قال أبقراط: من اعترته حمى وليس (140) في حلقه انتفاخ (141)، فعرض له اختناق بغتة، فذلك من علامات الموت.
[commentary]
قال عبد اللطيف: قوله: "من اعترته حمى" يريد حمى شديدة، فإن عادته إذا (142) قال: "اعترته وأخذته" أن يريد قوتها وشدتها، ولو أراد الحمى PageVW3P072A مطلقا لقال (143): من كانت به حمى. والحلق هو الفضاء والمجرى الذي قبل الحنجرة، بحيث يمكن أن يرى إذا فتح الإنسان PageVW0P062B فاه. وإذا عرض الورم والانتفاخ في الحلق أو في الرئة وقصبتها (144)، فإنه لا يعرض بغتة بل قليلا قليلا لسعة (145) هذه المجاري. فأما الحنجرة فإنه إذا عرض فيها ورم ، خنق بغتة، لأنه يسد المجرى دفعة واحدة؛ فكأنه يقول (146): من كانت به حمى شديدة وعرض له اختناق بغتة فإنه يموت. وإذا عرض الاختناق بغتة من غير حمى كان قمينا بأن يهلك، فإذا كان مع حمى شديدة كان أولى ألا يسلم (147)، وكان موته أوحي حتى لا يتخلص (148)، ولا على جهة الأمر البديع لأن صاحب الحمى الشديدة يحتاج أن يستشق هواء كثيرا فإذا نقص بالاختناق عن حاجة الصحيح، فالأولى (149) ألا يسلم المحموم. والانتفاخ عند متأخري الأطباء هو الورم الرخو اللين، ويسمونه أيضا تريلا (150). وإذا رأيت الحلق ليس فيه ورم وعرض اختناق بغتة، فالآفة في الحنجرة فقط؛ لأنه ليس في أعضاء التنفس PageVW2P074B ما يخنق (151) ورمه بغتة سواها، لضيق المسلك فيها وسعته (152) فيما عداها، كالحلق والرئة وقصبتها. والاختناق من جهة الحنجرة قد يكون معه وجع إذا كان الورم فلغمونيا أو نحوه، وقد يحدث (153) من غير وجع بسبب رطوبة كثيرة بلغمية تبل (154) غشاء الحنجرة (155) المستبطن، فيحدث فيه ورم بلا وجع، ويمكن أن يبطل العضل الفاتحة للحنجرة، فيضيق مجراها، فيحدث الاختناق، ويمكن أن يجتمع الأمران. ويمكن أن يفرط اليبس على عضل (156) الحنجرة (157) فيتوتر توترا كثيرا، فيضيق مجراها.
[فصل رقم 145]
[aphorism]
قال أبقراط: من اعترته حمى فاعوجت معها رقبته وعسر عليه الإزدراد، حتى لا يقدر أن يزدرد إلا بكد من غير أن يظهر به انتفاخ، فذلك من علامات الموت.
[commentary]
قال عبد اللطيف: قوله: "من اعترته (158) حمى" يريد شديدة. وقوله: "فاعوجت معها رقبته وعسر عليه الازدراد" أي (159) حدث (160) ورم في المريء أو عضله المستبطن، وهذه الأعضاء بينها وبين النجاع PageVW3P072B وأغشيته وفقاره مشاركة بعصب ورباطات، فإذا حدث لها (161) ورم امتدت (162) نحو الورم فانجذبت الفقارة (163) إلى جانب واحد PageVW1P054B إن كان الورم فيه، أو إلى داخل إن كان الورم في الجانبين. وقوله (164): "اعوجت رقبته" يشتمل (165) على ما كان إلى جانب واحد، وعلى ما كان إلى PageVW0P063A الجانبين. وهذه اللفظة (166)، أعني (167) "اعوجت" تدل على زوال الفقار عن (168) جهة الاستقامة زوالا خارجا عن الطبيعة. ويحتمل أن يكون إذا لمس أوجع، كما قال في كتاب ابيديميا (169). ويحتمل أن لا يكون (170) معه وجع، إذا (171) كان الاعوجاج بسبب غلبة اليبس، وهذا الأعوجاج الكائن عن يبس أدل على الموت وأولى بأن يكون سببا للموت، ولا سيما إذا كان اليبس مع حمى شديدة وكان بسببها.
[فصل رقم 146]
[aphorism]
Неизвестная страница