بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
قال الأستاذ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن هشام اللغوي، ﵁ وأرضاه. وجعل الجنة سكناه.
سألتني، وفقني وإياك لمنهجه القويم وصراطه المستقيم، أن أشرح لك ما وقع في كتاب الفصيح من الألفاظ المشكلة والمعاني المقفلة وأنبهك على ما فيه من الهفوات والسقطات على ما اتصل بي في أصح الروايات، وذكرت أن أكثر من تقدم إلى شرحه لن يشفوا عليلًا، ولا بردوا غليلًا، ولا استوفوا غرضًا، ولا ميزوا من جوهره عرضًا، وإنما فسروا من كل بعضًا، وذكروا من غيض غيضًا: وتركوا ما كان إيضاحه واجبا عليهم وغرضًا، ولاسيما المبتدئ الذي يخيط في الجهالة خيط عشواء، وتنبهم عليه أكثر الأشياء، وليس عنده من الأداة إلا القلم والدواة، فأجبتك إلى ذلك رجاء ثواب الله وغفرانه، وابتغاء فضله وريحانه، وثم أترك فيه حرفًا إلا شرحته، ولا معنى مستغلقا إلا بينته وأوضحته، هذا وإن قل المنصف وكثر المتعسف وصار الأدب عارًا على صاحبه ونقصا لطالبه حتى قال بعض شعراء العصر بنسب حامله إلى الشقاء والمقت.
(أشقى يجرك أن تكون أديبا ... أر أن يرى فيك الورى تهذيبا)
(مازلت مستويا ففعلك كله ... عوج وإن أخطأت كنت مصيبا)
(كالنقش ليس يتم معنى ختمه ... حتى يكون بناؤه مقلوبا)
وقال أيضًا غيره في ذلك المعنى جاريًا على ذلك المغزى:
(وإذا انتسبت إلى العلوم وجدتها ... مشيا يعد به علي فتصون)
1 / 45
(وغضارة الأيام تأبى أن يكو ... ن بها لأبناء الذكاء نصيب)
(ولذاك من صحب الليالي طالبًا ... جدًا وفهمًا إنه المطلوب)
وهذا كله على الحقيقة غرور وأقوال زور فالعلم أحسن ما به تزين وقيمة كل أمرئ ما يحسن.
كتاب الفصيح، أعزك الله، وإن صغر جرمه وقل حجمه ففائدته كبيرة عظيمة ومنفعته عند أهل العلم خطيرة جسيمة، ومما يقوي الرغبة في مطالعته وبحث على لزوم قراءته ودراسته ما يروى عن أبي الحسن علي ابن سليمان بن الفضل الأخفش ﵀، أنه قال: أقمت أربعين سنة أغلظ العلماء من كتاب الفصيح، هذا قوله والزمن مغمور بفضائل الحكماء معمور الأرجاء بمحاسن الأدباء لم تعف رسومه ولا أخوت نجومه.
وقال أيضًا بعض الشعراء ينبه في شعره على جلالة قدره وعظم خطره:
(كتاب الفصيح كتاب مليح ... يقال لقارئه ما أبلغه)
(عليك أخي به إنه ... لباب اللباب وصفو اللغة)
وها أنا أبدأ بشرح أبوابه وذكر المهم من معانيه وإعرابه على طريق الإيجاز والاختصار ومجانبة الإكثار، ومن الله أسأل العصمة والتوفيق فهو الهادي إلى سواء الصراط لا رب غيره.
