130

[commentary]

قال عبد اللطيف: إن الرحم للنطفة بمنزلة الأرض للبزور (369)، فمتى خرجت الأرض عن الاعتدال في كيفية واحدة أو (370)كيفيتين PageVW1P074B خروجا مفرطا لم تصلح للنبات، فإن كانت باردة صخرية (371)، أو يابسة رملية، أو سبخة (372) محرقة، أو رطبة (373) لثقة لم ينجب فيها النبات (374). وكذلك الرحم إن كانت باردة متكاثفة، أو رطبة جدا، أو قحلة، PageVW0P086B أو حارة محرقة، أو تركب من ذلك اثنان بأن تفرط في الحرارة والرطوبة أو اليبوسة، أو تفرط في البرودة واليبوسة أو الرطوبة. وقوله (375): "باردة متكاثفة" أي تكاثفها لشدة بردها لا لفرط (376) يبسها، فإن التكاثف قد يكون منهما (377) جميعا. وقوله: "رطبا جدا" أي خارجا عن الاعتدال خروجا كثيرا، فإن الخروج اليسير إنما يكون معه عسر الحمل لا امتناعه أصلا. وقوله (378): "أو كان (379) أجف مما ينبغي" يفهم منه الإفراط أيضا، لكن يفهم منه معنى آخر شريف، وهو أن الرحم المائلة إلى اليبس قليلا أفضل من الرحم المائلة PageVW2P103B إلى الرطوبة قليلا على ذلك القياس، لأن الرطوبة تزلق المني فيعسر تعلقه بالرحم، واليبوسة تعين على إمساكه وتمنع تزلقه وإسقاطه، لكن إذا أفرطت عدم المني الرطوبة فقحل وفسد. وقوله: "أو كان حارا محرقا" فشرط (380) الإحراق (381) لأن الحرارة صنفان: محرقة، وغير محرقة. وهذه غير المحرقة (382) أعون على الكون، وعلى إيلاد الذكور، وسرعة العلوق. وأما الحرارة المحرقة فتفعل في النطفة فعل السبخ بالبزر (383) تحرقه وتفسده. وقوله: "لأن المني يعدم الغذاء" فقد (384) يصلح PageVW3P098A أن يكون علة للحرارة المحرقة فقط، والأفضل عندي أن يكون علة عامة لخروج الرحم عن الاعتدال في الكيفيات الأربع، وذلك أن الرحم الباردة المتكاثفة لا يصل إليها الغذاء ولا ينفذ، وإن نفذ منه الريح (385) القليل أفسدته ببردها، وإذا رطبت جدا أفسدت ما يصير إليها من الغذاء ولم تحله إحالة تصلح لغذاء الجنين. وإذا كان مزاج الرحم أجف مما ينبغي أو كان حارا محرقا فإفساده الغذاء ظاهر بين، ففي جميع هذه الأحوال يعدم (386) الجنين الغذاء أو يعدم (387) الغذاء الصالح. وهذه الأحوال للرحم قد تكون طبيعية فلا تقبل العلاج، وقد تكون طارئة فتقبل العلاج. وقد تسمى الحال الطبيعية عقما، والطارئة عقرا. وقد تكون المرأة الرديئة مزاج الرحم تلد من مني دون مني، بأن يكون المني موافقا لها على جهة الدواء بالضد بأن تكون الرحم رطبة جدا والمني يابسا جدا فيعتدلان، وكذلك في سائر الكيفيات. وقد يكون المني باردا بإفراط والرحم حارة بإفراط، فإذا تلاقيا اعتدلا، PageVW0P087A وإن (388) كانا حارين بإفراط ثم تلاقيا فسد المني بسرعة. وهذه الأحوال التي ذكرناها من مزاج الرحم قد تكون بعينها في المني، فيكون امتناع الولاد من جهة البزر (389) لا من جهة الأرض، كالحب PageVW1P075A العتيق المسوس، أو الرطب العفن أو المقلو PageVW2P104A والمطبوخ.

[فصل رقم 255]

[aphorism]

قال أبقراط: اللبن لأصحاب الصداع رديء، وهو أيضا للمحمومين رديء، ولمن كانت المواضع التي دون الشراسيف منه مشرفة (390) أو فيها قراقر، ولمن به عطش، ولمن الغالب على برازه المرار، ولمن هو في حمى حادة، ولمن اختلف دما كثيرا. وينفع أصحاب السل إذا لم يكن بهم حمى شديدة جدا، ولأصحاب الحمى الطويلة الضعيفة إذا لم يكن معها شيء مما تقدمنا (391) بوصفه وكانت أبدانهم تذوب على غير ما توجبه العلة.

