Шарх Макасид
شرح المقاصد في علم الكلام
Издатель
دار المعارف النعمانية
Номер издания
الأولى
Год публикации
1401هـ - 1981م
Место издания
باكستان
Жанры
الرابع أنه لو قام بالماهية لكان موجودا ضرورة امتناع اتصاف الشيء بنقيضه وامتناع أن يثبت في المحل مالا ثبوت له في نفسه فننقل الكلام إلى وجوده ويتسلسل لأن التقدير أن وجود كل شيء زائد عليه والتحقيق يقتضي رد الوجوه الأربعة إلى وجهين بطريق الترديد بين الوجود والعدم في جانبي المعروض والعارض على ما أوردنا في المتن تقرير الأول أنه لو قام بالماهية فالماهية المعروضة إما معدومة فيتناقض أو موجودة فيدور أو بتسلسل وتقرير الثاني أن الوجود العارض إما معدوم فيتصف الشيء بنقيضه ويثبت في المحل مالا ثبوت له في نفسه وإما موجود فيزيد وجوده عليه وتتسلسل الوجودات والجواب إما إجمالا فهو أن زيادة الوجود على الماهية وقيامه بها إنما هو بحسب العقل بأن يلاحظ كلا منهما من غير ملاحظة الآخر ويعتبر الوجود معنى له اختصاص ناعت بالماهية لا بحسب الخارج بأن يقوم الوجود بالماهية قيام البياض بالجسم وتلزم المحالات وإما تفصيلا فعن الأول أن قيامه بالماهية من حيث هي هي لا بالماهية المعدومة ليلزم التناقض ولا بالماهية الموجودة ليلزم الدور أو التسلسل فإن قيل إن أريد بالماهية من حيث هي هي مالا يكون الوجود أو العدم نفسها ولا جزأ منها على ما قيل فغير مفيد لأن العروض كاف في لزوم المحالات وإن أريد مالا يكون موجودا ولا معدوما لا بالعروض ولا بغيره فالتناقض فيه أظهر لأن اللاوجود نقيض الوجود بلا نزاع ولا اشتباه قلنا المراد مالا يعتبر فيه الوجود ولا العدم وإن كان لا ينفك عن أحدهما في الخارج فإن قيل عدم الانفكاك عن أحدهما كاف في لزوم المحال لأنه إن قارن العدم فيناقض أو الوجود فيدور أو يتسلسل قلنا قيام الوجود بالماهية أمر عقلي ليس كقيام البياض بالجسم ليلزم تقدمها عليه بالوجود تقدما ذاتيا أو زمانيا فتلزم المحالات بل غاية الأمر أنه يلزم تقدمها عليه بالوجود العقلي ولا استحالة فيه لجواز أن تلاحظ وحدها من غير ملاحظة وجود خارجي أو ذهني ويكون لها وجود ذهني لا بملاحظة العقل فإن عدم الاعتبار غير اعتبار العدم وإن اعتبر العقل وجودها الذهني لم يلزم التسلسل بل ينقطع بانقطاع الاعتبار وأما القائلون بنفي الوجود الذهني فجوابهم الاقتصار على منع لزوم تقدم المعروض على العارض بالوجود على الإطلاق وإنما ذلك في عوارض الوجود دون عوارض الماهية وعن الثاني أنا نختار أن الوجود موجود ولانم لزوم التسلسل وإنما يلزم لو كان وجوده أيضا زائدا عليه وليس كذلك بل وجوده عينه وإنما النزاع في غيره والأدلة إنما قامت عليه وتحقيق ذلك أنه لما كان تحقق كل شيء بالوجود فبالضرورة يكون تحققه بنفسه من غير احتياج إلى وجود آخر يقوم به كما أنه لما كان التقدم والتأخر فيما بين الأشياء بالزمان كانا فيما بين أجزائه بالذات من غير افتقار إلى زمان آخر فإن قيل فيكون كل وجود واجبا إذ لا معنى له سوى ما يكون تحققه بنفسه قلنا ممنوع فإن معنى وجود الواجب بنفسه أنه مقتضى ذاته من غير احتياج إلى فاعل ومعنى تحقق الوجود بنفسه أنه إذا حصل للشيء إما من ذاته كما في