101

شرح لمعة الاعتقاد للمحمود

شرح لمعة الاعتقاد للمحمود

Жанры

إثبات صفة العلو لله ﷿ وذكر الأدلة على ذلك ثم قال المصنف رحمه الله تعالى: [وقوله تعالى: ﴿أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾ [الملك:١٦]] . من هذه الآية وما بعدها من الأدلة بدأ الشيخ يتحدث عن قضية كبرى، ألا وهي قضية إثبات العلو لله ﷾. وهذه القضية هي من القضايا الكبار في العقيدة الإسلامية، ومن القضايا الكبار التي خاض فيها المتكلمون قديمًا وحديثًا، وإن الإنسان ليصيبه الحزن حينما يرى كثيرًا من المنتسبين للعلم ممن لم يدرس ويتفهم عقيدة السلف الصالح لا يقر بهذه الحقيقة الكبرى، فلقد خاض المتكلمون منذ القرن الأول وإلى عصرنا الحاضر في إثبات أن الله ﷾ في جهة العلو في السماء، وأنه فوق المخلوقات، ولقد دل على ذلك في كتاب الله تعالى وفي سنة رسوله ﷺ أكثر من ألف دليل، وهذا يدل على أهمية مدارسة منهج السلف الصالح وتربية الأمة وتنشئتهم عليه، ولكن عمي عن هذه الحقيقة ألوف مؤلفة ممن ينتسب إلى الإسلام؛ فقد نشأ منذ القرون الأولى وإلى عصرنا الحاضر فئام ممن نهج منهج المتكلمين أو تأثر بهم، وإذا سألت أحدهم: هل تؤمن أن الله في السماء؟ أو سألته بسؤال رسول الله ﷺ الذي في صحيح مسلم حين سأل الجارية وقال لها: (أين الله؟ قالت: في السماء)، أو إذا سألته: هل تقر بأن الله ﷾ في العلو فوق خلقه بائن منهم؟ فإنه يقول لك: لا يجوز أن تقول هذا؛ إنك إن قلت هذا فأنت تشبه الله بخلقه، وأنت تجسم الله، وأنت تقول: إن الله متحيز، وكأنه في مكان معين! وإذا قلت له: فماذا تقول؟ يقول: اختلفوا على قولين: فبعضهم يقول: الله في كل مكان، وهذا قول لبعض المتكلمين، وبعضهم له قول آخر فلسفي عجيب يقول فيه: لا داخل العالم ولا خارجه! وأهل السنة والجماعة، وعلى رأسهم سيد الأولين والآخرين محمد ﷺ، وصحابته من بعده والسائرون على منهاجهم، يقولون: إن الله ﵎ بائن من خلقه في السماء فوق العالم على العرش استوى استواءً يليق بجلاله وعظمته. إن هذه القضية الكبرى تكاد تكون من المعلوم بالدين بالضرورة؛ لأن من قرأ كتاب الله من أوله إلى آخره ومن اطلع على سنة رسول الله ﷺ يجد أنه لا تكاد تخلو صفحة من القرآن العظيم إلا وفيها الدلالة على أن الله ﷾ في السماء، وأنه في العلو. وهذه القضية قضية كبرى، وقضية مهمة جدًا؛ يميز فيها بين من ينهج منهج السلف الصالح وبين من ينهج نهج من خالفهم من المتكلمين؛ والأدلة صريحة في ذلك، ونحن هنا سنعرض لما ذكره المصنف من أدلة، أما استقصاء الأدلة فارجعوا إليها في الكتب التي ألفت في هذا الموضوع، وبالذات الكتب التي خصصت لهذه القضية، ومنها كتاب (العلو) لشيخنا الذي نشرح كتابه ابن قدامة؛ فإن له كتابًا مطبوعًا اسمه (العلو) ومنها ما ألفه شيخ الإسلام الإمام الذهبي رحمه الله تعالى؛ فإن له كتابًا اسمه (العلو)، وقد اختصره الشيخ الإمام المحدث ناصر الدين الألباني في كتاب عظيم سماه (مختصر العلو) وخرج أحاديثه، فجزاه الله خيرًا، وأثابه، وهناك غيرها من الكتب، ولا يكاد يخلو كتاب من كتب السنة ومن كتب العقيدة إلا وفيه تقرير للأدلة الدالة على أن الله ﷾ في العلو.

5 / 10