[commentary]

قال عبد اللطيف: اللبن يتولد منه غذاء محمود سريع الإغذاء، لكنه إذا لم يستمرأ (392) استحال إلى الفساد سريعا، واستحال بحسب مزاج المعدة وما يصادف فيها من الخلط، فإن وجدها PageVW3P098B حارة جدا ملتهبة (393)، أو فيها مرار مصبوب استحال إلى الدخانية وإلى المرار؛ وإن صادفها باردة أو فيها بلغم استحال إلى الحموضة والبلغمية. فإن صادف المعدة نقية معتدلة الحرارة غذى غذاء محمودا. وقد يحدث صداعا إذا استحال ونفخا وقراقر عند أخذه في الهضم وانحداره، هذا فعله في الأصحاء، فأما في المرضى فعلى ذلك القياس. فقوله: "اللبن رديء لأصحاب الصداع"، فإنه إذا كان يحدث الصداع بالأصحاء فخليق أن يضر أصحاب الصداع الحاضر أو (394) المتوقع والمعتاد (395). وهو أيضا رديء للمحمومين بسرعة استحالته إلى المرار لالتهاب أبدانهم، فيزيد في مادة المرض. وقوله: "ولمن كانت المواضع التي دون الشراسيف منه مشرفة (396)" قد كثر تعجب جالينوس من قوله مشرفة وما فيها من الوجازة (397)، حيث كانت لفظة واحدة شاملة لعدة معان؛ وذلك أن إشراف ما دون الشراسيف قد يكون عن ورم فلغموني، وحمرة، وصلابة وورم رخو، وقد يكون عن دبيلة (398) وعن نفخة وامتلاء وقولنج، وكثرة انحصار الطبع، فاللبن ضار في جميع هذه الأصناف. وقوله: PageVW2P104B "أو فيها قراقر" فأفردها، حيث كانت القراقر قد تكون من غير انتفاخ، وخليق أن يضر اللبن أصحاب القراقر PageVW0P087B حيث كان يولد في الأصحاء قراقر. وقوله: "ولمن الغالب على برازه المرار (399)" ينبغي أن يفهم منه ويضاف إليه: "أو يتقيأه" فإن ظهور المرار في القيء والبراز دليل على كثرته في البدن ولاسيما المعدة والأمعاء، فخليق أن يفسد اللبن إذا صادف المرار إلى الدخانية. قوله: "ولمن هو في حمى حادة" هذا أخص من قوله أولا: "وهو أيضا للمحمومين رديء" لأن المحمومين عام وهذا خاص ،كأنه يقول: وهو لمن حماه حادة أضر، ويصلح أن يكون هذا تفسير (400) PageVW1P075B لأصناف (401) المحمومين. ويصلح أن يكون قوله: "في حمى حادة" أي في وقت النوبة (402) وعند هيجانها وتزيدها ومنتهاها، فيكون قوله هذا تبيينا لأوقات الحمى التي ينهى عن اللبن (403) PageVW3P099A فيها. وقوله: "وهو أيضا للمحمومين رديء" عام في جميع أوقات الحمى، وليس * حكم ماء اللبن (404) حكم اللبن، فإن ماء اللبن قد يسقى (405) في كثير من هذه الأمراض فيظهر نفعه، وذلك بسرعة نفوذه وقلة استحالته. واللبن أيضا رديء لأصحاب العطش؛ لسرعة استحالته فيهم إلى الدخانية لالتهات معدهم، كان عطشهم بالطبع أو حادثا في وقت ما (406). قوله: "ولمن اختلف دما كثيرا" لسرعة استحالته فيهم إن كان اختلاف الدم عن مرار أو عن فساد الكبد، وذلك أنه يلاقي كيفية رديئة فيستحيل إليها. ثم ذكر منافعه فقال: "وينفع أصحاب السل" يريد أصحاب قرحة الرئة. وقوله: "إذا لم يكن بهم حمى شديدة جدا" قد سبق بيانه حيث بين أن اللبن رديء للمحمومين ولمن هو في حمى حادة. ورأى جالينوس أن قوله: "جدا" لا حاجة إليه، ويكفي أن يقول: إذا لم يكن بهم حمى شديدة. وقوله: "ولأصحاب الحمى الطويلة الضعيفة" يريد به أصحاب الذبول والذين هم (407) في طريقه. وقوله: "إذا لم يكن معها شيء PageVW2P105A مما تقدمنا بوصفه" يريد الحمى الشديدة. وقوله: "وكانت أبدانهم تذوب على غير ما توجبه العلة" أي أخذوا في الذبول أكثر من مقدار ما توجبه حرارة الحمى. ويعم جميع من يصلح له شرب اللبن أن بدنه يحتاج إلى غذاء محمود سريع (408) الانهضام والنفوذ وتقوى المعدة على هضمه، ولا يصادف فيها ما يفسده ويحيله إليه قبل استحالته غذاء.

[فصل رقم 256]

[aphorism]

قال أبقراط: من حدثت به قرحة فأصابه بسببها انتفاخ، PageVW0P088A فليس يكاد يصيبه تشنج ولا جنون، فإن غار ذلك الانتفاخ دفعة، ثم كانت القرحة من خلف عرض له التشنج والتمدد، وإن كانت القرحة من قدام عرض له جنون، أو وجع حاد في الجنب، أو اختلاف دم إن كان ذلك الاختلاف أحمر.

Неизвестная страница