الواجب أو من غيره كما في الممكن لم يفتقر تحققه إلى وجود آخر يقوم به بخلاف الإنسان فإنه إنما يتحقق بعد تأثير الفاعل بوجود يقوم به عقلا على أن في قولنا تحقق الأشياء بالوجود تسامحا في العبارة أو الوجود نفس تحقق الأشياء لا ما به تحققها والمعنى أن تحقق الأشياء يكون عند قيام الوجود بها عقلا واتحادها به هوية أو نختار أن الوجود معدوم ولا يلزم منه اتصاف الشيء بنقيضه بمعنى صدقه عليه لأن نقيض الوجود هو العدم واللاوجود لا المعدوم ولا اللاموجود فغاية الأمر أنه يلزم أن الوجود ليس بذي وجود كما أن السواد ليس بذي سواد والأمر كذلك ولا يلزم أيضا أن يتحقق في المحل ما لا تحقق له في نفسه لما عرفت من أن قيام الوجود بالماهية ليس بحسب الخارج كقيام البياض بالجسم بل بحسب العقل فلا يلزم إلا تحققه في العقل وقد يجاب عن الأول بأنه منقوض بالأعراض القائمة بالمحال كسواد الجسم فإن قيامه إما بالجسم الأسود فدور أو تسلسل واجتماع للمثلين أو اللاأسود فتناقض وهو ضعيف لأن قيامه بجسم أسود به لا بسواد قبله ليلزم محال وطريانه على محل لا أسود يصير حال طريانه أسود من غير تناقض ولا كذلك حال الوجود مع الماهية لأن الخصم يدعي أن تقدم المعروض على العارض بالوجود ضروري فلا يصح قيام الوجود بمحل موجود بهذا الوجود فلا محيص سوى المنع والاستناد بأن ذلك إنما هو في العروض الخارجي كسواد الجسم وهذا ليس كذلك وعن الثاني بأن الوجود ليس بموجود ولا معدوم وهو أيضا ضعيف لما سيأتي من نفي الواسطة قال فإن قلت يريد تحقيق مذاهب الشيخ وسائر المتكلمين والحكماء على وجه لا يخالف بديهة العقل فإن الظاهر من مذهب الشيخ أن مفهوم وجود الإنسان هو الحيوان الناطق مثلا ولفظ الوجود في العربية ولفظ هستى في الفارسية إلى غير ذلك من اللغات مشترك بين معان لا تكاد تتناهى من الموجودات ومن مذهب المتكلمين أن الوجود عرض قائم بالماهية قيام سائر الأعراض بمحالها ومن مذهب الحكماء أنه كذلك في الممكنات وفي الواجب معنى آخر غير مدرك للعقول وجميع ذلك ظاهر البطلان وذهب صاحب الصحايف إلى أن منشأ الاختلاف هو إطلاق لفظ الوجود على مفهوم الكون ومفهوم الذات فمن ذهب إلى أنه زائد على الماهية أراد به الكون ومن ذهب إلى أنه نفس الماهية أراد به الذات فعند تحرير المبحث يرتفع الاختلاف وهذا فاسد أما أولا فلأن احتجاج الفريقين صريح في أن النزاع في الوجود المقابل للعدم وهو معنى الكون وأما ثانيا فلأن مفهوم الذات أيضا معنى واحد مشترك بين الذوات واشتراك الوجود بين الوجودات من غير اشتراك لفظ وتعدد وضع وأما ثالثا فلأن القول بأن ذات الإنسان نفس ذاته وماهيته مما لا يتصور فيه فائدة فضلا عن أن يحتاج إلى الاحتجاج عليه فنقول أدلة القائلين بأن وجود الشيء زائد عليه لا يفيد سوى أن ليس المفهوم من وجود الشيء هو المفهوم من ذلك الشيء من غير دلالة على أنه عرض قائم به قيام العرض بالمحل فإن هذا مما لا يقبله العقل وإن وقع في كلام الإمام وغيره وأدلة القائلين بأن وجود الشيء نفس ذاته لا يفيد سوى أن ليس للشيء هوية ولعارضه المسمى بالوجود هوية أخرى قائمة بالأولى بحيث يجتمعان اجتماع البياض والجسم من غير دلالة على أن المفهوم من وجود