هذا الفصل فيه ثلاث سؤالات: لم بنيت؟ ولم بنيت على حركة؟ ولم خصت بالحركة من غيرها؟
فالجواب عن السؤال الأول أن تقول: أما حيث إذا كانت شرطا فهي مبنية لتضمنها معنى حرف الشرط، وإن كانت ظرفا فإنها تبنى لشبهها بالحرف في افتقارها، إذ لا تستعمل إلا مضافة، أو في إبهامها كما أن الحرف مبهم. وأما قبل وبعد وأول فبنيت لشبهها بالحرف في افتقارها لما بعدها لأنها قطعت عن الإضافة، والمضاف مراد فالاسم من طريق المعنى مفتقر للمضاف المحذوف.
وأما قط فإنها تكون بمعنى كافيك نحو: قطك درهمان كأنك قلت: كافيك درهمان، وتكون ظرفا نحو قولك: ما رأيته قط، أي فيما انقطع من عمري. فإذا كانت بمعنى كافيك فبنيت لتضمنها معنى الحرف وهو لام الأمر، ألا ترى أنك إذا قلت: قطك درهمان، فإنه في معنى ليكفك درهمان، وإذا كانت ظرفا فتبنى لشبهها بالحرف في إبهامها لأنها تقع على كل ما تقدم من الزمان، كما أن من إذا أردت التبعيض أتيت بها في كل متبعض.
وأما المنادى المفرد فيبنى لوقوعه موقع ضمير الخطاب وهو مبني فبني لوقوعه موقعه أو لاختلاطه بالصوت فصار مع الاسم كأنه حرف يراد به تحريك المنادى.
والجواب عن الثاني أن تقول: أما حيث فبنيت في الأصل على السكون ثم حركت لالتقاء الساكنين. وأما قبل وبعد وأول والمنادى المفرد فبنيت على حركة لأن لها أصلا في التمكن والبناء حادث عليها.
وكذلك قط لأنها منقولة من القط وهو القطع إلى الظرف، ألا ترى أنك إذا قلت: ما رأيته قط فمعناه فيما انقطع من عمري.
والجواب عن الثالث أن تقول: أما حيث ففيها ثلاث لغات: الضم والفتح والكسر. أما الضم فتشبيها بقبل وبعد، لأنها مضافة إلى الجملة والإضافة في الحقيقة إنما هي إلى المفرد، فكأنها مقطوعة عن الإضافة.
وأما الفتح فطلبا للتخفيف أو إتباع. وأما الكسر فعلى أصل التقاء الساكنين.
Страница 38