Шарх аль-Акида ат-Тахавия
شرح العقيدة الطحاوية
Редактор
أحمد شاكر
Издатель
وزارة الشؤون الإسلامية
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤١٨ هـ
Место издания
والأوقاف والدعوة والإرشاد
Жанры
Религии и учения
وَعَلَامَةُ مَرَضِ الْقَلْبِ عُدُولُهُ عَنِ الْأَغْذِيَةِ النَّافِعَةِ الْمُوَافَقَةِ، إِلَى الْأَغْذِيَةِ الضَّارَّةِ، وَعُدُولُهُ عَنْ دَوَائِهِ النافع، إلى دوائه الضار.
فها هنا أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ: غِذَاءٌ نَافِعٌ، وَدَوَاءٌ شَافٍ، وَغِذَاءٌ ضَارٌّ، وَدَوَاءٌ مُهْلِكٌ.
فَالْقَلْبُ الصَّحِيحُ يُؤْثِرُ النَّافِعَ الشَّافِيَ، عَلَى الضَّارِّ الْمُؤْذِي، وَالْقَلْبُ الْمَرِيضُ بِضِدِّ ذَلِكَ. وَأَنْفَعُ الْأَغْذِيَةِ غِذَاءُ الْإِيمَانِ، وَأَنْفَعُ الْأَدْوِيَةِ دَوَاءُ الْقُرْآنِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا فِيهِ الْغِذَاءُ وَالدَّوَاءُ، فَمَنْ طَلَبَ الشِّفَاءَ فِي غَيْرِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَهُوَ مِنْ أَجْهَلِ الْجَاهِلِينَ وَأَضَلِّ الضَّالِّينَ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾ (١). وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا﴾ (٢)، و"من"فِي قَوْلِهِ: "مِنَ الْقُرْآنِ"لِبَيَانِ الْجِنْسِ، لَا لِلتَّبْعِيضِ. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ (٣).
فَالْقُرْآنُ هُوَ الشِّفَاءُ التَّامُّ مِنْ جَمِيعِ الْأَدْوَاءِ الْقَلْبِيَّةِ وَالْبَدَنِيَّةِ، وَأَدْوَاءِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَا كُلُّ أَحَدٍ يُؤَهَّلُ لِلِاسْتِشْفَاءِ بِهِ. وَإِذَا أَحْسَنَ الْعَلِيلُ التَّدَاوِيَ بِهِ، وَوَضَعَهُ عَلَى دَائِهِ بِصِدْقٍ وَإِيمَانٍ وَقَبُولٍ تَامٍّ وَاعْتِقَادٍ جَازِمٍ وَاسْتِيفَاءِ شُرُوطِهِ - لَمْ يُقَاوِمِ الدَّاءُ أَبَدًا. وَكَيْفَ تُقَاوِمُ الْأَدْوَاءُ كَلَامَ رَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، الَّذِي لَوْ نَزَلَ عَلَى الْجِبَالِ لَصَدَّعَهَا، أَوْ عَلَى الْأَرْضِ لَقَطَّعَهَا؟! فَمَا مِنْ مَرَضٍ مِنْ أَمْرَاضِ الْقُلُوبِ وَالْأَبْدَانِ إِلَّا وَفِي الْقُرْآنِ سَبِيلُ الدِّلَالَةِ عَلَى دَوَائِهِ وَسَبَبِهِ وَالْحَمْيَةِ مِنْهُ، لِمَنْ رَزَقَهُ اللَّهُ فَهْمًا فِي كتابه.
(١) سورة فصلت آية ٤٤.
(٢) سورة الإسراء آية ٨٢.
(٣) سورة يونس آية ٥٧.
1 / 253