الشيء هو المفهوم من ذلك الشيء فإن هذا بديهي البطلان فإذن لا يظهر من كلام الفريقين ولا يتصور من المنصف خلاف في أن الوجود زائد على الماهية ذهنا أي عند العقل وبحسب المفهوم والتصور بمعنى أن للعقل أن يلاحظ الوجود دون الماهية والماهية دون الوجود لا عينا أي بحسب الذات والهوية بأن يكون لكل منهما هوية متميزة يقوم أحدهما بالأخرى كبياض الجسم فعند تحرير المبحث وبيان أن المراد الزيادة في التصور أو في الهوية يرتفع النزاع بين الفريقين ويظهر أن القول يكون اشتراك الوجود لفظيا بمعنى أن المفهوم من الوجود المضاف إلى الإنسان غير المفهوم من المضاف إلى الفرس ولا اشتراك بينهما في مفهوم الكون مكابرة ومخالفة لبديهة العقل وذهب صاحب المواقف إلى أن النزاع راجع إلى النزاع في الوجود الذهني فمن أثبته قال بالزيادة عقلا بمعنى أن في العقل أمرا هو الوجود وآخر هو الماهية ومن نفاه أطلق القول بأنه نفس الماهية لأنه لا تغاير ولا تمايز في الخارج وليس وراء الخارج أمر يتحقق فيه أحدهما بدون الآخر فيتحقق التمايز وفيه نظر لأنه لا نزاع للقائلين بنفي الوجود الذهني في تعقل الكليات والاعتباريات والمعدومات والممتنعات ومغايرة بعضها للبعض بحسب المفهوم وإنما نزاعهم في كون التعقل بحصول شيء في العقل وفي اقتضائه الثبوت في الجملة فلا يتجه لهم بمجرد نفي الوجود الذهني نفي التغاير بين الوجود والماهية في التصور بأن يكون المفهوم من أحدهما غير المفهوم من الآخر ونفي الاشتراك المعنوي بأن يعقل من الوجود معنى كلي مشترك بين الوجودات كما لا ينفي تغاير مفهوم الإنسان لمفهوم الفرس ومفهوم الإمكان لمفهوم الامتناع ولا اشتراك كل من ذلك بين الإفراد بل غاية الأمر أن لا يقولوا الوجود أمر زايد في العقل والمعنى الكلي المشترك ثابت فيه بل يقولوا زائد ومشترك عقلا وفي التعقل بمعنى أن العقل يفهم من أحدهما غير ما يفهم من الآخر ويدرك منه معنى كليا يصدق على الكل ولهذا اتفق الجمهور من القائلين بنفي الوجود الذهني على أن الوجود مشترك معنى وزائد على الماهية ذهنا بالمعنى الذي ذكرنا قال هذا في الممكن يعني أن ما ذكر من عدم تحقق الخلاف في زيادة الوجود على الماهية ذهنا بمعنى كون المفهوم من أحدهما غير المفهوم من الآخر وفي كونه نفسها عينا بمعنى عدم تمايزها بالهوية إنما هو في الممكن وأما في الواجب فعند المتكلمين له حقيقة غير مدركة للعقول مقتضية بذاتها لوجودها الخاص المغاير لها بحسب المفهوم دون الهوية كما في الممكنات وعند الفلاسفة حقيقته وجود خاص قائم بذاته ذهنا وعينا من غير افتقار إلى فاعل يوجده أو محل يقوم به في العقل وهو مخالف لوجودات الممكنات بالحقيقة وإن كان مشاركا لها في كونه معروضا للوجود المطلق ويعبرون عنه بالوجود البحت وبالوجود بشرط لا بمعنى أنه لا يقوم بماهية ولو في العقل كما في وجود الممكنات وإنما ذهبوا إلى ذلك لاعتقادهم أنه لو كان له ماهية ووجود فإن كان الواجب هو المجموع لزم تركبه ولو بحسب العقل وإن كان أحدهما لزم احتياجه ضرورة احتياج الماهية في تحققها إلى الوجود واحتياج الوجود لعروضه إلى الماهية ولو في العقل وحين اعترض عليهم بأن الوجود الخاص أيضا محتاج إلى الوجود