شرح لمعة الاعتقاد للمحمود
شرح لمعة الاعتقاد للمحمود
Жанры
معنى قول الشافعي: (آمنت بما جاء عن الله على مراد الله)
ثم قال المصنف رحمه الله تعالى: [قال الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي ﵁: آمنت بالله وبما جاء عن الله على مراد الله، وآمنت برسول الله وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله] .
وهذه عبارة عظيمة للإمام الشافعي ﵀.
أي: أنه يؤمن بالله تعالى وبما جاء عن الله في كتابه، وبما جاء عن رسول الله ﷺ في سنته على مراد الله وقصده، وعلى مراد رسول الله ﷺ وقصده.
والمعنى: أنني آمنت بهما كما أراد الله ﵎ وأراد الرسول ﷺ.
وقد يقول القائل: وهل معنى ذلك التسليم: أنني آمنت بما آمنت به لكن لا أعرف معناه؟ فنقول: لا؛ فإن الله تعالى لما أنزل علينا القرآن أراد منا أن نتلوه، وأن نعرف معناه، وأن نفهمه، وأن نعمل به، وإلا فكيف نعمل بالقرآن ونحن لا نفقه معناه؟! قال ﷿: ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ [محمد:٢٤]، وقال: ﴿أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ﴾ [المؤمنون:٦٨]، وقال: ﴿أَفَلا تَعْقِلُونَ﴾ [البقرة:٤٤] إلى آخر الآيات.
أذًا: مراد الله لما أنزل علينا هذا القرآن وفيه أسماء الله وفيه صفاته أن نتدبر.
ومن هنا فنحن نثبتها على ما أراد الله؛ لأن سياقات هذه الآيات القرآنية دالة على ذلك، فحينما يقول الله ﷾: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [المائدة:٢] أراد الله أن نفهم أنه شديد العقاب، لا أن نثبت اللفظ ولا نفقه المعنى، فوالله! لو كان هذا هو المراد ما فقهنا آيات القرآن من أولها إلى آخرها؛ لأنه لا تخلو -تقريبًا- جملة من الآيات في سياق واحد من التذكير بأسماء الله وصفاته، فإذا كنت لا تفهم معنى أن الله شديد العقاب فمعنى ذلك: أنك ما فقهت الوعيد الذي ترتب عليه في هذا النص حينما نهاك الله ﷾ عن مخالفة أمره، وأمرك باتباع ما أمرك وهكذا.
وكذلك أيضًا على مراد رسول الله، فالرسول ﷺ حدث أصحابه، وقال لهم: (ينزل ربنا)، وقال: (إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر)، وأراد رسول الله ﷺ من الصحابة أن يثبتوا أن الله يُرى كما يُرى القمران، والتشبيه إنما هو للرؤية، وليس للرئي بالمرئي، فهذا هو معنى عبارة الشافعي رحمه الله تعالى.
2 / 12