شرح لمعة الاعتقاد - يوسف الغفيص
شرح لمعة الاعتقاد - يوسف الغفيص
Жанры
امتناع الجبر حسًا وشرعًا
قال الموفق ﵀: [ونعلم أن الله ﷾ ما أمر ونهى إلا المستطيع للفعل والترك، وأنه لم يجبر أحدًا على معصية، ولا اضطره إلى ترك طاعة].
هذا مدرك بالحس، فمن يقع في معصية يشعر أنه مجبور عليها، أليس للإنسان حسًا فلا يفعل فعلًا سواء كان خيرًا أو شرًا، طاعة أو معصية، عادةً أو عبادة، إلا وهو يشعر أنه ممكن أن يفعل وممكن أن لا يفعل.
إذًا: الجبر أمر ممتنع في الحس، وإذا تأمل الإنسان ذلك الحس وجد أنه ليس هناك أحد مجبور، بل الله ﷾ من حكمته ولطفه أن جعل القدرة والإرادة إذا عدمت سقط التكليف ..
بل لو نقصت القدرة والإرادة نقص التكليف؛ فالمميز من الصبيان الذي لم يبلغ مع أنه قادر وله إرادة، لكن قدرته وإرادته لم تستتم فإنه لا يكلف.
إذًا: مسألة الجبر ممتنعة بالعقل، ولا يمكن أن يتبادر إلى عقل الإنسان أنه مجبور، بل كل إنسان يرى من نفسه أنه يقدر على الفعل والترك سواء بسواء، وإنما هي شبهة من إبليس زينها للبعض كما زينها للمشركين ولكثير من الفساق في بعض المعاصي، فهي حجة شيطانية، ولذلك فإنها ترد في ترك الطاعات فقط لا في فعل المعاصي، فلم يقل الشيطان له يومًا من الدهر: أنت مجبور على الخير وترك الشر مع أنها ممكنة.
9 / 10