1 / 46
قال الفقيه الإمام أبو عبد الله محمد بن أحمد بن هشام ﵀:
أخبرنا بكتاب الفصيح الفقيه الأجل المحدث الأفضل أبو بكر بن العربي ﵀، عن أبي الحسن المبارك بن عبد الجبار، وعن أبي الحسن علي بن سعيد العبدري، وعن أبي زكريا أحمد بن علي الشيباني ثم التبريزي كلهم قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري، قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن القاسم بن بشار الأنباري، عن أبي العباس أحمد بن يحيى بن زيد النحوي المعروف بثعلب مؤلفه، ﵀، وكان هو ومحمد بن يزيد عالمين قد ختم بهما تاريخ الأدباء، وكانا كما قال بعض الشعراء:
(أيا طالب العلم لا تجهلن ... ولد بالمبرد أو ثعلب)
(تجد عند هذين علم الورى ... ولا تك كالجمل الأجرب)
(علوم الخلائق مقرونة ... بهذين في الشرق والمغرب)
1 / 47
باب فعلت بفتح العين
قال أبو عبد الله محمد بن أحمد بن هشام، ﵁:
قوله: (نمى المال ينسى).
يعني: زاد، وقالوا في المستقبل: ينمو وينمي، وهما لغتان فصيحتان، وكان حقه أن يذكرهما كما شرط، ولم يأت إلا بينسي فقط، والمال عند بعض العرب: الإبل والبقر والغنم، ولا يقال للذهب والفضة عندهم: مال، إنما يقال له: نقد؟؟؟، وأقله ما تجب فيه الزكاة، وما نقعس عن ذلك فليس بمال، وحكى أبو عمر صاحب الياقوتة: أن المال الصامت والناطق، فالصامت: الدنانير والدراهم والجوهر: والناطق: البعير والبقرة والشاة، قال: ومنه قولهم: (ماله صامت ولا ناطق) ومنهم من أوقع المال على جميع ما يملكه الإنسان وهو الصحيح.
(ذوى العوه) "يذوي"
ذبل، ولا يقال: جف، ويقال: ذاى يذأى: وهما لغتان أيضا؟؟؟؟ ولم يخبر بهما، وحكى؟؟؟؟؟: وذيي أقلها.
(؟؟؟؟ الرجل).
؟؟؟؟ الرشد، والغبي: ضد الرشد، قال الله تعالى: ﴿قد تبين الرشد من الغي﴾ [البقرة: ٢٥٦] أي: الإيمان من الكفر: وقالوا: غوي أيضًا على ما حكى أبو عبيد:
1 / 48
والبيت الذي استشهد به يروى للمرقش الأصغر، وسمي مرقشًا، لأنه كان يزين شعره، واسمه ربيعة بن سفيان بن سعد بن مالك من قصيدة يقولها في قصةٍ طويلة جرت بينه وبين عمرو بن جناب بن عوف بن مالك صاحبه وفاطمة بنت المنذر وقبله:
(وآلى جناب حلفة فاطمته ... بنفسك ول اللوم إن كنت نادما)
(ألم تر أن المرء يجلم كفه ... ويجشم من لؤم الصديق المجاشما)
فمن يلق خيرًا البيت ومعنى يلق يصب، والشاهد فيه، قوله: يغو، فأتى بالمستقبل، - لأنه قد علم أن كل فعل أتى مستقبله على يفعل، بكسر العين، فإن ماضيه على فعل، بفتح العين، إلا ما شذ وأتى على فعل يفعل، وذلك أربعة وعشرون فعلًا: منها خمسة أفعال صحاح، والباقي معتلة، فالخمسة الصحاح: نعم ينعم وحسب يحسب ويبس ييبس بئس يبئس وبئس يبئس، والمعتلة: ومق يمق، ووفق أمره يفق، ووثق يثق، ووري الزند يري، وولي يلي، وورث يرث، وورع يرع، وورم يرم، ووجز يجز، ووغر صدره يغر، ووطئ يطأ، ووسع يسع لأن الأصل في هذين الفعلين كسر العين، وإنما انفتحا من أجل حرف الحلق، وزاد المبرد: وهم بهم، وزاد صاعد: نجد ينجد إذا عرق، والمشهور: ينجد، بفتح العين، وزاد سيبويه: أن يئن، وأصل أن: أون، وتاه يتيه وطاح
1 / 49
يطيح، وأصلهما: تو وطوح وحكى أبن جني: وله يله ووعم يعم، ويلحق بهذه الأفعال ما نقل من فعل، بفتح العين إلى فعل، بكسرها، نحو: بعت أبيع، وكلت أكيل، وما أشبه ذلك ولا يكون أيضًا مستقبل فعل يفعل، بفتح العين إلا أن يكون عينه أو لامه حرفًا من حروف الحلق، إلا ما شذ، نحو: أبى يأبى وركن يركن، والأشهر: ركن يركن، وزاد الكوفيون: غسى الليل يغسى، وقلى يقلى، وسحى يسحى، وحبى يحبى، وحكى كراع: عثى يعثى مقلوب من عاث يعيث، إذا أفسد، وحكى بعض اللغويين: سلى يسلى، وقنط يقنط.
