312

Шарх Макасид

شرح المقاصد في علم الكلام

Издатель

دار المعارف النعمانية

Номер издания

الأولى

Год публикации

1401هـ - 1981م

Место издания

باكستان

الثالث الآيات والأحاديث الواردة في تحقق الثواب والعقاب يوم الجزاء فلو لم يجب وجاز العدم لزم الخلف والكذب ورد بأن غايته الوقوع البتة وهو لا يستلزم الوجوب على الله والاستحقاق من العبد على ما هو المدعى هذا والمذهب جواز الخلف في الوعيد بأن لا يقع العذاب وحينئذ يتأكد الإشكال وسنتكلم عليه في بحث العفو إن شاء الله تعالى قال خاتمة في فروع للمعتزلة على استحقاق الثواب والعقاب منها أنهم بعد الاتفاق على أنه يستحق الثواب والمدح بفعل الواجب والمندوب وفعل ضد القبيح بشرط أن يكون فعل الواجب لوجوبه كالواجب المعين أو لوجه وجوبه كالواجب المخير وفعل المندوب لندبيته أو لوجه ندبيته وفعل ضد القبيح لكونه تركا للقبيح بأن يفعل المباح لكونه تركا للحرام ويستحق العذاب والذم بفعل القبيح اختلفوا في أنه هل يستحق المدح والثواب بالإخلال بالقبيح لكونه إخلالا به والذم والعقاب على الإخلال بالواجب فقال المتقدمون لا بل إنما يستحق المدح والثواب بفعل عند الإخلال بالقبيح هو ترك القبيح والذم والعقاب على فعل عند الإخلال بالواجب هو ترك الواجب لأن الإخلال عدمي لا يصلح علة للاستحقاق الوجودي ولأن كل أحد يخل كل لحظة بما لا يتناهى من القبايح وقال المتأخرون كأبي هاشم وأبي الحسين وعبدالجبار نعم للنصوص الصريحة في تعليل العقاب بعدم الإتيان بالواجب كقوله تعالى

﴿خذوه فغلوه

إلى قوله

﴿إنه كان لا يؤمن بالله العظيم ولا يحض على طعام المسكين

وكقوله حكاية

﴿ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين

ومنها أنه يجب اقتران الثواب بالتعظيم والعقاب بالإهانة للعلم الضروري باستتحقاقهما وقيل لأنه يحسن التفضل بالمنافع العظيمة ابتداء فإلزام المشاق والمضار لأجلها يكون عبثا بخلاف التعظيم فإنه لا يحسن التفضل به ابتداء من غير استحقاق كتعظيم البهائم والصبيان ومنها أنه يجب دوامهما لكونه لطفا أو يقرب المكلف إلى الطاعة ويبعده عن المعصية ولأن التفضل بالمنافع الدائمة حسن إجماعا فلا يحسن التكليف للثواب المنقطع الذي هو أدنى حالا ومنها أنه يجب خلوصهما عن الشوب لكونه أدخل في الترغيب والترهيب ولأنه واجب في العوض مع كونه أدنى حالا من الثواب لخلوه عن التعظيم فإن قيل ثواب أهل الجنة يشوبه شوق كل ذي مرتبة إلى ما فوقها ومشقة وجوب شكر المنعم وترك القبايح وعقاب أهل النار يشوبه ثواب ترك القبايح فيها أجيب بأن كل ذي مرتبة في الجنة يكون فرحا بما عنده لا يطلب الأعلى ويعد الشكر لذة وسرورا لا يحصى ويكون في شغل شاغل عن القبايح وذكرها والتألم بتركها وأهل النار لا يثابون لكونهم مضطرين إلى ترك القبايح ومنها اختلافهم في وقت استحقاق الثواب والعقاب فعند البصرية حالة الطاعة والمعصية وعند البغدادية في الآخرة وقيل في حال الاحترام وقيل وقت الفعل بشرط الموافاة وهو أن لا تحبط الطاعة والمعصية إلى الموت وليس لأحد تمسك يعول عليه سوى ما قيل بأن المدح والذم يثبتان حال الفعل فكذا الثواب والعقاب لكونهما من موجبات الفعل مثلهما وإنما حسن تأخير تمام الثواب إلى دار الآخرة لمانع وهو لزوم الجمع بين المتنافيين فإن من شرط الثواب الخلوص عن شوب المشاق ومن لوازم التكليف الشوب بها وتمسك الاخرون بالنصوص المقتضية لتأخير الأجزية وبلزوم الجمع بين المتنافيين كما ذكر ولا خفاء في أن ذلك لا ينافي ثبوت الاستحقاق في دارالتكليف والظاهر أن مراد الأولين ثبوت أصل الاستحقاق ومراد الآخرين وجوب الأداء وقال بعضهم الحق أن التكليف لا يجامع كل الجزاء للزوم المحال بخلاف البعض كتعظيم المؤمن ونصرته على الأعداء وكالحدود فإنه يجامع التكليف فلم يجب تأخيره قال المبحث العاشر أجمع المسلمون على خلود أهل الجنة في الجنة وخلود الكفار في النار فإن قيل القوى الجسمانية متناهية فلا تقبل خلود الحياة وأيضا الرطوبة التي هي مادة الحياة تفنى بالحرارة سيما حرارة نار الجحيم فتفضي إلى الفناء ضرورة وأيضا دوام الإحراق مع بقاء الحياة خروج عن قضية العقل قلنا هذه قواعد فلسفية غير مسلمة عند المليين ولا صحيحة عند القائلين بإسناد الحوادث إلى القادر المختار وعلى تقدير تناهي القوى وزوال الحياة يجوز أن يخلق الله البدل فيدوم الثواب والعقاب قال الله تعالى

