شرح كتاب السنة للبربهاري - الراجحي
شرح كتاب السنة للبربهاري - الراجحي
Жанры
الإيمان بنزول عيسى ﵇
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [والإيمان بنزول عيسى بن مريم ﵇، ينزل فيقتل الدجال، ويتزوج ويصلي خلف القائم من آل محمد ﷺ، ويموت ويدفنه المسلمون].
أي: من معتقدات أهل السنة والجماعة: الإيمان بنزول عيسى بن مريم ﵇، وهو العلامة الثالثة من علامات الساعة الكبرى، فالأولى خروج الإمام المهدي، ثم خروج الدجال، ثم عيسى بن مريم.
ينزل عيسى بن مريم ﵇ من السماء، وهو حي الآن وموجود، ينزل فيقتل الدجال، ويتزوج ويصلي خلف القائم من آل محمد ﷺ، ثم يموت.
وقوله: (خلف القائم) يعني: خلف المهدي الذي هو إمام المسلمين.
وجاء في الحديث أنه ينزل في وقت الصلاة، تقام الصلاة فيقدمه إمام المسلمين فيقول: لا، تقدم أنت، إمامكم منكم، تكرمة الله لهذه الأمة، وهذا حق، فلا بد من الإيمان بنزل عيسى بن مريم ﵇.
قال الله تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا﴾ [النساء:١٥٩]، وفي الحديث يقول النبي ﷺ كما جاء في صحيح البخاري: (لينزلن فيكم ابن مريم حكمًا عدلًا - وفي رواية - مقسطًا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد)، فإذا نزل عيسى ﵇ فإنه يقوم بكسر الصليب الذي يعبده النصارى؛ ليبين لهم بطلان ما هم عليه من الدين.
والنصارى لماذا يعبدون الصليب؟ يقولون: إن عيسى قتل وصلب، فاتخذوا الصليب شعارًا لهم وعبدوه.
وهذا من جهلهم وضلالهم؛ لأنه إذا كان نبيهم قتل وصلب، فكيف يعبدون الصليب، ولماذا يعبدونه؟ فإن فعلهم هذا يوحي بأنهم فرحوا بقتله وصلبه، فإنهم إذا كانوا صادقين في محبة نبيهم وتعظيمه فكان يجب عليهم أن يكرهوا الصليب ويبغضوه ويكسروه، فكيف يعبدون الصليب إذا كانوا صادقين.
وعيسى ﵇ لم يقتل ولم يصلب في الحقيقة، ولكن الله رفعه، قال الله تعالى: ﴿وَمَا قَتَلُوْهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾ [النساء:١٥٧ - ١٥٨]، فإذا نزل ﵇ كسر الصليب، لبيان بطلان ما عليه النصارى من الدين المحرف، وقتل الخنزير أيضًا، ويضع الجزية، ولا يقبل إلا الإسلام أو السيف، يعني النصارى واليهود الآن يخيرون بين الإسلام أو السيف أو الجزية، فهذه الأحكام الثلاثة مستمرة حتى ينزل عيسى، فإذا نزل انتهت الجزية، ولا يبقى إلا الإسلام أو السيف، فقد أخبر النبي ﷺ أنه إذا نزل عيسى انتهى هذا الحكم، وهو قبول الجزية، فالجزية مقبولة من اليهود والنصارى إلى نزول عيسى، فإذا نزل انتهى قبول الجزية، ويبقى حكمان: الإسلام أو السيف.
ففي الحديث: (والذي نفسي بيده لينزلن فيكم ابن مريم حكمًا مقسطًا، فيقتل الخنزير، ويكسر الصليب، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد)، وفي اللفظ الآخر: (حتى تكون السجدة أحب إليكم من الدنيا وما فيها)، يعني: أن الناس يزهدون في الدنيا لقرب الساعة، وظهور علاماتها الكبرى.
4 / 9