شرح كتاب الجامع لأحكام العمرة والحج والزيارة - حطيبة
شرح كتاب الجامع لأحكام العمرة والحج والزيارة - حطيبة
Жанры
النفقة الحلال
ينبغي للمرء أن يحرص أن تكون نفقته حلالًا إذا خرج لحج أو لعمرة أو لسفر في غزوة وغيرها، فلا ينفق من حرام، والإنسان الذي ينفق من حرام جاء في حديث النبي ﷺ أنه عندما يرفع يديه إلى الله بالدعاء لا يستجاب له، فيقول: (يا رب! يا رب! ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له؟) أي: كيف يستجاب له على ذلك؟ فالذاهب للحج أو للعمرة ذاهب ليغفر الله ﷿ له ذنوبه، ذاهب ليقول: لبيك اللهم لبيك، فهو ينتظر المغفرة، فإذا كان طعامه، وشرابه، وماله ويقول: يا رب! يا رب! فكيف يستجاب له؟! إذًا: ينبغي له أن ينقي ماله من الحرام وأن يخرجه من ماله فيتصدق به إذا لم يعرف صاحبه، أما إذا كان له صاحب فيعيد المال إلى صاحبه، ويحج بنفقة حلال.
كذلك لو أنه حج أو اعتمر أو غزى بمال حرام، من مهنة محرمة، أو بمال كان مغصوبًا عنده، فيجب عليه أن يعيد هذا المال إلى صاحبه، لكن هل حجه يكون صحيح أو ليس صحيحًا إذا حج بمال حرام؟ هناك فرق بين أن يكون العمل صحيحًا، وبين أن يكون مقبولًا، فهو صحيح بمعنى أنه سقط عنه الفرض، ولا يلزم بإعادته مرة ثانية، هذا هو الصحيح، لكن المقبول بمعنى أنه يعذب وقد لا يقبل الله ﷾ العمل؛ لأن النبي ﷺ قال: (فأنى يستجاب له؟) إذًا: فهذا الإنسان ليس عليه أن يحج مرة ثانية، لكن لا نقول: إن حجه مقبول عند الله ﷿؛ لأنه لم يذكر لنا النبي ﷺ أن مثل هذا الإنسان يقبل عمله، بل قال: (فأنى يستجاب له؟).
أما الحديث الذي جاء عنه ﷺ وفيه: (من حج بمال حرام فقال: لبيك اللهم لبيك، قال الله ﷿: لا لبيك ولا سعديك، وحجك مردود عليك) فهذا حديث ضعيف، لكن قد يحبس دعاؤه للحديث الآخر الذي قال النبي ﷺ فيه: (فأنى يستجاب له؟)، والحج كله دعاء، فهو يقول: ليبك ويدعو ربه سبحانه، ويقف عند الصفا وعند المروة ويدعو الله، ويطوف بالبيت ويدعو الله، ويقف في عرفات ويدعو الله، والمناسك كلها توحيد وذكر لله سبحانه ودعاء.
1 / 7