شرح لمعة الاعتقاد لخالد المصلح

Халед аль-Муслех d. Unknown
71

شرح لمعة الاعتقاد لخالد المصلح

شرح لمعة الاعتقاد لخالد المصلح

Жанры

كلام الله عام لجميع الناس يوم القيامة يقول ﵀: (وسمعه جبريل ﵇ أي: تلقاه جبريل عن الله جل وعلا، قال: (ومن أذن له من ملائكته ورسله)، أي: يسمع كلام الله ﷿ من يأذن الله ﷿ له أن يسمع كلامه من ملائكته ورسله. (وأنه سبحانه يكلم المؤمنين في الآخرة ويكلمونه)، في الآخرة يحتمل أنه في الجنة، ويحتمل أنه في الموقف، ولكن المراد: أنه يكلمهم في الجنة، وخص المؤمنين بالتكليم مع أن ظاهر الحديث: أنه يكلم أهل الإيمان وغيرهم؛ لأن تكليمه لأهل الإيمان أعلى ما يكون من الكلام، أما تكليمه لأهل الكفر فإنه تكليم تقريع وتوبيخ وتعذيب، وليس تكليم إكرام ومنة. وتكليمه لأهل الكفر لا إشكال فيه، دل عليه قوله ﷺ: (ما منكم من أحد إلا وسيكلمه ربه)، والخطاب هنا ليس خاصًا بالصحابة، بل يعم كل أحد، ويدل له ما رواه الإمام مسلم من حديث أبي هريرة، وفيه: (إن الله يخلو بعبده الكافر، فيقول: ألم أسودك؟ ألم أربعك؟ ألم أجعلك ترأس؟ فيقول: بلى يا رب، فيقول: أكنت تظن أنك ملاقي؟ فيقول الرجل: لا، فيقول الله ﷿: اليوم أنساك كما نسيتني) وهذا لا يمكن أن يكون من مسلم، ولا يكون إلا من كافر. ثم قال المؤلف رحمه الله تعالى في ذكر الآيات الدالة على إثبات هذه الصفة للرب جل وعلا: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ [النساء:١٦٤] وذكرنا أن هذه الآية من أصرح الآيات في إثبات صفة الكلام لله جل وعلا،؛ لأن الله أكد كلامه بالمصدر في قوله: (تكليمًا)، والعجيب أن المحرفين قالوا: إن هذه الآية تدل على أن موسى لم يحصل له من الفضل أكثر من غيره، وإنما معنى الكلام هنا: الجرح، كقول النبي ﷺ: (الله أعلم بمن يكلم في سبيله)، أي: يجرح، فقالوا: معنى «وكلم الله موسى تكليما»، أي: جرحه بأظافير الحكمة، هكذا حرفوا الكلم عن مواضعه، مع أن المقام مقام بيان وتشريف؛ لأن الله ﷿ ابتدأ الكلام بقوله: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ﴾ [النساء:١٦٣]، ثم إنه ذكر تكليمه جل وعلا لموسى وأكد ذلك بالمصدر، ومع ذلك حرفوا الكلم عن مواضعه وقالوا: إن المراد هنا بالتكليم التجريح، وهذا لاشك أنه يدخل فيما ذكره الله تعالى من تحريف الكلم عن مواضعه. وقال سبحانه: ﴿قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي﴾ [الأعراف:١٤٤]، وهذا دليل على أن الله ﷿ كلم موسى، وأنه اختصه بشيء من الكلام لا يشاركه فيه أحد من الناس. ولكن هل هذا يدل على أن موسى ﵇ أفضل من نبينا ﵊؟ الجواب لا، لأن الاختصاص بفضيلة خاصة لا يلزم منه الفضل من كل وجه، وهذه قاعدة مطردة في كل ما ورد من الفضائل، فسيدنا موسى ﵇ فضل على نبينا ﷺ في هذا، لكن النبي ﷺ أفضل منه من حيث العموم، بما خصه الله به وحباه به من الفضائل. ﴿قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي﴾ [الأعراف:١٤٤]، وقال سبحانه: ﴿مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ﴾ [البقرة:٢٥٣]، فدل ذلك أن تكليم الله لموسى ليس خاصًا بموسى، بل من الرسل من كلم الله ﷿.

4 / 12