إن سأل سائل عن حد الاسم، فإن الجواب في ذلك أن يقال: كل شيء دل لفظه على معنى غير مقترن بزمان محصّل، من مضىّ أو غيره فهو اسم.
فهذا الحد الذي لا يخرج منه اسم البتة، ولا يدخل فيه غير اسم. وتوهم بعض الناس أن " مضرب الشّول "، وما جرى مجراه، قد دل على الضّراب، وعلى الزمان الذي يقع فيه، وأراد بذلك إفساد ما ذكرناه من حد الفعل بدلالته على الحدث والزمان، وقد وهم فيما توهم؛ لأن الذي أردناه من الدلالة على الزمان، هو ما يدل عليه الفعل بلفظه من زمان ماض أو غير ماض، كقولك: " قام، ويقوم " و" مضرب " اسم للزمان الذي يقع فيه الضّراب دون الضرّاب، كقولنا: مشتى ومصيف، وقولك: " أتى مضرب الشول "، و" انقضى مضرب الشول ". كما يقال: جاء وقته، وذهب وقته. ولو كانت الأسماء المشتقة توجب ألا ينفرد المشتق له بالاسم إلا أن ينضم إليه المعنى الذي اشتق منه اللفظ، لكان الزاني يقتضي الرجل والزنى جميعا، وكنا إذا قلنا لعن الله الزاني فقد أدخلنا الزنى معه في اللعن، وهذا بيّن الفساد.
وأما الفعل فللسائل أن يسأل فيقول: لم لقّب هذا بالفعل وقد علمنا أن الأشياء كلها أفعال لله تعالى ولخلقه:
فالجواب في ذلك أن الفعل في حقيقته ما فعله فاعله فأحدثه، وإنما لقّب النحويون أشياء من ألفاظهم ليرتاض بها
المتعلمون ويتناولوها من قرب، وجعلوا لكل شيء مما خالف معناه معنى غيره من الألفاظ التي يحتاجون إلى استعمالها كثيرا لقبا يرجع إليه: لئلا تتسع عليهم الألفاظ، فيدخل الشيء في غير بابه احتياطا، فلقبوا بالفعل كل ما دل لفظه على حدث مقترن بزمان، ماض، أو مستقبل، أو مبهم في الاستقبال والحال، لينماز مما لقبوه بالاسم والحرف.
فقال سيبويه: " وأما الفعل فأمثلة ":
وقصد إلى هذا الجنس الذي ذكرناه، وقوله: " أمثلة " أراد به: أبنية؛ لأن أبنية الأفعال مختلفة، فمنها على " فعل " نحو " ضرب " ومنها على " فعل " نحو " علم " و" فعل " نحو " ظرف " وغير ذلك من الأبنية، وهي تسعة عشر بناء لما سمّي فاعله، ولا يعد فيها ما يلحق من الثلاثي بالرباعي كبيطر وحوقل وسلقى ونحو ذلك، وإنما بعد الثلاثة غير الملحقة، والرباعية يدخل فيها ما ألحق بها.
1 / 15