شرح كتاب الإبانة من أصول الديانة
شرح كتاب الإبانة من أصول الديانة
Жанры
أثر عمران بن حصين في أن السنة مبنية لمجمل القرآن
قال: [قال حبيب بن أبي نضلة المالكي: لما بني هذا المسجد مسجد الجامع، قال: وعمران بن حصين جالس، فذكروا عنده الساعة، فقال رجل من القوم: يا أبا نجيد إنكم لتحدثوننا أحاديث ما نجد لها أصلًا في القرآن].
وعمران بن حصين صحابي، وانظر إلى هذا التابعي كيف يتجرأ عليه، ويقول له: يا أبا نجيد! أنتم تحدثون بأحاديث لا نجد لها أصلًا في كتاب الله ﷿، فيلزمكم المخرج؟ قال: [فغضب عمران وقال للرجل: قرأت القرآن؟ قال: نعم، قال: فهل وجدت فيه صلاة المغرب ثلاثًا، وصلاة العشاء أربعًا، والغداة ركعتين، والأولى أربعًا، والعصر أربعًا؟ قال: فممن أخذتم هذا الشأن؟ ألستم عنا أخذتموه؟ -يعني: ألستم أخذتم هذا عنا نحن معشر الصحابة؟ - وأخذناه عن نبي الله ﵊، وعنا أخذتموه، أو عمن أخذتم في كل أربعين درهمًا درهم؟ وفي كذا وكذا شاة كذا وكذا، ومن كذا وكذا بعير كذا وكذا، أوجدتم هذا في القرآن؟ قال: لا، قال: فعمن أخذتم هذا؟ ألستم عنا أخذتموه، وأخذناه عن نبي الله ﷺ، وأخذتموه عنا؟ قال: وهل وجدتم في القرآن: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج:٢٩]؟ وجدتم طوفوا سبعًا، واركعوا خلف المقام ركعتين؟ هل وجدتم هذا في القرآن؟ عمن أخذتموه: ألستم أخذتموه عنا، وأخذناه عن النبي ﵊، وأخذتموه عنا؟ قالوا: بلى.
قال: فوجدتم في القرآن: لا جلب ولا جنب ولا شغار في الإسلام؟ أوجدتم هذا في القرآن؟ قالوا: لا.
قال عمران: فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول: (لا جلب ولا جنب ولا شغار في الإسلام).
قال: أوما سمعتم الله تعالى قال لأقوام في كتابه: ﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ﴾ [المدثر:٤٢ - ٤٤] حتى بلغ: ﴿شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ﴾ [المدثر:٤٨].
قال حبيب: أنا سمعت عمران يقول: الشفاعة نافعة دون من يسبِّحون]، وفي رواية أخرى تشهد لها الرواية السابقة: [عن عمران أنه قال لرجل: إنك امرؤ أحمق، أتجد في كتاب الله الظهر أربعًا لا تجهر فيها بالقراءة؟ ثم عدد عليه الصلاة والزكاة ونحوها، ثم قال له: أتجد هذا في كتاب الله مفسرًا؟ إن كتاب الله أحكم ذلك، وإن السنة تفسر ذلك].
قوله: (إن كتاب الله أحكم ذلك).
أي: أجمله، فقال: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ [البقرة:٤٣]، فهذا إجمال، لكن عدد الصلوات، كيفية الصلاة، الجهر فيها، هيئاتها، الدخول فيها والخروج منها، ما يبطلها وما يفسدها؛ كل هذا إنما ورد في السنة، فأنتم إذا اكتفيتم بالقرآن أتقدرون أن تصلوا؟ إذا اكتفيتم بالقرآن أتحسنون الزكاة؟ أتحسنون الصيام؟ أتحسنون كيت وكيت وكيت مما أجمله القرآن؟
الجواب
لا، إذًا إنما أخذتم ذلك كله عن النبي ﵊.
5 / 5