المطلق ضرورة امتناع تحقق الخاص بدون العام أجابوا بأنه كون خاص متحقق بنفسه لا بالفاعل قائم بذاته لا بالماهية غني في التحقق عن الوجود المطلق وغيره من العوارض والأسباب مخالف لسائر الوجودات بالحقيقة وإن كان مشاركا لها في وقوع الوجود المطلق عليها وقوع لازم خارجي غير مقوم وهذا لا يوجب التركيب ولا الافتقار كما أنكم إذا جعلتموه ماهية موجودة فكونه أخص من مطلق الماهية والموجود لم يوجب احتياجه كيف والمطلق اعتباري محض وحين اعترض بأنه لم لا يجوز أن تكون تلك الحقيقة المخالفة لسائر الحقائق المتحققة بنفسها الغنية عما سواها أمرا غير الوجود أجابوا بأن المتحقق بنفسه الغني عما سواه لا يجوز أن يكون غير الوجود لأن احتياج غير الموجود في التحقق إلى الوجود ضروري وحين اعترض بأن الوجود مفهوم واحد لا يتكثر ولا يصير حصة حصة إلا بالإضافة إلى الماهيات كبياض هذا الثلج وذاك إذ لا معنى للمقيد سوى المطلق مع قيد الإضافة أجابوا بمنع ذلك بل الوجودات حصص مختلفة وحقائق متكثرة بأنفسها لا بمجرد عارض الإضافة لتكون متماثلة متفقة الحقيقة ولا بالفصول ليكون الوجود المطلق جنسا لها بل هو عارض لازم لها كنور الشمس ونور السراج فإنهما مختلفان بالحقيقة واللوازم مشتركات في عارض النور وكذا بياض الثلج والعاج بل كالكم والكيف المشتركين في العرضية بل الجوهر والعرض المشتركان في الإمكان والوجود إلا أنه لما لم يكن لكل وجود اسم خاص كما في أقسام الممكن وأقسام العرض وغير ذلك توهم أن تكثر الوجودات وكونها حصة حصة إنما هو بمجرد الإضافة إلى الماهيات المعروضة لها كبياض هذا الثلج وذاك ونور هذا السراج وذاك وليس كذلك والإنصاف أن ما ذكروا من الاختلاف بالحقيقة حق في وجود الواجب والممكن ومحتمل في مثل وجود الجوهر والعرض ومثل وجود القار وغير القار وأما في مثل وجود الإنسان والفرس ووجود زيد وعمرو فلا قال فإن قلت لما لاح من كلام الفارابي وابن سينا أن حقيقة الواجب وجود خاص معروض للوجود العام المشترك المقابل للعدم على ما لخصه الحكيم المحقق اعترض الإمام بأن فيه اعترافا بكون وجود الواجب زائدا على حقيقته وبأنه يستلزم كون الواجب موجودا بوجودين مع أنه لا أولوية لأحدهما بالعارضية وقد سبق أن النزاع في الوجودات الخاصة لا المطلق ولما كان معنى صدق الوجود المطلق على الوجودات الخاصة أن في كل منها حصة من مفهوم الوجود المطلق الذي هو الكون في الأعيان صرح بعض من حاول تلخيص كلام الحكماء بأن الحصة من مفهوم الكون في الأعيان زائد على الوجود المجرد المبدأ للممكنات الذي هو نفس ماهية الواجب فتأكد الاعتراض بأن الوجود الخاص الذي هو الحصة من مفهوم الكون زائد على حقيقة الواجب كما في الممكنات ويلزم منه أن يكون في الواجب وجودان عارض ومعروض وفي الممكن كالإنسان مثلا ماهية هو الحيوان الناطق ووجود هو الحصة من مفهوم الكون وأمر ثالث هو ما صدق عليه الوجود وهو عارض للماهية معروض للحصة وهذا مما لم يقل به أحد ولم يقم عليه دليل وإذا اعتبر هذا ببياض الثلج لزم أن يكون فيه بياض عارض هو الحصة من مفهوم البياض وآخر معروض لهذه الحصة عارض للثلج هو بياضه الخاص والجواب أن معنى الحصة من مفهوم الكون هو نفس ذلك