***184]
للهم إني أسئلك من قولك بأرضاه، وكل قولك رضي، اللهم إني أسئلك بقولك كله.
قد انكشف على بصيرة قلبك وانفتح على باطن سرك وسريرة عقلك في ما قدم عليك مرورا وظهر عليك ظهورا: إن السؤال بالأسماء الإلهية والتوجه إلى الصفات الإلهية والتوجه إلى الصفات الجلالية والجمالية لا يحصل بحقيقته للسالك إلا بعد ما تجلى عليه ربه باسمه وصفته ورأى بعين البصيرة والمكاشفة القلبية ربه في مرآت إسمه وصفته، فيتوجه إليه ويخضع لديه ويسأله بذلك الإسم وتلك الصفة. كما قد تحقق في ما سبق وبلغ التحقيق بما استحق: أن حالات السالك ومقاماته في سيره وسلوكه مختلفة، فإن الإنسان مظهر اسم كل يوم هو في شأن، ففي كل حال وشأن يظهر له محبوبه باسم ويتجلى عليه معشوقه ومطلوبه بتجل من اللطف والقهر والجلال والجمال. وقد يتجلى باسم واحد بنحوين من التجلي وطورين من الظهور جلوة بنحو الكثرة في الوحدة ويجري على لسانه كلام يناسب حاله فيترنم بما يدل على الوحدة ويقول: اللهم إني أسألك من قولك. بلفظ المفرد وإن تجلى عليه على النحو الثاني يغلب على قلبه سلطان الكثرة فيترنم بكلام يناسب حاله ويدل على الكثرة فيقول: اللهم إني أسألك من كلماتك بأتمها. بلفظ الجمع. وهذا أحد الأسرار في ذكر القول والكلمات والتوجه إليهما في الدعاء الشريف.
لا يقال: إن التجلي بنحو الكثرة في الوحدة ينافي قوله: بأرضاه، وكذا قوله: وكل قولك رضي، فإنه يقال: إن تغيير الحالات آني، فيمكن أن يتجلى الحق على عبده بإسم في آن فيتجلى عليه بإسم آخر في آن آخر أو يتجلى عليه بإسم بنحوين في آنين، على أن الدعاء صادر عن مقام الجمع الأحمدي والقلب الباقري المحمدي صلى الله عليهم أجمعين. ولا غرو في الجمع بين الكثرة والوحدة في آن واحد، وهذا أيضا لا ينافي اختلاف حالاتهم بغلبة الوحدة أو الكثرة عليهم، هذا ما عندي.
وسألت شيخي العارف الكامل أدام الله ظله عن وجه ذلك، فأجاب بما حاصله: إن حالات السالك مختلفة فقد يتجلى عليه بإسم بحسب حال من حالاته ثم يتجلى عليه بإسم آخر بحسب حال آخر، ثم يتجلى عليه بالإسم الأول بعود الحال الأول، فيصير السؤال في الحال الأول والثالث متحدا. وسألت عن بعض أهل النظر فأجاب بما لا يناسب ذكره.
Страница 145