88

Шарх аль-Акида ат-Тахавия

شرح العقيدة الطحاوية

Редактор

أحمد شاكر

Издатель

وزارة الشؤون الإسلامية

Издание

الأولى

Год публикации

١٤١٨ هـ

Место издания

والأوقاف والدعوة والإرشاد

بِأَمْرِهِ. وَقَدْ أَجَابَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ عَنْ بَدْءِ هَذَا الْعَالَمِ الْمَوْجُودِ، لَا عَنْ جِنْسِ الْمَخْلُوقَاتِ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَسْأَلُوهُ عَنْهُ، وَقَدْ أَخْبَرَهُمْ عَنْ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ حَالَ كَوْنِ عَرْشِهِ عَلَى الْمَاءِ، وَلَمْ يُخْبِرْهُمْ عَنْ خَلْقِ الْعَرْشِ، وَهُوَ مَخْلُوقٌ قَبْلَ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّهُ قَالَ: «كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ»، وَقَدْ رُوِيَ (مَعَهُ)، وَرُوِيَ (غَيْرَهُ)، وَالْمَجْلِسُ كَانَ وَاحِدًا، فَعُلِمَ أَنَّهُ قَالَ أَحَدَ الْأَلْفَاظِ وَالْآخَرَانِ رُوِيَا بِالْمَعْنَى، وَلَفْظُ الْقَبْلِ ثبتَ عَنْهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ. فَفِي صحيح مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ»، الْحَدِيثَ. وَاللَّفْظَانِ الْآخَرَانِ لَمْ يَثْبُتْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَلِهَذَا كَانَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ إِنَّمَا يَرْوِيهِ بِلَفْظِ الْقَبْلِ، كَالْحُمَيْدِيِّ وَالْبَغَوِيِّ وَابْنِ الْأَثِيرِ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا اللَّفْظِ تَعَرُّضٌ لِابْتِدَاءِ الْحَوَادِثِ، وَلَا لِأَوَّلِ مَخْلُوقٍ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ قَالُ: «"كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ"أَوْ"مَعَهُ"أَوْ"غَيْرَهُ"، "وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ». فَأَخْبَرَ عَنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ بِالْوَاوِ، «وَخَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ» رُوِيَ بِالْوَاوِ وَبِثُمَّ، فَظَهَرَ أَنَّ مَقْصُودَهُ إِخْبَارُهُ إِيَّاهُمْ بِبَدْءِ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا، وَهِيَ الْمَخْلُوقَاتُ الَّتِي خُلِقَتْ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ، لَا ابْتِدَاءَ خَلْقِ مَا خَلَقَهُ اللَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَذَكَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِمَا يَدُلُّ عَلَى خَلْقِهِمَا، وَذَكَرَ مَا قَبْلَهُمَا بِمَا يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ وَوُجُودِهِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِابْتِدَاءِ خَلْقِهِ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ الْحَدِيثُ قَدْ وَرَدَ بِهَذَا وَهَذَا، فَلَا يُجْزَمُ بِأَحَدِهِمَا إِلَّا بِدَلِيلٍ، فَإِذَا رَجَحَ أَحَدُهُمَا فَمَنْ جَزَمَ بِأَنَّ الرَّسُولَ أَرَادَ الْمَعْنَى الْآخَرَ فَهُوَ مُخْطِئٌ قَطْعًا، وَلَمْ يَأْتِ فِي الْكِتَابِ وَلَا فِي السُّنَّةِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْمَعْنَى الْآخَرِ، فَلَا يَجُوزُ إِثْبَاتُهُ بِمَا يُظَنُّ أَنَّهُ مَعْنَى الْحَدِيثِ، وَلَمْ يَرِدْ «كَانَ اللَّهُ وَلَا شَيْءَ مَعَهُ»

1 / 91