المفهوم مع خصوصية مالا ما صدق هو عليه من الوجودات المتخالفة وكما لا نزاع لهم في زيادة مفهوم الكون فكذا في الحصة كيف وقد اتفقوا على أن حقيقة الواجب غير معلومة ومفهوم الكون معلوم بل بديهي وكذا قيد الوجوب مثلا وإنما النزاع في أن يكون لوجوده الخاص ماهية مغايرة له بحسب المفهوم كما في الممكنات وإذا تقرر أنه لا معنى للحصة من مفهوم العام الأنفس ذلك المفهوم مع خصوصية ما فكل من قال بكون الوجود مقولا على الوجودات بالتشكيك وأن المقول بالتشكيك لا يكون ماهية أو جزء ماهية لما تحته بل عارضا فقد قال بأن في الممكن أمرا وراء الماهية والحصة من مفهوم الكون هو وجوده الخاص الذي به تحققه في الأعيان بل نفس تحققه وكل دليل دل على ذلك فقد دل على هذا إلا أن هذا التغاير إنما هو بحسب العقل لا غير فليس في الخارج للإنسان مثلا أمر هو الماهية وآخر هو الوجود فضلا عن أن يكون هناك وجودان على أنا لو فرضنا كون وجوده زائدا على الماهية بحسب الخارج أيضا كما في بياض الثلج لم يلزم ذلك لأن مفهوم العام أو الحصة منه صورة عقلية محضة ولو سلم فاتحاد الموضوع والمحمول بحسب الخارج ضروري فمن أين يلزم في الإنسان وجودان وفي الثلج بياضان ( وقال ثم إن جمعا ) قد اشتهر فيما بين جمع من المتفلسفة والمتصوفة أن حقيقة الواجب هو الوجود المطلق تمسكا بأنه لا يجوز أن يكون عدما أو معدوما وهو ظاهر ولا ماهية موجودة أو مع الوجود لما في ذلك من الاحتياج والتركب فتعين أن يكون وجودا وليس هو الوجود الخاص لأنه إن أخذ مع المطلق فمركب أو مجرد المعروض فمحتاج ضرورة احتياج المقيد إلى المطلق وضرورة أنه لو ارتفع المطلق لارتفع كل وجود وحين أورد عليهم أن الوجود المطلق مفهوم كلي لا تحقق له في الخارج وله أفراد كثيرة لا تكاد تتناهى والواجب موجود واحد لا تكثر فيه أجابوا بأنه واحد شخصي موجود بوجود هو نفسه وإنما التكثر في الموجودات فبواسطة الإضافات لا بواسطة تكثر وجوداتها فإنه إذا نسب إلى الإنسان حصل موجود وإلى الفرس فموجود آخر وهكذا وعلى هذا فمعنى قولنا الواجب موجوداته وجود ومعنى قولنا الإنسان أو الفرس أو غيره موجود أنه ذو وجود بمعنى أن له نسبة إلى الواجب وهذااحترازعن شناعة التصريح بأن الواجب ليس بموجود وأن كل وجود حتى وجود القاذورات واجب تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا وإلا فتكثر الوجودات وكون الوجود المطلق مفهوما كليا لا تحقق له إلا في الذهن ضروري وما توهموا من احتياج الخاص إلى العام باطل بل الأمر بالعكس إذ لا تحقق للعام إلا في ضمن الخاص نعم إذا كان العام ذاتيا للخاص يفتقر هو إليه في تعقله وأما إذا كان عارضا فلا وما ذكروا من أنه لو ارتفع لارتفع كل وجود حتى الواجب فيمتنع ارتفاعه أي عدمه فيكون واجبا فمغالطة وإنما يلزم الوجوب لو كان امتناع العدم لذاته وهو ممنوع بل لأن ارتفاعه بالكلية يستلزم ارتفاع بعض أفراده الذي هو الواجب كسائر لوازم الواجب مثل الماهية والعلية والقابلية وغير ذلك فإن قيل بل يمتنع لذاته لامتناع اتصاف الشيء بنقيضه قلنا الممتنع اتصاف الشيء بنقيضه بمعنى حمله عليه بالمواطأة مثل قولنا الوجود عدم لا بالاشتقاق مثل قولنا الوجود معدوم كيف