ومن معاني أفعل التعدية، وهي أشهر معانيه، ويعبر عنها بالنقل أيضا، وهي عند بعض الفاعل مفعولا، ولا تعرف أيضا بإيصال معنى الفعل إلى الاسم، وقال بعضهم: هي أن يجعل الفعل بحيث يتوقف فهمه على متعلق، بعد أن لم يكن كذلك، وقال بعضهم: هي أن تضمن الفعل معنى التصيير، فيصير فاعل أصل الفعل مفعولا للتصيير، فإنك إذا أردت أن تجعل اللازم متعديا ضمنته معنى التصيير بادخال الهمزة مثلا، ثم جئت باسم وصيرته فاعلا لهذا الفعل، وجعلت فاعل أصل الفعل مفعولا، نحو: جلس زيد وأجلسته، ففاعل جلس هو الذي صيرته جالسا.
قال الجاربردي: وفي تمشية هذا المعنى في فسقته نظر لأن معناه نسبته إلى الفسق لا صيرته فاسقا، ولو قيل معناها: أن يجعل الفعل لفاعل يصير من كان فاعلا له قلب التعدية، منسووبا إلى الفعل لكان أقرب.
قال ابن قاسم: لا نسلم أن معناه نسبته إلى الفسق، بل صيرته فاسقا، وإن سلمنا لكن جعله فاسقا مجاز.
وقال اللقاني: التعدية هي إيصال معنى الفعل إلى مفعول لا يصل إليه الفعل بدون المعدي، أي بكسر الدال وهو الهمزة وغيرها كالتضعيف، وهو أولى.
واعلم أن التعدية بالهمزة مقيسة في القاصر والمتعدي إلى واحد عند بعض لا غيره، وقيل مقيسة في القاصر، سماعية في غيره وهو الحق عند ابن هشام، قال: وهو ظاهر مذهب سيبويه، وقيل: سماعية في القاصر وغيره، ولا تعدى إلى ثلاثة ما تعدى إلى اثنين إلا رأي وعلم إذا دخلتهما عدتهما إلى ثلاثة، وأجاز الأخفش أن يعامل غيرهما معاملتهما إذا كان من أخواتهما القلبية فيقول: أظننت زيدا عمرا قائما، وأحسبته إياه فاضلا، وهو مذهب جماعة من البصريين طرد للباب، واختاره ابن السراج.
Страница 145