Шарх Макасид
شرح المقاصد في علم الكلام
Издатель
دار المعارف النعمانية
Номер издания
الأولى
Год публикации
1401هـ - 1981م
Место издания
باكستان
Жанры
منها أن النائم تصدر عنه أفعال اختيارية لا شعور له بتفاصيل كمياتها وكيفياتها ومنها أن الماشي إنسانا كان أو غيره يقطع مسافة معينة في زمان معين من غير شعور له بتفاصيل الأجزاء والأحياز التي هي بين المبدأ والمنتهى ولا بالآيات التي منها يتألف ذلك الزمان ولا بالسكنات التي يتخللها تكون تلك الحركة إبطاء من حركة الفلك أو بالحد الذي لها من وصف السرعة والبطؤ ومنها أن الناطق يأتي بحروف مخصوصة على نظم مخصوص من غير شعور له بالأعضاء التي هي آلاتها ولا بالهيئات والأوضاع التي تكون لتلك الأعضاء عند الإتيان بتلك الحروف ومنها أن الكاتب يصور الحروف والكلمات بتحريك الأنامل من غير شعور له بما للأنامل من الأجزاء والأعضاء أعني العظام والغضاريف والأعصاب والعضلات والرباطات ولا بتفاصيل حركاتها وأوضاعها التي بها يتأتى تلك الصور والنقوش ( قال الثالث ) لو كان فعل العبد بقدرته واختياره لكان متمكنا من فعله وتركه إذ لو لم تمكن من الترك لزم الجبر وبطل الاختيار لكن اللازم أعني التمكن من الفعل والترك باطل لأن رجحان الفعل على الترك إما أن يتوقف على مرجح أو لا فعلى الثاني يلزم رجحان أحد طرفي الممكن بلا مرجح وينسد باب إثبات الصانع ويكون وقوع الفعل بدلا عن الترك محض الاتفاق من غير اختيار للعبد وعلى الأول إن كان ذلك المرجح من العبد ينقل الكلام إلى صدوره عنه فيلزم التسلسل وهو محال أو الانتهاء إلى مرجح لا يكون منه وإذا كان المرجح ابتداء أو بالآخرة لا من العبد بل من غيره ثبت عدم استقلال العبد بالفعل وعدم تمكنه من الترك لأن الترك لم يجز وقوعه مع التساوي فكيف مع المرجوحية ولأن وجود الممكن مالم ينته رجحانه إلى حد الوجوب لم يتحقق على ما مر ولا يخفى أن هذا إنما يفيد إلزام المعتزلة القائلين باستقلال العبد واستناد الفعل إلى قدرته واختياره من غير جبر ولا يفيد أن العبد ليس بموجد لأفعاله وللمعتزلة ههنا اعتراضات
أحدها أن ما ذكرتم استدلال في مقابلة الضرورة فلا يستحق الجواب وذلك لأنا نعلم بالضرورة أن لنا مكنة واختيارا وأنا إن شئنا الفعل فعلنا وإن شئنا الترك تركنا
وثانيها أنه جار في فعل الباري فيلزم أن يكون موجبا لا مختارا وذلك لأن جميع مالا بد منه في إيجاد العالم إن كان حاصلا في الأزل لزم قدم العالم وصدوره عن الباري بطريق الوجوب من غير تمكن من الترك لامتناع التخلف عن تمام العلة وإن لم يكن حاصلا ننقل الكلام إلى حدوث الأمر الذي لا بد منه ولا يتسلسل بل ينتهي إلى أمر أزلي يلزم معه المأثر ويعود المحذوف
وثالثها أن ترجيح المختار أحد المتساويين جائز كما في طريقي الهارب وقدحي العطشان لأن الإرادة صفة شأنها الترجيح والتخصيص من غير احتياج إلى مرجح وإنما المحال الترجح بلا مرجح
ورابعها أن المرجح الذي لا يكون من العبد هو تعلق الإرادة وخلوص الداعي ووجوب الفعل معه لا ينافي الاختيار والتمكن من الفعل والترك بالنظر إلى القدرة وأجيب عن الأول بأن كلامنا في حصول المشية والداعية التي يجب معه الفعل أو الترك ولا خفاء في أنه ليس بمشيئتنا واختيارنا وإليه الإشارة بقوله تعالى
﴿وما تشاؤون إلا أن يشاء الله﴾
وقوله
﴿قل كل من عند الله﴾
ولهذا ذهب المحققون إلى أن المآل هو الجبر وإن كان في الحال الاختيار وأن الإنسان مضطر في صورة مختار
وعن الثاني بأن للباري تعالى إرادة قديمة متعلقة في الأزل بأن يحدث الفعل في وقته فلا يحتاج إلى مرجح آخر ليلزم التسلسل أو الانتهاء إلى ما ليس باختياره بخلاف إرادة العبد فإنها حادثة يحدث تعلقها بالأفعال شيئا فشيئا ويحتاج إلى دواعي مخصوصة متجددة من عند الله من غير اختيار للعبد فيها
Страница 129