(فسد الشيء)
ضد صلح، والفساد: ضد الصلاح، وقالوا: فسد.
(وعسيت أن أفعل ذاك)
رجوت، وقالوا: عسيت هذا إذا كان مع المضمر، فإن كان مع المظهر فالفتح لا غير.
1 / 50
وقوله: (ولا يقال منه: يفعل ولا فاعل).
يعني: أنه لا يتصرف فيؤتى منه بمستقبل واسم فاعل، وإنما لم يتصرف، لأنه ضمن معنى الطمع والرجاء، كما ضمنت لعل، فلم يتصرف لذلك، ومع أنه استغني عن تصريفه، لأن كل شيء مطموع فيه مترجى فهو مستقبل، فقام له المعنى مقام التصريف، والأفعال التي لا تتصرف ستة: عسى وليس ونعم وبئس، وفعل التعجب، وحبذا.
(دمعت عيني) سال دمعها، وقالوا: دمعت.
(رعفت) سال الدم من أنفي، والرعاف: انبعاث الدم من الأنف والفعل للدم، وجعل للرجل على الأتساع، وقالوا: رعف.
(عثرت) سقطت، والعثار: السقوط، ويقال في المستقبل: يعثر ويعثر.
(نفر) أسرع، ويقال في المستقبل ينفر وينفر.
(شتم) من الشتم، وهو رمي أعراض الناس بالمعائب القبيحة، ويقال للأسد، شتيم لقبح وجهه، ويكون الشتم بالقول أو بالفعل، قال الشاعر:
(ويشتم بالأفعال لا بالتكلم)
ويقال في المستقبل: يشتم ويشتم.
(وهن) لان وضعف.
1 / 51
(نعست) نمت، والنعاس: النوم .. وقيل: مقاربته وغشيانه، وقالوا في المستقبل، ينعس وينعس.
(لغب الرجل) أعيا وتعب، وقالوا في المستقبل: يلغب ويلغب، ولغب لغة، وقالوا أيضًا: لغب.
(ذهلت عن الشيء غفلت عنه، قال الله تعالى: ﴿تذهل كل مرضعة عما أرضعت﴾ [الحج: ٢] ويكون النسيان من الفرق، وذهل لغة.
(غبطت الرجل) تمنيت مثل حاله من غير أن يزول ذلك عنه، فإن أردت زواله فهو حسد.
(خمدت النار) سكن لهبها، فإن أنطفأت قلت: همدت.
(عجزت عن الشيء) لم أقدر عليه، فإن كنت قادرًا عليه ولم تفعله، قلت: كسلت عنه، وعجز لغة.
(حرصت عليه) طلبته بشدةٍ ونصبٍ، والمضارع: يحرص، وقيل: يحرص، وحكى هذه اللغة الفراء، وحرص لغة، وجاء اسم الفاعل منه على فعيل للمبالغة فقالوا: حريص، فأما حرص الثوب القصار، إذا شقه فهو بكسر العين في الماضي وفتحها في المستقبل لا غير، واسم الفاعل منه: حارص، ومن ذلك:
1 / 52
الشجعة الحارصة التي تحرص الجلد أي: تشقه.
(نقمت على الرجل) أنكرت وعاتبت، ونقم لغة.
