شرح كتاب الإبانة من أصول الديانة
شرح كتاب الإبانة من أصول الديانة
Жанры
أثر علي بن أبي طالب: (لا يزال الناس ينقصون)
قال: [وقال علي بن أبي طالب ﵇].
الحقيقة أن تخصيص علي بالسلام دون صحابة النبي ﵊ أمر مبتدع لم يكن معروفًا عند سلفنا، إلا ما جاء عن الشيعة أنهم يقولون عن علي بن أبي طالب وأئمة البيت ﵈.
ومن جهة الاعتقاد واللغة لا بأس أن نقول: ﵈، لكن لا يختصون به دون بقية الأشخاص، فالصحابة جميعًا ﵈.
أما تخصيص علي وآل بيته بذلك فمشعر بشيء من التشيع، لذلك لم يكن سلفنا ﵃ يخصون أهل البيت بالسلام، وإنما يقولون: علي ﵁، الحسن ﵁، الحسين ﵁، فاطمة ﵂، وغير ذلك من آل بيته ﵊.
قال: [قال علي ﵁: لا يزال الناس ينقصون حتى لا يقول أحد: الله الله]، أي: لا يزال الناس في نقصان حتى لا يقول أحد: الله الله.
ومعنى: (حتى لا يقول أحد: الله الله)، أي: لا يستعلن أحد بذكر الله ﷿، وليس معنى ذلك أن الأرض لا يبقى عليها أحد أبدًا يعرف ربنا، ولا يقول: الله الله، بل لا يزال الناس في نقصان، حتى يخشى أهل الإيمان ألا يقول أحد: الله الله.
ونحن الحمد لله نصلي ونصوم ونرفع الأذان، ونعمل كل شيء في هذا الوقت، والحمد لله أيضًا أنه لم يجعلنا من أهل الزمان الذي لا يمكن لنا أن نرفع أصواتنا، ولا أن ننطق بألسنتنا لفظ الجلالة، إذ نحن في نعمة عظيمة جدًا فلنحافظ عليها، والمحافظة عليها لا تكون إلا بالعلم والدعوة إلى الله ﷿، ولا يزال باب الخير مفتوحًا، وباب الدعوة على مصراعيه.
والمسلم في دعوته إلى الله سيصيبه ما أصاب نبيه ﵊، إذ إن الأرض لم تفرش يومًا حريرًا له، فقد أصابه ما أصابه في الحروب وغيرها، وكان الواحد من الأعراب يأتي فيأخذ بتلابيبه، أو يأخذ بثوبه حتى يؤثر ذلك في رقبته ﵊، ومع هذا كان النبي ﵊ يحلم عليه؛ ولذلك كان الصبر هو عدة الداعية إلى الله ﷿، فمهما وقع بك من أذى فاصبر؛ لأن هذا طريق النبوة، وهذا طريق الدعوة، فتدعو إلى الله وإن أصابك أذى؛ لأنه سبحانه هو الذي أمرك بالصبر على ذلك في قوله: ﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ [العصر:١ - ٣]، أي: تواضوا فيما بينهم بالحق الذي هم عليه، وتواصوا فيما بينهم بالصبر على ذلك، والصبر عبادة كالجهاد، وحذار أن تظن أن الصبر سلاح لا ينفع، وأن الدعاء سلاح لا ينفع، فهذا خلل في اعتقادك! وحذار أيضًا أن تتصور أنه لا وقت للدعاء، وأنه لا وقت للصبر، إذ إن عبادة الوقت الآن هي الدعوة إلى الله ﷿ وطلب العلم والصبر على ذلك، وليس أمامك سبيل مفتوح الآن إلا هذا، فأنت مطالب أن تتعبد إلى الله ﷿ بما هو في وسعك ومقدورك، وهذا هو الذي في مقدورك الآن.
2 / 17