﴿كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب

هذا حكم الكافر الجاهل المعاند وكذا من بالغ في الطلب والنظر واستفراغ المجهود ولم ينل المقصود خلافا للجاحظ والعنبري حيث زعما أنه معذور إذ لا يليق بحكمة الحكيم أن يعذبه مع بذل الجهد والطاقة من غير جرم وتقصير كيف وقد قال الله تعالى

﴿وما جعل عليكم في الدين من حرج

﴿ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج

ولا شك أن عجز المتخير أشد وهذا الفرق خرق للإجماع وترك للنصوص الواردة في هذا الباب هذا في حق الكفار عنادا واعتقادا وأما الكفار حكما كأطفال المشركين فكذلك عند الأكثرين لدخولهم في العمومات ولما روي أن خديجة رضي الله عنها سألت النبي عليه السلام عن أطفالها الذين ماتوا في الجاهلية فقال هم في النار وقالت المعتزلة ومن تبعهم لا يعذبون بل هم خدم أهل الجنة على ما ورد في الحديث لأن تعذيب من لا جرم له ظلم ولقوله تعالى

﴿ولا تزر وازرة وزر أخرى

﴿ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون

ونحو ذلك وقيل من علم الله تعالى منه الإيمان والطاعة على تقدير البلوغ ففي الجنة ومن علم منه الكفر والعصيان ففي النار واختلف أهل الإسلام فيمن ارتكب الكبيرة من المؤمنين ومات قبل التوبة فالمذهب عندنا عدم القطع بالعفو ولا بالعقاب بل كلاهما في مشيئة الله تعالى لكن على تقدير التعذيب نقطع بأنه لا يخلد في النار بل يخرج البتة لا بطريق الوجوب على الله تعالى بل بمقتضى ما سبق من الوعد وثبت بالدليل كتخليد أهل الجنة وعند المعتزلة القطع بالعذاب الدايم من غير عفو ولا إخراج من النار ويعبر عن هذا بمسئلة وعيد الفساق وعقوبة العصاة وانقطاع عذاب أهل الكبائر ونحو ذلك وليس في مسئلة الاستحقاق ووجوب العقاب غنى عن ذلك لأن التخليد أمر زايد على التعذيب ولا في مسئلة العفو لأنه بطريق الاحتمال دون القطع ولأنه شاع في ترك العقاب بالكلية وهذا قطع بالخروج بعد الدخول وما وقع في كلام البعض من أن صاحب الكبيرة عند المعتزلة ليس في الجنة ولا في النار فغلط نشأ من قولهم أن له المنزلة بين المنزلتين أي حالة غير الإيمان والكفر وأما ما ذهب إليه مقاتل بن سليمان وبعض المرجئة من أن عصاة المؤمنين لا يعذبون أصلا وإنما النار للكفار تمسكا بالآيات الدالة على اختصاص العذاب بالكفار مثل

﴿إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى

﴿إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين

فجوابه تخصيص ذلك بعذاب لا يكون على سبيل الخلود وأما تمسكهم بمثل قوله عليه السلام من قال لا إله إلا الله دخل الجنة وإن زنى وإن سرق فضعيف لأنه إنما ينفي الخلود لا الدخول لنا وجوه

الأول وهو العمدة الآيات والأحاديث الدلالة على أن المؤمنين يدخلون الجنة البتة وليس ذلك قبل دخول النار وفاقا فتعين أن يكون بعده وهو مسئلة انقطاع العذاب أو بدونه وهو مسئلة العفو التام قال الله تعالى

﴿فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره

﴿ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون

وقال النبي عليه السلام من قال لا إله إلا الله دخل الجنة وقال من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة وإن زنى وإن سرق

الثاني النصوص المشعرة بالخروج من النار كقوله تعالى

﴿النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله

﴿فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز

وكقوله عليه السلام يخرج من النار قوم بعدما امتحشوا وصاروا فحما وحميما فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل وخبر الواحد وإن لم يكن حجة في الأصول لكن يفيد التأييد والتأكيد بتعاضد النصوص

الثالث وهو على قاعدة الاعتزال أن من واظب على الإيمان والعمل الصالح مائة سنة وصدر عنه في أثناء ذلك أو بعده جريمة واحدة كشرب جرعة من الخمر فلا يحسن من الحكيم أن يعذبه على ذلك أبد الآباد ولو لم يكن هذا ظلما فلا ظلم أو لم يستحق بهذا ذما فلا ذم

Страница 229