وقد اتفق الحكماء على أن الوجود المطلق من المعقولات الثانية والأمور الاعتبارية التي لا تحقق لها في الأعيان ثم ادعى القائلون بكون الواجب هو الوجود المطلق أن في مواضع من كلام الحكماء رمزا إلى هذا المعنى منها قولهم الواجب هو الوجود البحت والوجود بشرط لا أي الوجود الصرف الذي لا تقييد فيه أصلا ومنها قولهم الوجود خير محض لأن الشر في نفسه إنما هو عدم وجود أو عدم كمال الموجود من حيث أن ذلك العدم غير لائق به أو غير مؤثر عنده فالوجود بالقياس إلى الشيء العادم كماله قد يكون شرا لكن لا لذاته بل لكونه مؤديا إلى ذلك العدم فحيث لا عدم لا شر قطعا فالوجود البحت خير محض ومنها قولهم الوجود لا يعقل له ضد ولا مثل أما الضد فلأنه يقال عند الجمهور لموجود مساو في القوة لموجود آخر ممانع له والوجود وإن فرضنا كونه موجودا بمعنى المعروضية للوجود فلا يتصور أن يمانعه شيء من الموجودات وعند الخاص لما شارك شيئا آخر في الموضوع مع امتناع اجتماعهما فيه والموضوع هو المحل المستغنى في قوامه عن الحال ولا يتصور ذلك للوجود إذ لا تقوم لشيء بدونه ولو سلم فلا يتصور وجودي يعاقبه ولا يجامعه ومنها قولهم الوجود ليس له جنس ولا فصل لأنه بسيط لا جزء له عينا ولا ذهنا وإلا لزم تقدمه على نفسه ضرورة تقدم وجود الجزء على وجود الكل في الخارج إن كان التركب خارجيا وفي الذهن إن كان ذهنيا ولأن جزءه إن كان وجودا أو موجودا لزم تقدم الشيء على نفسه وإن كان عدما أو معدوما لزم تقدم الشيء بنقيضه ولأن الجنس يجب أن يكون أعم ولا أعم من الوجود إذ ما من شيء إلا وله وجود وفي بعض المقدمات ضعف لا يخفى ولو سلم فغاية الأمر اتصاف كل من الوجود والواجب بهذه المعاني ولا إنتاج عن الموجبتين في الشكل الثاني وتحقيقه أن لزوم هذه الأمور للوجود لا يوجب كونه الواجب مالم نتبين مساواتها للملزوم ثم القول بكون الواجب هو الوجود المطلق ينافي تصريحهم بأمور منها أن الوجود المطلق من المحمولات العقلية أي الأمور التي يمتنع استغناؤها عن المحل عقلا ويمتنع حصولها فيه بحسب الخارج كالإمكان والماهية بخلاف مثل الإنسان فإنه مستغن عن المحل ومثل البياض فإن قيامه بالمحل خارجي ومنها أنه من المعقولات الثانية أي العوارض التي تلحق المعقولات الأولى من حيث لا يحاذي بها أمر في الخارج كالكلية والجزئية والذاتية والعرضية لأنها أمور تلحق حقائق الأشياء عند حصولها في العقل وليس في الأعيان شيء هو الوجود أو الذاتية أو العرضية مثلا وإنما في الأعيان الإنسان والسواد مثلا وههنا نظر من جهة أن ما انساق إليه البيان هو أن وجودات الأشياء من المحمولات العقلية والمعقولات الثانية وكان الكلام في الوجود المطلق ومنها أنه ينقسم إلى الواجب والممكن لأنه إن كان مفتقرا إلى سبب فممكن وإلا فواجب وإلى القديم والحادث لأنه إن كان مسبوقا بالغير أو بالعدم فحادث وإلا فقديم ومنها أنه يتكثر بتكثر الموضوعات الشخصية كوجود زيد وعمرو والنوعية كوجود الإنسان والفرس والجنسية كوجود الحيوان والنبات فإن قيل الموضوع هو المحل المستغني في قوامه عن الحال ولا يتصور ذلك للوجود قلنا المراد ههنا ما يقابل المحمول وهو الذي يحمل عليه الوجود بالاشتقاق ولو