52

Шарх аль-Акида ат-Тахавия

شرح العقيدة الطحاوية

Редактор

أحمد شاكر

Издатель

وزارة الشؤون الإسلامية

Издание

الأولى

Год публикации

١٤١٨ هـ

Место издания

والأوقاف والدعوة والإرشاد

الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَأَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ الْكَرِيمِ، وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ، فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ، وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ، اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الْإِيمَانِ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ». فَقَدْ سَمَّى اللَّهُ وَرَسُولُهُ صِفَاتِ اللَّهِ عِلْمًا وَقُدْرَةً وَقُوَّةً.
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً﴾ (١)، ﴿وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ﴾ (٢)، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَيْسَ الْعِلْمُ كَالْعِلْمِ، وَلَا الْقُوَّةُ كَالْقُوَّةِ، وَنَظَائِرُ هَذَا كَثِيرَةٌ، وَهَذَا لَازِمٌ لِجَمِيعِ الْعُقَلَاءِ.
فَإِنَّ مَنْ نَفَى صِفَةً مِنْ صِفَاتِهِ الَّتِي وَصَفَ اللَّهُ بِهَا نَفْسَهُ، كَالرِّضَا وَالْغَضَبِ، وَالْحُبِّ وَالْبُغْضِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَزَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ التَّشْبِيهَ وَالتَّجْسِيمَ! قِيلَ لَهُ: فَأَنْتَ تُثْبِتُ لَهُ الْإِرَادَةَ وَالْكَلَامَ وَالسَّمْعَ وَالْبَصَرَ، مَعَ أَنَّ مَا تُثْبِتُهُ لَهُ لَيْسَ مِثْلَ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ، فَقُلْ فِيمَا نَفَيْتَهُ وَأَثْبَتَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِثْلَ قَوْلِكَ فِيمَا أَثْبَتَّهُ؛ إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا.
فَإِنْ قَالَ: أَنَا لَا أُثْبِتُ شَيْئًا مِنَ الصِّفَاتِ! قِيلَ لَهُ: فَأَنْتَ تُثْبِتُ لَهُ الْأَسْمَاءَ الْحُسْنَى، مِثْلَ: حَيٍّ، عَلِيمٍ، قَدِيرٍ. وَالْعَبْدُ يُسَمَّى بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ، وَلَيْسَ مَا يَثْبُتُ لِلرَّبِّ مِنْ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ مُمَاثِلًا لِمَا يَثْبُتُ لِلْعَبْدِ، فَقُلْ فِي صِفَاتِهِ نَظِيرَ قَوْلِكَ فِي مُسَمَّى أَسْمَائِهِ.
فَإِنْ قَالَ: وَأَنَا لَا أُثْبِتُ لَهُ الْأَسْمَاءَ الْحُسْنَى، بَلْ أَقُولُ: هِيَ مَجَازٌ، وَهِيَ أَسْمَاءٌ لِبَعْضِ مُبْتَدَعَاتِهِ، كَقَوْلِ غُلَاةِ الْبَاطِنِيَّةِ وَالْمُتَفَلْسِفَةِ!
قِيلَ لَهُ: فَلَا بُدَّ أَنْ تَعْتَقِدَ أَنَّهُ مَوْجُودٌ حَقٌّ (٣) قَائِمٌ بِنَفْسِهِ، وَالْجِسْمُ مَوْجُودٌ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ، وَلَيْسَ هُوَ مُمَاثِلًا لَهُ.
فَإِنْ قَالَ: أَنَا لَا أُثْبِتُ شَيْئًا، بَلْ أُنْكِرُ وُجُودَ الْوَاجِبِ.
قِيلَ لَهُ: مَعْلُومٌ بِصَرِيحِ الْعَقْلِ أَنَّ الْمَوْجُودَ إِمَّا وَاجِبٌ بِنَفْسِهِ، وَإِمَّا غَيْرُ

(١) سورة الرُّومِ آية: ٥٤.
(٢) سورة يُوسُفَ آية: ٦٨.
(٣) لعله: حي

1 / 55