(غدرت به) تركت الوفاء له، ونقضت عهده، والغدر ضد الوفاء، وغدر لغة.
(عمدت للشيء) قصدت إليه.
(هلك الرجل) عطب أو مات أو تلف وما أشبه ذلك.
(عطس) من العطاس، وقالوا في المستقبل: يعطس ويعطس.
(ونطح الكبش) نخس بقرنه، وقالوا في المستقبل: ينطح وينطح.
(نحت) سوى وقشر، وقالوا في المستقبل: ينحت وينحت.
(جف الثوب) يبس بعد الرطوبة، وحكى أبو زيد: جففت تجف.
وقوله: (وكل شيء رطب يجف).
قال الشارح: كان حقه ألا يأتي بالمستقبل من هذا الفعل ولا من كل يكل إذ كان من المقيس، لأن كل ما كان على فعلت من ذوات التضعيف غير متعد فإن يفعل منه مسكور العين إلا ما شذ من ذلك، والذي شذ من ذلك: أل الشيء يؤل: برق، وأل الرجل يؤل أليًا: رفع صوته ضارعًا، فأما ذرت الشمس تذر وهبت الريح تهب فلما فيهما من معنى التعدي أتيا على يفعل، وقد جاء بعضه
1 / 53
باللغتين جميعًا قالوا: جد يجد يجد، وجم الفرس يجم يجم ويجم، وشب يشب ويشب، إذا ارتفع، وصد عني يصد ويصد، وشح يشح ويشح، وفحت الأفعى تفح وتفح ودرت الناقة وغيرها وتدر وترت يده تير وتير غلظت وطرت المرأة تطر وتطر تذللت في المشي وحدت المرأة تحد وتحد وشذ الشيء يشذ ويشذ ونس ينس وينس، إذا يبس، وشطت الدار تشط وتشط، وما كان منه على فعل، بكسر العين فإن مستقبله يفعل، بفتح العين، نحو: مسست أمس، وشممت أشم وبررت والدي أبر، ولببت تلب، وقالوا: لببت، ولم يأت منه على فعل إلا هذا فقط، وزاد قطرب: شررت فأنت شرير، وما كان منه على فعلت متعديا فإن يفعل منه مضموم إلا حبه يحبه فإنه أتى بالكسر فقط، وجاءت أفعال باللغتين جميعا، قالوا: شده يشده ويشده، ونم الحديث ينمه ينمه وينمه وعله في الشراب يعله ويعله وبت الشيء يبته ويبيه، وهره يهره ويهره: كرهه.
(نكل عن الشيء) جبن عنه وتأخر وقالوا: نكل، وقالوا في المستقبل ينكل على وزن يفعل، بضم العين، ولم يأت فعل يفعل، بكسر العين في الماضي وضمنها في المستقبل إلا في سبعة أفعال شذت، وهي: نكل ينكل وقد تقدم، وفضل يفضل: بقي، ونعم ينعم، وخطر يخطر وشملهم الأمر يشملهم ومن المعتل مت تموت ودمت تدوم.
(كللت) أعييت، وعند أهل اللغة أن كل ما كان من حركةٍ وسعيٍ، قيل
1 / 54
فيه: أعيا، وما كان من قول ورأي، قيل فيه: عي وعيي، والاسم منهما: عيٍ على وزن: عمٍ وشجٍ: ومثل: عي وعيي حي وحيي، وقد قرئ بهما جميعًا.
(وكل بصره) ضعف، وكل السيف: لم يقطع.
(سبحت) عمت.
(شحب لونه) تغير من سفرٍ أو مرضٍ أو سوه حالٍ وقالوا: شحب، وفي المستقبل يشحب ويشحب.
(وسهم) كذلك، وقالوا في المستقبل: يسهم ويسهم، وقد تقدم لهذا نظائر، لأن كل فعلٍ عينه أو لامه من حروف الحلق فإن ثالثه مفتوح في المستقبل، وقد يأتي مكسورًا أو مضمومًا ولكن قياسه الفتح، وما كان على فعل، بضم العين في الماضي فإن المستقبل فيه يفعل، بضم العين أيضًا، إلا كدت تكاد فإنه أتى بفتح العين في المستقبل ولا نظير له.
