يصف شدة قربها منه، وذبابة العين: مؤخّرها، واللحظ: طرف العين مما يلي الصدغ، والموق: طرفها مما يلي الأنف، والحملاق: باطن جفن العين، والإغراء: ضد التحذير، والسوام: هو المال الراعي، يقال: سامته الماشية، وهي سائمة وسوام، والنوم: معروف، وهو ضد اليقظة.
الإعراب: طرد: فعل وفاعل، سرح: مفعول به، والكرى: مجرور بالإضافة، عن ورد: جار ومجرور، ومضاف إليه، وهو في موضع نصب؛ لأنه مفعول ثان لطردت، وعن هنا للتجاوز، والليل: الواو واو الحال، والليل مرفوع على أنه مبتدأ، أغرى: فعل ماض سدّ مسد الخبر للمبتدأ، إذ الفاعل فيه ضمير مستتر يرجع إلى الليل، والخبر إذا كان فعلًا وجب تأخيره؛ لأنه لو تقدّم خرج عن باب المبتدأ والخبر إلى باب الفعل والفاعل، سوام: منصوب على أنه مفعول به، والنوم: مضاف إليه، بالمقل: جار ومجرور موضعه النصب، متعلق بأغرى، والباء هنا للتعدية، وقوله: والليل أغرى سوام النوم بالمقل في موضع النصب على الحال؛ كأنه قال: طردت الكرى عنه في حالة أغرى الليل سوام النوم بالمقل.
المعنى: إني منعته النوم بالمحادثة، ونحن في ليل قد أقبل بالنوم على العيون، وحببه إلى المقل، واستعار الطرد للمنع، كما استعار الكرى سرحا، إذ هو من متعلق السرح، ولذلك أكّده بالاستعارة الثانية؛ لأنه أبدل السرح للنوم بالسوام، وهما من باب واحد، وحسن الاستعارة هنا أنّ السرح السائم إذا ورد الماء كان كأنه يذهبه بالشرب، وإذا سام في النبات رعاه، فأذهب ما فيه من العشب، وقد يكون فيه زهر يشبه العيون اليقظى، فإذا ذهب بالرعي أشبه العين التي زال رونقها، وغاب بياضها وسوادها بالنوم/* (١) وكذلك الماء المورود للسرح يشبه العين اليقظى، فإذا ذهب أشبه تغميضها.
قال الشارح: وقد ناكد الطغرائي الرفيق، ومنعه نومه، فكان كما يُقال لا ينام، ولا يدع الناس ينامون، ولو كفاه شرّه لسرّه، فإنّ الخليّ لا يلزم بحال الشجيّ، والوزير المغربي (٢) كان أشد الناس إنصافا منه حيث قال: (من الكامل)
لي كلما ابتسم النهارُ تعلةٌ ... بمحدثٍ ما شان قلبي شانه
فإذا الدجى وافى واقبل جنحه ... فهناك يدري الهم أين مكانه
_________
(١) * من هنا بدأت الصفحة [٢٣ ب] في المخطوطة ب.
(٢) الوزير المغربي: ٣٧٠ - ٤١٨ هـ / ٩٨٠ - ١٠٢٧ م
الحسين بن علي بن الحسين، أبو القاسم المغربي. وزير، من الدهاة، العلماء الأدباء، يقال إنه من أبناء الأكاسرة، ولد بمصر، وتقلبت به الأحوال إلى أن استوزره مشرف الدولة البويهي ببغداد، عشرة أشهر وأيامًا، واضطرب أمره وأقام بميافارقين إلى أن توفي، وحمل إلى الكوفة بوصية منه فدفن فيها. له كتب منها (السياسة- ط) رسالة، و(اختيار شعر أبي تمام)، و(اختيار شعر البحتري)، و(اختيار شعر المتنبي والطعن عليه)، و(مختصر إصلاح المنطق) في اللغة، و(أدب الخواص)، و(المأثور في ملح الخدور)، و(الإيناس)، و(ديوان شعر ونثر) وهو الذي وجه إليه أبو العلاء المعري (رسالة المنيح). ديوانه / (م).
1 / 51