أما الماضي فمبني على الفتح وأما المضارع فمعرب لشبهه بالاسم. وشبهه بالاسم من أربع جهات وذلك أنه وقع موقعه تقول: زيد يقوم، كما تقول: زيد قائم. وأنه مبهم مثله، تقول: يقوم فيحتمل الزمانين كما وبدخول لام الابتداء عليه، تقول: إن زيدا ليقوم، فيختص بالحال كما تقول: إن زيدا لقائم، فيتخصص أيضا بالحال.
وأما الأمر بغير لام ففيه خلاف فمذهب أهل البصرة أنه مبني، ومذهب أهل الكوفة أنه معرب. احتج أهل البصرة على أنه ليس بمعرب بأدلة منها أن قالوا: إن الفعل ليس أصله الإعراب وإنما أصله البناء على مايبين بعد إن شاء الله تعالى، وإنما أعرب منه ما أعرب لشبهه بالاسم وهذا لم يشبهه، فلذلك لم يعرب. ومنها أن قالوا: لو كان معربا لكان له جازم، والجازم لا يخلو من أن يكون ظاهرا أو مضمرا، وليس في اللفظ جازم فلم يبق إلا أن يكون مضمرا، وإضمار الجازم وإبقاء عمله لا يجوز إلا في ضرورة نحو قوله:
محمد تفد نفسك كل نفس
إذا ما خفت من أمر تبالا
وإنما لم يجز إضمار الجازم وإبقاء عمله لأن عوامل الجزم أضعف من عوامل الجر وعوامل الجر لا يجوز إضمارها وإبقاء عملها، فالأحرى أن لا يجوز في الجازم الذي هو أضعف منه.
واستدل أهل الكوفة على أنه معرب بأن قالوا: إن البناء لزوم آخر الاسم سكونا أو حركة، ولم يوجد الحذف من علامات البناء، والعرب تقول: أغز وارم واخش، فتحذف آخره فدل ذلك على أنه معرب وليس بمبني.
وهذا لا حجة فيه، لأن المبني إذا أشبه المعرب عومل معاملته في غير موضع. دليل ذلك النداء، تقول: يا زيد العاقل والعاقل، فتنعته على اللفظ والموضع، والمبني لا ينعت إلا على الموضع لكنه لما أشبه المعرب عومل معاملته فكذلك: اغز، إنما حذف آخره لأنه أشبه لتغز، في معناه وحروفه فلذلك عومل معاملته فحذف آخره، فثبت أنه مبني.
Страница 32