[commentary]
قال عبد اللطيف: هذا الحكم عام في كل ما اعتاده الإنسان من الطعام والشراب PageVW2P047A PageVW3P048A والحركة والسكون والاستحمام والسهر والهم والغم وأضداد هذه الأشياء، PageVW0P041A وأما الفصل الأول فمقصور على الحركة والرياضة فقط. فقوله: كل ما اعتاده الإنسان منذ زمان طويل يعني صار ملكة. وقوله: "وإن كان أضر مما لم يعتده". معناه أن يكون ما اعتاده رديئا أو ليس (299) بجيد بالقياس إلى البدن المعتدل، فأذاه له أقل من أذاه لمن لم يعتده وربما لم يؤذ (300) من اعتاده أصلا وكان أذاه (301) بينا ظاهرا فيمن لم يعتده. وقوله: "فقد ينبغي أن ينتقل الإنسان إلى ما لم يعتده" له معنيان: أحدهما أن الإنسان إذا كان قد اعتاد ما هو أردأ ولم يظهر تضرره به فينبغي أن ينتقل إلى ما هو أفضل لتحصل له صحة وثيقة (302) فإن صحة من اعتاد الغذاء الرديء غير موثوق (303) بها. والمعنى الثاني: أنه نهى (304) الإنسان عن ملازمة شيء واحد واعتياده وحده وأمره بالانتقال إلى أشياء كثيرة وتجربتها لتألف (305) طباعه الانتقال، فإنه إن لم يألف الانتقال واضطرته حوادث الزمان التي هي الحاكمة علينا إلى الانتقال عن المعتاد إلى غيره كان من ذلك العطب أو الخطر، فإذا كان الانتقال عن (306) المضر إلى ما هو أفضل، خطرا أو غررا (307)، فما ظنك بالانتقال عما هو أفضل إلى ما هو أردأ. وينبغي أن يفهم من الانتقال هنا، الانتقال دفعة. فأما الانتقال على تدريج وبوسائط فلا يظهر له ضرر ولا خطر. وقد بينا ذلك ملخصا في مقالة لنا في العادة وذكرنا فيها عادات النفس وعادات (308) الجسد. واعلم أن الطعام والشراب يكسبان المعدة طبيعة خاصة، ثم تسري تلك الطبيعة المستفادة إلى سائر الأعضاء، وذلك أن البدن، وإن كان قاهرا للأطعمة والأشربة أولا، فإنها تحيل وتؤثر فيه وتغيره أخيرا، وأولا PageVW2P047B أولا (309)، وقليلا قليلا، وإنما يظهر ذلك فيمن PageVW1P036B لزم طعاما واحدا أو شرابا واحدا؛ وأكثر ما يتبين ذلك في الشراب، فإن من اعتاد شرب الماء صعب عليه الخمر، ومن اعتاد الخمر عسر عليه هضم الماء.
[فصل رقم 76]
[aphorism]
قال أبقراط: استعمال الكثير بغتة مما يملأ البدن، أو يستفرغه، PageVW3P048B أو يسخنه، أو يبرده، أو يحركه (310) بنوع آخر من الحركة - أي نوع كان - فهو خطر. وكل ما كان كثيرا، فهو مقاوم للطبيعة. فأما ما يكون قليلا قليلا، فمأمون متى أردت انتقالا من شيء إلى غيره، ومتى أردت غير ذلك.
[commentary]
قال عبد اللطيف: أما الكثير هنا (311) فهو بالقياس إلى القوة، ولاسيما قوة من لم يعتده. وقوله: "بغتة" أي من غير عادة متقدمة، فإن الشيء الذي لم يعتده الإنسان لا ينبغي أن يباغت عليه بالمقدار الكثير، بل أقل مما تحتمله PageVW0P041B قوته، ثم تدرج في الزيادة، والأفضل أن يخلل بين ما لم يعتده ما يعتاده (312) إيناسا للطبيعة ومداراة (313) لها. وقوله: "مما يملأ البدن" يعني من الأطعمة والأشربة. وقوله: "أو يستفرغه" يعني القيء والإسهال وغير ذلك من أنواع الاستفراغ. وقوله: "أو يسخنه" كالاستحمام والتعب. وقوله: "أو يبرده" كالتعرض للهواء البارد والماء البارد والأدوية الباردة والأغذية والأشربة الباردة. وقوله: "أو يحركه" عام لكل حركة ذكرها، أو لم يذكرها. وقوله: "وكل ما كان كثيرا، فهو مقاوم للطبيعة" أي كل شيء كان كثيرا على القوة، فهو مقاوم للطبيعة مؤذ لها، ثقيل عليها. وينبغي أن تكتب ما مفصولة لأنها اسم لا صلة. وقوله: "فأما ما يكون قليلا قليلا فمأمون" فإن قليلا الأول ضد الكثير، وقليلا الثاني ضد بغتة، ومأمون ضد خطر. ويجوز أن يكون قليلا قليلا معناه على التدريج، كأنه قال: فأما ما يكون (314) PageVW2P048A استعماله قليلا قليلا على التدريج. وقوله: "متى أردت انتقالا من شيء إلى غيره" أي متى أردت قبول مشورة أبقراط في الفصل المتقدم في قوله: "فقد ينبغي أن ينتقل الإنسان إلى ما لم يعتده". وقوله: "ومتى أردت غير ذلك" أي ومتى أردت انتقالا آخر غير الذي أشرت به، أو أي أمر ألجأك (315) الحال إلى استعماله.
[فصل رقم 77]
[aphorism]
قال أبقراط: إن أنت فعلت جميع ما ينبغي أن تفعل، على ما ينبغي، فلم يكن ما ينبغي أن يكون؛ فلا تنتقل إلى غير ما أنت عليه، ما دام ما رأيته منذ أول الأمر ثابتا.
Неизвестная страница