(ولغ الكلب في الإناء) إذا أدخل لسانه فيه، ولحسه شرب أو لم يشرب كان فيه ماء أو لم يكن، وقيل: لا يكون الولوغ إلا في الشيء المائع كالماء وشبهه قال أبو عمر المطرز: ولغ الكلب إذا حرك لسانه بتصويت في الماء وغيره ولا يكون الولوغ إلا باللسان وحده، ويولغ فعل مضارع لم يسم فاعله، وهو رباعي بمنزلة قولك: زيد يوعد من الوعيد، وقد بين ذلك بقوله: إذا (أولغه صاحبه) والبيت
1 / 55
الذي استشهد به هو لابن قيس الرقيات يصف فيه شبلي أسد وقبله يصف لبوة:
(توضع شبلين فيلهما ... قد ناهزا للفطام أو فطما)
(ما مر يوم إلا وعندهما ... لحم رجال أو يولغان دما)
قوله: أو يولغان [دما] معطوف على معنى قوله:
(...... الا وعندهما ... لحم رجال .....)
كأنه: ما مر يوم إلا ويطعمان لحم رجالٍ أو يولغان دما
وحكى الأصمعي: أن الرواية في اليت بالغان، بالألف، وهذا بعيد في القياس، لأن الكسر في بلغ كما قدمنا هو الأصل، وإنما فتح لأجل حرف الحلق فلم يثبت الواو مع هذه الفتحة إذ ليست بأصل، كما لم تثبت في يطأ ويسع، وإنما تثبت الواو في المستقبل إذا كانت الفتحة أصلية، نحو يوجل، ثم تقلب الواو ألفا فيقال: ياجل، ومنهم من يقول: ييجل، فيقلبها ياء، ومنهم من يكسر أول الفعل، فيقول: ييجل ويحتمل أن يكون الشاعر على هذه الرواية أشبع فتحة الياء اضطرارًا، فنشأت بعدها الألف كما قال الراجز:
(أقول إذ خرت على الكلكال)
(يا ناقتي ما جلت من مجال)
أشبع فتحة الكاف، فنشأت بعدها الالف، فقال: الكلكال.
وحكى المطرز: ولغ على فعل، بكسر العين.
1 / 56
(أجن الماء) تغير لونه وطعمه لتقادم عهده، وقالوا: أجن وأسن كذلك والأجنة في الماء أقل في الفساد من الأسنة، وقالوا: أسن.
(غلت القدر) فارت، ولا يقال: غليت، قال أبو الأسود:
(ولا أقول لقدر القوم قد غليت ... ولا اقول لباب الدار مغلوق)
(غثت؟؟؟؟) خبثت.
(كسب المال) طلبه واقتناه والكسب: وجود المال بعد الطلب وقد يستعمل في غير طلب المال.
(ربض الكلب) نام.
(ربط الرجل الشيء) عقد عليه، وقالوا في المستقبل: يربط ويربط.
1 / 57
باب فعلت بكسر العين
(قضمت الدابة شعيرها) إذا أكلته، والقضم لكل شيء يابس كالبر والشعير، والخضم لكل شيءٍ رطبٍ كالقثاء وغيره، وذكر ابن جني، وحمد الله أن العرب اختصت اليابس بالقاف، والرطب بالخاء، لأن في القاف شدة، وفي الخاه وخاوة وقيل: القضم مقدم الأسنان والخضم بالفم كله، وقالوا في تصريف فعله: خضم وخضم.
(سرطت) الشيء مثل يلعنه، وهو في الطعام اللين خاصة كالفالوذج ونحوه والسرطراط أيضًا: الفالوذج.
(زردته) بلغته بغير مضغ.
(جرعت الماء) شربته برغبة، ويقال: جرعته.
