السبب في أن جعلت بعض الحروف على صورة واحدة وباقيها على صور مختلفة تقاربها من المخرج أو في الصفات على حسب ما نذكر في باب الإدغام، وما ليس له مقارب فيما ذكر كتب على صورة منفردة ليست لغيره من الحروف على أنه كان الأولى أن يجعل لكل حرف صورة حتى لا يقع التباس بين الحروف أصلا، ولذلك دخل لسان العرب من التصحيف ما لا يدخل غيره من الألسنة.
فلما كانت بعض هذه الحروف على صورة واحدة احتاجوا إلى النقط للتفرقة بين الحروف.
فما كان من هذه الصور لحرفين فاختلف أهل النقط فيهما. فمنهم من ينقط أحدهما ويترك الآخر. ومنهم من ينقط نقطة فوق الصورة لأحد الحرفين ونقطة تحت الصورة للحرف الآخر.
فحجة الأول أن نقطها لأحد الحرفين وترك نقطها للآخر مزيل للبس وهو أخصر. وحجة الذي نقطها للحرفين أنه قد يمكن أن يتوهم لو تركت لأحدهما غير منقوطة لتوهم أنه نسي نقطها.
فالذي ينقطها لأحد الحرفين يجعل النقطة بواحدة فوق الصورة ويغفلها للآخر، وعلى ذلك أمر كل صورة بحرفين إلا الصورة التي للشين والسين. فإنما أغفلت السين ونقطت للشين ثلاثة لأنها لو نقطت بواحدة لأمكن أن يتوهم أنها ثلاثة أحرف نحو بين أو نتن أو غير ذلك، فلذلك نقطوها بثلاث نقط لأنه لا يمكن أن يتوهم أن كلمة فاؤها وعينها ولامها من جنس واحد.
فإن كانت الصورة لثلاثة أحرف نقطت لأحدهما بواحدة من فوق وللآخر واحدة من أسفل وأهملت الثالث نحو الجيم والحاء والخاء.
فإن كانت لخمسة أحرف وهو أقصى ما جعلت له الصور نقطت لأحدهما بنقطة من فوق وللثاني من أسفل وللثالث بنقطتين من فوق وللرابع بنقطتين من أسفل وللخامس بثلاث من فوق، وذلك نحو النون والياء والباء والتاء والثاء.
وما كان من الصور لحرف واحد لا يحتاج إلى نقط.
Страница 54