المعنى من شبيه أو ضد لان الحكمة الإلهية اقتضت أن يكون جبلة هذه القوة على هذا الوجه والا لم ينتفع بها في الانتقال من الحاصل إلى المستحصل ولن يمنعها من الانتقال الا أحد (6) أمرين (7) اما استيلاء النفس عليها وضبطها، واما قوة الصور المنتقشة فيها فإنه أيضا قد يرتسم فيها الصور ارتساما قويا بينا فيمنعها جلاؤها لها (8) عن الانتقال منها إلى الغير، وما كان كذلك في يقظة أو نوم سمى الهاما أو وحيا صريحا أو حلما لا يحتاج إلى تعبير، وما كان من القسم الثاني أعني ان تبقى الصورة المنتقل إليها دون عين الأثر فإنه يحتاج الوحي إلى تأويل والحلم إلى تعبير.
تذنيب (9): قد عرفت ان النفس قد تعوقها عن الاتصال بمباديها قواها البدنية فلذلك ما يحتاج بعض الناس إلى الاستعانة بأمور مكتسبة يعرض منها للحس حيرة وللخيال وقفة تنفلت معها النفس لتلقى المغيبات كما حكى عن بعض الكهان من الترك انه كان يستعين بحركة شديدة جدا لا يزال يلهث فيها حتى يكاد يغشى عليه فتلوح له أمور غيبية والحفظة يتلقون ما ينطق به ليبنوا عليه آرائهم المصلحية وكمن يشغل ابصار الصبيان والنساء
Страница 47