(مسست) لمست وحسست، وقالوا مسست أمس.
(شممت) أشم، أي: استنشقت الرائحة، وقالوا: شممت أشم وكان حقه ألا يأتي لهذا النوع بمستقبل، لأنه من المقيس، وقد تقدم.
(غضضت أغض)، وقالوا: عضضت حكاها سيبويه.
1 / 58
(غصصت) اختنقت، وقالوا: غصصت، والغصص بالطعام، ويستعمل في الماء، والشرق بالماء خاصة، والشجى بالعظم والعود، والجرض بالريق عند الموت، والجار بالكرب والبكاء، وتقول في الماضي: شرقت وشجيت وجرضت وجثرت، بكسر العين كعضضت.
(مصصت الشيء) من المص، وهو ضد العب.
(سففت الدواء) ألقيته من الراحة في الفم وابتلعته ولا يكون إلا في شيءٍ مطحون أو مدقوق أو حب صغار كالسمسم ونحوه.
(زكنت) علمت، وزكنت لغة، ويقال أيضًا: أزكنت فلانا كذا، أي: أعلمته، والبيت الذي استشهد به هو لقعنب بن أم صاحب بقوله في أناسٍ من قومه كانوا يناصبونه العداوة، وقبله:
(صم إذا سمعوا خيرًا ذكرت به ... وإن ذكرت بسوءٍ عندهم أذنوا)
(كل يداجي على البغضاء صاحبه ... ولن أعالنهم إلا كما علنوا)
(ولن يراجع قلبي ودهم أبدًا ... زكنت من بغضهم مثل الذي زكنوا)
(نهكه المرض) أضعفه، وانهكه عقوبة بالغ في عقوبته، كذا وويناه بألفٍ موصولةٍ على الأمر، ووقع في بعض النسخ: (وأنهكه السلطان عقوبة)
1 / 59
على الخير، وهو وهم، وإنما يقال: نهكه السلطان بغير ألفٍ، وكذا: نهكت الثوب لبسًا والمال إنفاقًا والدابة سيرًا.
(برئ من المرض وبرأ) صح، وبرئ من الرجل والدين براءة تركهما، وبرى القلم، نحته.
وقوله: (وغيره)، يعني: كل ما يستعمل فيه القطع.
قال الشارح: بريت القلم ليس من الباب وإنما أدخله لمشاركة اللفظ، وحكى ابن دريد: بروت القلم أبروه، ويقال أيضًا: بروت الناقة وأبريتها إذا جعلت في أنفها البرة، وهي حلقة تكون من صفرٍ أو حديدٍ.
(ضننت بالشيء) بخلت به، وقالوا: ضننت.
(وشملهم الأمر) عمهم وأتاهم من كل جانبٍ، وقالوا: شملهم يشملهم، وقد تقدم الكلام على اللغة الثالثة.
(دهمتهم الخيل) غشيتهم وجاءتهم بغتة، وقالوا: دهمتهم تدهمهم.
(شلت يده) يبست، وأصله: شللت، ولذلك أدخله في هذا الباب وما جاء على فعلت المكسور العين الساكن التاء من ذرات التضعيف فهو مدغم، كشلت يده، وصمت المرأة، وما أشبههما الا أحرفًا جاءت شاذة غير مدغمة، وهي:
لححت [عينه] إذا التصقت، ومششت الدابة وصككت، وضبب البلد كثر ضبابه، والل السقاء إذا تغيرت ريحه، وقطط الشعر.
(نفد الشيء) تم، والنفاد ضد البقاء.
1 / 60
(لججت) في الأمر رددت فيه ولم تنصرف عنه، وقالوا: لججت (خطف الشيء) أخذه بسرعةٍ، وقالوا خطف.
(وددت أن ذاك كان) إذا تمنيته، وحكى الكسائي: وددت، بفتح العين في الماضي، وان في قوله: (أن ذاك) مع ما بعدها سدت مسد المفعولين لوددت لأنها بمعنى: تمنيت، وهي داخلة على المبتدأ والخبر.
