Шарх аль-Акида ат-Тахавия
شرح العقيدة الطحاوية
Редактор
أحمد شاكر
Издатель
وزارة الشؤون الإسلامية
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤١٨ هـ
Место издания
والأوقاف والدعوة والإرشاد
Жанры
Религии и учения
الصَّادِقِ - فَلَا مُنَاسَبَةَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ إِجَابَةِ دُعَاءِ هَذَا السَّائِلِ. فَكَأَنَّهُ يَقُولُ: لِكَوْنِ فُلَانٍ مِنْ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ أَجِبْ دُعَائِي! وَأَيُّ مُنَاسَبَةٍ فِي هَذَا وَأَيُّ مُلَازَمَةٍ؟ وَإِنَّمَا هَذَا مِنَ الِاعْتِدَاءِ فِي الدُّعَاءِ! وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ (١). وَهَذَا وَنَحْوُهُ مِنَ الْأَدْعِيَةِ الْمُبْتَدَعَةِ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، وَلَا عَنِ الصَّحَابَةِ، وَلَا عَنِ التَّابِعِينَ، وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ ﵃، وَإِنَّمَا يُوجَدُ مِثْلُ هَذَا فِي الْحُرُوزِ وَالْهَيَاكِلِ الَّتِي يَكْتُبُ بِهَا الْجُهَّالُ وَالطُّرُقِيَّةُ. وَالدُّعَاءُ مِنْ أَفْضَلِ الْعِبَادَاتِ، وَالْعِبَادَاتُ مَبْنَاهَا عَلَى السُّنَّةِ وَالِاتِّبَاعِ، لَا عَلَى الْهَوَى وَالِابْتِدَاعِ.
وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ الْإِقْسَامَ عَلَى اللَّهِ بِحَقِّ فُلَانٍ، فَذَلِكَ مَحْذُورٌ أَيْضًا، لِأَنَّ الْإِقْسَامَ بِالْمَخْلُوقِ عَلَى الْمَخْلُوقِ لَا يَجُوزُ، فَكَيْفَ عَلَى الْخَالِقِ؟! وَقَدْ قَالَ ﷺ: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ». وَلِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَصَاحِبَاهُ ﵃: يُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ الدَّاعِي: أَسْأَلُكَ بِحَقِّ فُلَانٍ، أَوْ بِحَقِّ أَنْبِيَائِكَ وَرُسُلِكَ، وَبِحَقِّ الْبَيْتِ الْحَرَامِ، وَالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ حَتَّى كَرِهَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ ﵄ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِمَعْقِدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِكَ، وَلَمْ يَكْرَهْهُ أَبُو يُوسُفَ ﵀ لَمَّا بَلَغَهُ الْأَثَرُ فِيهِ.
وَتَارَةً يَقُولُ: بِجَاهِ فُلَانٍ عِنْدَكَ، يَقُولُ: نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِأَنْبِيَائِكَ وَرُسُلِكَ وَأَوْلِيَائِكَ. وَمُرَادُهُ أَنَّ فُلَانًا عِنْدَكَ ذُو وَجَاهَةٍ وَشَرَفٍ وَمَنْزِلَةٍ فَأَجِبْ دُعَاءَنَا. وَهَذَا أَيْضًا مَحْذُورٌ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ هَذَا هُوَ التَّوَسُّلُ الَّذِي كَانَ الصَّحَابَةُ يَفْعَلُونَهُ (٢) فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ ﷺ لَفَعَلُوهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَإِنَّمَا كَانُوا يَتَوَسَّلُونَ فِي حَيَاتِهِ بِدُعَائِهِ، يَطْلُبُونَ مِنْهُ أَنْ يَدْعُوَ لَهُمْ، وَهُمْ يُؤَمِّنُونَ عَلَى دُعَائِهِ، كَمَا فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَغَيْرِهِ. فَلَمَّا مَاتَ ﷺ قَالَ عُمَرُ ﵁ لَمَّا خَرَجُوا يَسْتَسْقُونَ -: «اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا إِذَا أَجْدَبْنَا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِيَنَا، وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا». مَعْنَاهُ بِدُعَائِهِ هُوَ رَبَّهُ
(١) سورة الْأَعْرَافِ آية ٥٥.
(٢) في الأصل: (يفعلون) والصواب ما أثبتناه، كما في سائر النسخ. ن.
1 / 211