سلم فالقيام ههنا عقلي والماهية تلاحظ دون الوجود وهذا معنى استغنائه عن العارض وإن كان لا ينفك عن وجود عقلي وظاهر هذا الكلام أن وجودات الممكنات إنما هي نفس الوجود المطلق تكثرت بالإضافة إلى المحل وليست أمورا متكثرة متحصصة بأنفسها معروضة له وكان المراد أن الوجود المطلق يتكثر ما صدق هو عليه من الوجودات الخاصة بتكثر الموضوعات ومنها أنه مقول على الوجودات بالتشكيك كما سبق وجميع ذلك مما يستحيل في حق الواجب تعالى وتقدس وبالجملة فالقول بكون الواجب هو الوجود المطلق مبني على أصول فاسدة مثل كونه واحدا بالشخص موجودا في الخارج ممتنع العدم لذاته ومستلزم لبطلان أمور اتفق العقلاء عليها مثل كونه أعرف الأشياء مشتركا بين الوجودات مقولا عليها بالتشكيك معدودا في ثواني المعقولات وكون الواجب مبدأ لوجود الممكنات متصفا بالعلم والقدرة والإرادة والحياة وإرسال الرسل وإنزال الكتب وغير ذلك مما وردت به الشريعة قال وما أعجب حال الوجود يتعجب من اختلافات العقلاء في أحوال الوجود ومع اتفاقهم على أنه أعرف الأشياء مع أن الغالب من حال الشيء أن تتبع ذاته في الجلاء والخفاء فمنها اختلافهم في أنه جزئي أو كلي فقيل جزئي حقيقي لا تعدد فيه أصلا وإنما التعدد في الموجودات بواسطة الإضافات حتى أن قولنا وجود زيد أو وجود عمرو بمنزلة قولنا إله زيد وإله عمرو والحق أنه كلي والوجودات إفراده ومنها اختلافهم في أنه واجب أو ممكن فقد ذهب جمع كثير من المتأخرين إلى أنه واجب على ما ذكرنا وذلك هو الضلال البعيد ومنها اختلافهم في أنه عرض أو جوهر أو ليس بعرض ولا جوهر لكونهما من أقسام الممكن الموجود وهذا هو الحق وفي كلام الإمام ما يشعر بأنه عرض وبه صرح جمع كثير من المتكلمين وهو بعيد جدا لأن العرض مالا يتقوم بنفسه بل بمحله المستغني عنه في تقومه ولا يتصور استغناء شيء في تقومه وتحققه عن الوجود ومنها اختلافهم في أنه موجود أو لا فقيل موجود بوجود هو نفسه فلا يتسلسل وقيل بل اعتباري محض لا تحقق له في الأعيان إذ لو وجد فإما أن يوجد بوجود زائد فيتسلسل أو بوجود هو نفسه فلا يكون إطلاق الموجود على الوجود وعلى سائر الأشياء بمعنى واحد لأن معناه في الوجود أنه الوجود وفي غيره أنه ذو الوجود ولأنه إما أن يكون جوهرا فلا يقع صفة للأشياء أو عرضا فيتقوم المحل دونه والتقوم بدون الوجود محال ولأن ما ذكر في زيادة الوجود على الماهية من أنا نعقل الماهية ونشك في وجودها جاز بعينه في وجود الوجود فإنا نعقل الوجود ونشك في وجوده فلو وجد لكان وجوده زائدا وتسلسل وبهذا يتبين بطلان ما ذهب إليه الفلاسفة من أن ماهية الواجب نفس الوجود المجرد وذلك لأنا بعدما نتصور الوجود المجرد نطلب بالبرهان وجوده في الأعيان فيكون وجوده زائدا ويتسلسل ولا محيص إلا بأن الوجود المقول على الوجودات اعتبار عقلي كما سبق وقيل الوجود ليس بموجود ولا معدوم بل واسطة على ما سيأتي ومنها اختلافهم في أن الوجودات الخاصة نفس الماهيات أو زائدة عليها كما سبق ومنها اختلافهم في أن لفظ الوجود مشترك بين مفهومات مختلفة على ما نقل عن الأشعري أو متواطئ يقع على الوجودات بمعنى واحد لا تفاوت فيه أصلا أو مشكك يقع عليها بمعنى واحد هو مفهوم