(رضع المولود) مص الثدي، وقالوا: رضع.
(فركت المرأة زوجها) أبغضته وصلفها هو إذا أبغضها، وحكى كراع: فركت.
قال ابن جني: وقد يكون الفرك في المذكر كما يكون في المؤنث، قال الراجز:
(إن العجوز فارك ضجيعها)
(تهمع من عير بكى دموعها)
وحكى أبو زيد: امرأة فارك ورجل فارك، وهو أيهما أبغض صاحبه، وجاء في الحديث عن النبي، ﷺ: أنه قال: (لا يفرك مؤمن مؤمنة).
1 / 61
(شركت الرجل في الشيء) لزمته ولزقته إما بالبدن وإما بالمال.
(وبررت في يميني) صدقت، وقالوا: بررت.
(وبررت والدي) قضيت حقة، بالكسر لا غير، ورجل بار وبر، أي: صادق، وبار أصله: بارر، فأدغم لاجتماع المثلين، وجمع بار: بررة، قال الله تعالى: ﴿كرام بررة﴾ [عبس: ١٦] وكذلك: حافد وحفدة، وكامل وكملة، وجمع البر: أبرار ولذلك قلنا: إنه فعل دون فعل، لأن أفعالًا في باب فعل أكثر منه في باب فعلٍ
(جشمت الأمر) تكلفته على مشقةٍ.
(سفد الطائر) السفاد للطائر بمنزلة الجماع للرجال، وقالوا: سفد.
(وفجئني الأمر) جاءني بغتة.
1 / 62
باب فعلت بغير ألف
(شملت الريح) هبت من جهة الشمال وهو الجوف. وجنبت: هبت من جهة الجنوب وهي القبلية، رصبت: هبت من جهة الصبا؛ وهو الشرق ودبرت: هبت من جهة الدبور، وهو الغرب، والرياح كلها يقال فيها: فعلت بغير ألف إلا النعامى وهي الجنوب: فإنه يقال فيها: أنعمت بالألف إذا هبت.
(خسأت الكلب) طردته وأبعدته.
(فلج الرجل على خصمه) ظهر وغلب بالحجة.
(مذى [الرجل]) خرج من ذكره شيء عند الملاعبة والتذكار، ويقال: أمذى ومذى.
(ورعبت الرجل) أفزعته، وقيل: ملأته رعبًا.
(رعدت السماء) من الرعد، وهو ملك يزجر السحاب.
(وبرقت) من البرق، والبرق: مخاريق من نار مع ملك يسوق بها السحاب، ويقال أيضًا: أرعد القوم وأبرقوا وأغيموا إذا أصابهم غيم ورغد وبرق.
1 / 63
(ورعد الرجل) وبرق إذا أرعد وتهدد، قال المتلمس يخاطب عمرو؟؟؟؟:
(وإذا حللت ودون بيتي غاوة ... فابرق بأرضك ما بدا لك وأرعد)
غاوة: ايم لقريةٍ من حلبٍ.
(وقد يقال: أرعد وأبرق وعليه أدخل الكميت [قوله]:
(أرعد وأبرق يايزيـ ... ـد فما وعيدك لي بضائر)
والكميت عند الأصمعي ليس بحجةٍ، لأنه مولد. ويزيد الذي ذكره الكميت في بيته هو يزيد بن خالد بن عبد الله القسري، وكان الكميت في سجنه فهرب من سجنه، وقال هذا الشعر، وبعد البيت.
(وانظر إلى أسرار كـ ... ان أجم مقلوم الأظافر)
(إني وأمك ما أخوف ... بالتعاون والمظاهر)
(هل أنت الأ الفقع فقـ ... يع القاع للجمل النوافر)
(هرقت الماء) أصله: أرقت، والعرب تبدل الهمزة هاء للقرب، كما قالوا: إياك وهياك وأيهات هيهات، وأصل أرقت: أروقت وأريقت
1 / 64