252

Шарх Макасид

شرح المقاصد في علم الكلام

Издатель

دار المعارف النعمانية

Номер издания

الأولى

Год публикации

1401هـ - 1981م

Место издания

باكستان

وثالثا أن المنفي إدراك الأبصار ولا نزاع فيه والمتنازع إدراك المبصرين ولا دلالة على نفيه وهذا ينسب إلى الأشعري وضعفه ظاهر لما أشرنا إليه ولما أن جميع الأشياء كذلك إذ المرئيات منها إنما يدركها المبصرون لا الأبصار فلا تمدح في ذلك بل لا فائدة أصلا اللهم إلا أن يراد أن إدراك الأبصار هو الرؤية بالجارحة على طريق المواجهة والانطباع فيكون نفيه تمدحا وبيانا لتنزه الباري تعالى عن الجهة ولا يستلزم نفي الرؤية بالمعنى المتنازع فيه ( قال بل ربما يلزم جوازها ) إشارة إلى استدلال الأصحاب بالآية على جواز الرؤية وتقرير الظاهريين منهم أن التمدح بنفي الرؤية يستدعي جوازها ليكون ذلك للتمنع والتعذر بحجاب الكبرياء لا لامتناعها كالمعدوم حيث لا يرى ولا مدح له في ذلك واعترض بأن ذلك لعرائه عما هو أصل الممادح والكمالات أعني الوجود وأما الموجود فيتمدح بنفي الرؤية التي هي من صفات الخلق وسمات النقص وإن لم يجز رؤيته وأجيب بأنه لا تمدح في ذلك ايضا لأن كثيرا من الموجودات بهذه المثابة كالأصوات والطعوم والروائح وغيرها فاعترض بأن هذا لا يستقيم على أصلكم حيث جعلتم متعلق الرؤية هو الوجود وجوزتم رؤية كل موجود فأجيب بأن تلك الأعراض وإن كانت جائزة الرؤية إلا أنها مقرونة بإمارات الحدوث وسمات النقص فلم يكن نفي رؤيتها مدحا بخلاف الصانع فإنه علم بالأدلة القاطعة قدمه وكما له وأدرج تمدحه بنفي الرؤية في أثناء كلام ينفي سمات الحدوث والزوال ويشتمل على آيات العظمة والجلال أعني قوله تعالى

﴿بديع السماوات والأرض

إلى قوله

﴿وهو اللطيف الخبير

فدل على جواز الرؤية ليصلح نفيها تمدحا وصار الحاصل أن نفي الرؤية عن الموجود الجائز الرؤية الخالي عن سمات النقص بل المقرون بصفات الكمال تمدح له فاعترض بأنه يجب أن لا يزول فلا يرى في الآخرة لأن زوال ما به التمدح نقص وأجيب بأن ذلك إنما هو فيما يرجع إلى الذات وصفاته والتمدح بنفي الرؤية راجع إلى صفات الفعل لأن الرؤية بخلق الله تعالى ونفيها بخلق ضدها والأفعال حادثة يجوز زوالها وزوال الممادح الراجعة إليها إذ لا يحصل بذلك تغير في القديم ولا نقص في الذات ولما لم يستقم هذا على رأي القائلين بقدم التكوين ومغايرته للمكون لم يحسن جعل هذا التمدح راجعا إلى الفعل لأنه لا مدح للشيء في أن لا يخلق الله تعالى في أعين الناس رؤيته بل ضدها لأن كل ما دب ودرج لا يرى إذا لم يخلق الله تعالى رؤيته في الأبصار أجاب بعضهم بأن إدراك البصر هو الإحاطة بجوانب المرئي والوقوف على حدوده ونهاياته والتمدح به إنما يكون على تقدير صحة الرؤية وانتفاء إمارات الحدوث وسمات النقص إذ لا تمدح بنفي الإدراك فيما تمتنع رؤيته التي هي سبب الإدراك كالمعدوم ولا فيما تصح رؤيته لكن عرف حدوثه ونقصه كالأصوات والروائح والطعوم واعلم أن مبنى هذا الاستدلال على أن يكون كل من قوله

﴿لا تدركه الأبصار

وقوله

﴿وهو يدرك الأبصار

تمدحا على حدة لا أن يكون المجموع تمدحا واحدا فليتأمل ( قال الخامس ) هذه ثانية الشبه السمعية وتقريرها أن الله تعالى خاطب موسى عليه السلام عند سؤاله الرؤية بقوله لن تراني وكلمة لن للنفي في المستقبل على سبيل التأبيد فيكون نصا في أن موسى عليه السلام لا يراه في الجنة أو على سبيل التأكيد فيكون ظاهرا في ذلك لأن الأصل في مثله عموم الأوقات وإذا لم يره موسى عليه السلام لم يره غيره إجماعا والجواب أن كون كلمة لن للتأبيد لم يثبت ممن يوثق به من أئمة اللغة وكونها للتأكيد وإن ثبت بحيث لا يمنع إلا مكابرة لكن لا نسلم دلالة الكلام على عموم الأوقات لا نصا ولا ظاهرا ولو سلم الظهور فلا عبرة به في العلميات سيما مع ظهور قرينة الخلاف وهو وقوعه جوابا لسؤال الرؤية في الدنيا على أنه لو صرح بالعموم وجب الحمل على الرؤية في الدنيا توفيقا بين الأدلة ( قال السادس قوله تعالى

