50

[فصل رقم 97]

[aphorism]

قال أبقراط: وأما في أوقات السنة، ففي الربيع وأوائل الصيف، يكون الصبيان والذين يلونهم (160) في السن على أفضل حالاتهم وأكمل الصحة. وفي باقي الصيف وطرف الخريف، يكون المشايخ أحسن حالا. وفي باقي الخريف وفي الشتاء يكون المتوسطون بينهما في السن، أحسن حالا.

[commentary]

قال عبد اللطيف: هذا الفصل حكم على أوقات السنة PageVW1P043B إذا كانت جارية على نظامها، وحافظة لطبائعها. وقد علمت أن أول كل فصل شبيه بالفصل الذي قبله، كما أن آخره شبيه بالفصل الذي يليه فلذلك أشرك بين الربيع وأوائل الصيف، وبين سائر الصيف وأوائل (161) الخريف، وبين سائر الخريف والشتاء. وهكذا أيضا الأسنان تجري على هذا القياس، فسن الصبيان والفتيان يجري في قياس واحد، والفتى أول الشباب، وجعل أفضل الأوقات لهذين (162) السنين، الربيع وأول الصيف لاشتراكهما في الاعتلال وملاءمة طبيعة الصبيان والفتيان هذا الزمان، فإن المعتدل يحفظ بالمعتدل لأن الشبيه يحفظ بالشبيه. وجعل باقي الصيف وأول الخريف للكهول( (163)) والمشايخ لأن هؤلاء خارجون PageVW2P058B عن الاعتدال PageVW0P050A إلى البرد، والخارج عن الاعتدال يحفظ بالضد. والصيف وأول الخريف حار يابس، فلذلك كان هؤلاء فيه أحسن حالا. والربيع للصبيان والفتيان نافع بحكم الشبه، والصيف نافع للمشايخ بحكم PageVW3P058A الضدية. فأما باقي الخريف والشتاء فبارد رطب، فكان موافقا للشباب المتناهين (164) في السن لأن الغالب عليهم في هذه السن الحرارة واليبس. وهذا الحكم، أعني حفظ المعتدل بشبيهه وحفظ الخارج عن الاعتدال بضده، ليس مقصورا على الأزمان والأسنان فقط، بل عام في جميع الطبائع؛ فإن البلدان المعتدلة أفضل أوقاتها الربيع، والمائلة إلى البرد أفضل أوقاتها الصيف، والمائلة إلى الحر أفضل أوقاتها الشتاء. كذلك الطبائع فإن المعتدل المزاج أفضل الأوقات والبلدان له، الربيع، والمعتدل من البلاد؛ والخارج عن الاعتدال أفضل الأوقات له، ما ضاد (165) مزاجه. وكذلك البلدان، وأنت قادر أن (166) تعرف أردأ (167) أوقات السنة لكل واحدة من الأسنان والطبائع والبلدان مما وصفنا، فأشدها مضادة لأفضل الأوقات هو الأردأ لها. واعلم أن الربيع أفضل الأوقات للصبيان (168) ولأرباب الطبائع المعتدلة. فأما لسائر الناس فهو متوسط، وليس هو أجود الأوقات لهم بقول مطلق، وكذلك حاله عند الطبائع والبلدان. وأما الخريف فهو رديء لجميع الأسنان والطبائع والبلدان. إلا أن ما كان منها حارا رطبا فهو أقلها تضررا به.

[فصل رقم 98]

[aphorism]

قال أبقراط: والأمراض كلها تحدث في أوقات السنة كلها، إلا أن بعضها في بعض الأوقات أحرى بأن يحدث ويهيج.

[commentary]

قال عبد اللطيف: إن الأمراض لها أسباب كثيرة، من الأسنان ومن الأغذية PageVW2P059A والأشربة والتدبير وأصناف الرياضات وغير ذلك، وهذه الأسباب توجد في السنة كلها، فلذلك كانت الأمراض كلها (169) توجد في أوقات السنة كلها، فلو تفردت (170) أوقات السنة على حالها من غير أن يقترن بها أسباب غيرها لكان لا (171) يحدث في كل فصل إلا ما يلائمه من الأمراض، لكن لما كان الأمر على خلاف ذلك صارت PageVW1P044A الأسباب الموجبة للأمراض تارة تكون معينة لما توجبه أوقات السنة منها، وتارة مضادة وغير معينة، ولذلك (172) صارت الأمراض كلها تحدث في أوقات السنة كلها، وصار PageVW3P058B بعض PageVW0P050B الأمراض في بعض الأوقات أحرى بأن يحدث ويهيج وذلك أن الأمراض التي توجبها الفصول (173) أحرى بأن تحدث فيها. وأكثر مثاله أن الأمراض الحادة حدوثها في الصيف أكثر، وقد تحدث في الشتاء. والأمراض الباردة حدوثها (174) في الشتاء أكثر، وقد تحدث في الصيف وعلى هذا القياس. وقوله: "يهيج" يفهم منه معنى الكثرة والشدة والمعاودة. أما الكثرة فبأن يكون فيه أكثر منه في سائر الفصول، وكذلك الشدة. وأما المعاودة فأن يكون من يعتاده ذلك المرض في أوقات (175) مخصوصة فالوقت الملائم لطبيعة المرض أولى بأن يهيج فيه ويعاود. وقد يكون المرض موجودا ولكن ساكنا فيهيج ويشتد في الوقت الملائم لطبيعته، وإذا فهمت معنى يهيج على هذه الوجوه كلها، كان صحيحا.

Неизвестная страница