الكون لكن لا على السواء وهو الحق ( قال المبحث الثالث الوجود ) على مراتب أعلاها الوجود في الأعيان وهو الوجود المتأصل المتفق عليه الذي به تحقق ذات الشيء وحقيقته بل نفس تحققها ثم الوجود في الأذهان وهو وجود غير متأصل بمنزلة الظل للجسم يكون المتحقق به الصورة المطابقة للشيء بمعنى أنها لو تحققت في الخارج لكانت ذلك الشيء كما أن ظل الشجر لوتجسم لكان ذلك الشجر ثم الوجود في العبارة ثم في الكتابة وهما من حيث الإضافة إلى ذات الشيء وحقيقته مجازيان لأن الموجود من زيد في اللفظ صوت موضوع بإزائه وفي الخط نقش موضوع بإزائه اللفظ الدال عليه لا ذات زيد ولا صورته نعم إذا أضيف إلى اللفظ الموضوع بإزائه أو النقش الموضوع بإزاء ذلك اللفظ كان وجودا حقيقيا من قبيل الوجود في الأعيان ولكل لاحق فيما ذكرنا من الترتيب دلالة على السابق فللذهني على العيني وللفظي على الذهني وللخطي على اللفظي فتتحقق ثلاث دلالات أوليها عقلية محضة لا يختلف فيها بحسب اختلاف الأشخاص والأوضاع الدال ولا المدلول إذ بأي لفظ عبر عن السماء فالموجود منها في الخارج هو ذلك الشخص وفي الذهن هو الصورة المعينة المطابقة له والأخريان أعني دلالة اللفظ على الصورة الذهنية ودلالة الخط على اللفظ وضعيان يختلف في الأولى منهما الدال بأن يعين طائفة لفظا كالسماء وطائفة أخرى لفظا آخر كما في الفارسية وغيرها لا المدلول لأن الصورة الذهنية لا تختلف باختلاف اللغات وتختلف في الثانية أعني دلالة الخط على اللفظ الدال والمدلول جميعا واختلاف الدال لا يختص بحالة اختلاف المدلول بل قد يكون مع اتحاده كلفظ السماء يكتب بصور مختلفة بحسب اختلاف الاصطلاحات في الكتابة فإن قيل معنى الدلالة كون الشيء بحيث يفهم منه شيء آخر فإذا اعتبرت فيما بين الصور الذهنية والأعيان الخارجية ولا معنى لفهمها والعلم بها سوى حصول صورها كان بمنزلة أن يقال يحصل من حصول الصور حصول الصور قلنا المراد أنه إذا أحكم على الأشياء كان الحاصل في الذهن هو الصور ويحصل منها الحكم على الأعيان الخارجية فإنا إذا قلنا العالم حادث فالحاصل في الذهن صورة العالم وصورة الحدوث وقد حصل منها العلم بثبوت الحدوث للعالم الموجود في الخارج فإن قيل نحن قاطعون بأن الواضع إنما عين الألفاظ بإزاء ما نعقله من الأعيان وللدلالة عليها ولهذا يقول بالوضع والدلالة من لا يقول بالصور الذهنية نعم إذا لم يكن للمعقول وجود في الخارج كان المدلول هو نفس الصورة عند من يقول بها كالمعدوم والمستحيل قلنا مبنى هذا الكلام على إثبات الصور الذهنية فإنه مما يكاد يفضي به بديهة العقل ولما كان عند سماع اللفظ ترتسم الصورة في النفس فيعلم ثبوت الحكم لما في الخارج جعلوا الخارج مدلول الصورة والصورة مدلول اللفظ وأما كون مدلول الخط هو اللفظ فظاهر والحكمة فيه قلة المؤنة حيث اكتفي بحفظ صور متعددة تترتب بترتب الحروف في الألفاظ من غير احتياج إلى أن يحفظ لكل معنى صورة مخصوصة ( قال ويستدل ) كون العلم سيما العلم بمالا تحقق له في الأعيان مقتضيا لثبوت أمر في الذهن ظاهر يجري مجرى الضروريات فمن ههنا زعم بعضهم أن إنكار الوجود الذهني إنكار للأمر الضروري واستدل المثبتون بوجوه
Страница 77