﴿وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء

سبقت الآية لنفي أن يراه أحد من البشر حين يكلمه الله تعالى فكيف في غير تلك الحالة ونزلت حين قالوا لمحمد عليه الصلاة والسلام ألا تكلم الله وتنظر إليه كما كلم موسى عليه السلام ونظر إليه فقال لم ينظر إليه موسى وسكت والمعنى ما صح لبشر أن يكلمه الله إلا كلاما خفيا بسرعة في المنام والإلهام أو صوتا من وراء حجاب كما كان لموسى عليه السلام أو على لسان ملك كما هو الشائع الكثير من حال الأنبياء والجواب منع ذلك بل إنما سبقت الآية لبيان أنواع تكليم الله البشر والتكليم وحيا أعم من أن يكون مع الرؤية أو بدونها بل ينبغي أن يحمل على حال الرؤية ليصح جعل قوله

﴿أو من وراء حجاب

عطفا عليه قسيما له إذ لا معنى له سوى كونه بدون الرؤية تمثيلا بحال من احتجب بحجاب ولو سلم دلالتها على نفي الرؤية ونزولها في ذلك فيحمل على الرؤية في الدنيا جمعا بين الأدلة وجريا على موجب القرينة أعني سبب النزول وقوله

﴿وحيا

نصب على المصدر و

﴿من وراء حجاب

صفة لمحذوف أي كلاما من وراء الحجاب أو يرسل عطف على وحيا بإضمار أن والإرسال نوع من الكلام ويجوز أن تكون الثلاثة في موضع الحال قال السابع ) تقريره أن الله حيثما ذكر في كتابه سؤال الرؤية استعظمه استعظاما شديدا واستنكره استنكارا بليغا حتى سماه ظلما وعتوا كقوله تعالى

﴿وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا

وقوله

﴿وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون

وقوله

﴿يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم

فلو جازت رؤيته لما كان كذلك والجواب أن ذلك لتعنتهم وعنادهم على ما يشعر به مساق الكلام لا لطلبهم الرؤية ولهذا عوتبوا على طلب إنزال الملائكة عليهم والكتاب مع أنه من الممكنات وفاقا ولو سلم فلطلبهم الرؤية في الدنيا وعلى طريق الجهة والمقابلة على ما عرفوا من حال الأجسام والأعراض وقوله تعالى حكاية عن موسى عليه السلام

﴿تبت إليك وأنا أول المؤمنين

معناه التوبة عن الجرأة والإقدام على السؤال بدون الإذن أو عن طلب الرؤية في الدنيا ومعنى الإيمان التصديق بأنه لا يرى في الدنيا وإن كانت ممكنة وما قال به بعض السلف من وقوع الرؤية بالبصر ليلة المعراج فالجمهور على خلافه وقد روي أنه سئل صلى الله عليه وسلم هل رأيت ربك فقال رأيت ربي بفؤادي وإن الرؤية في المنام فقد حكي القول بها عن كثير من السلف قال خاتمة اختلف القائلون برؤية الله تعالى في أنه هل يصح رؤية صفاته فقال الجمهور نعم لاقتضاء دليل الوجود صحة رؤية كل موجود إلا أنه لا دليل على الوقوع وكذا إدراكه بسائر الحواس إذا عللناه بالوجود سيما عند الشيخ حيث يجعل الإحساس هو العلم بالمحسوس لكن لا نزاع في امتناع كونه مشموما مذوقا ملموسا لاختصاص ذلك بالأجسام والأعراض وإنما الكلام في إدراكه بالشم والذوق واللمس من غير اتصال بالحواس وحاصله انه كما أن الشم والذوق واللمس لا يستلزم الإدراك لصحة قولنا شممت التفاح وذقته ولمسته فما أدركت رائحته وطعمه وكيفيته كذلك أنواع الإدراكات الحاصلة عند الشم والذوق واللمس لا يستلزمها بل يمكن أن يحصل بدونها ويتعلق بغير الأجسام والأعراض وإن لم يقم دليل على الوقوع لكنك خبير بحال دليل الوجود وجريانه في سائر الحواس فالأولى الاكتفاء بالرؤية قال المبحث الثاني اختلفوا في العلم بحقيقة الله تعالى للبشر أي في معرفة ذاته بكنه الحقيقة فقال بعدم حصوله كثير من المحققين خلاف لجمهور المتكلمين ثم القائلون بعدم الحصول جوزوه خلافا للفلاسفة احتج الأولون بوجهين

أحدهما أن ما يعلم منه البشر هو السلوب والإضافات والأحسن أن يقال هو الوجود بمعنى أنه كائن في الخارج والصفات بمعنى أنه حي عالم قادر ونحو ذلك والسلوب بمعنى أنه واحد أزلي أبدي ليس بجسم ولا عرض وما أشبه ذلك والإضافات بمعنى أنه خالق ورازق ونحوهما وظاهر أن ذلك ليس علما يحققه الذات لا يقال الوجود عين الذات عند كثير من المحققين فالعلم به علم به لأنا نقول قد أشرنا إلى أن معنى العلم بوجوده التصديق بأنه موجود ليس بمعدوم لا تصور وجوده الخاص بحقيقته وكذا الكلام في الصفات

Страница 124