148

Шарх аль-Акида ат-Тахавия

شرح العقيدة الطحاوية

Редактор

أحمد شاكر

Издатель

وزارة الشؤون الإسلامية

Издание

الأولى

Год публикации

١٤١٨ هـ

Место издания

والأوقاف والدعوة والإرشاد

الْقِرَاءَةُ مَعَ الْقُدْرَةِ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ. وَقَالُوا: لَوْ قَرَأَ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَجْنُونًا فَيُدَاوَى، أَوْ زِنْدِيقًا فَيُقْتَلَ، لِأَنَّ اللَّهَ تَكَلَّمَ بِهِ بِهَذِهِ اللُّغَةِ، وَالْإِعْجَازُ حَصَلَ بِنَظْمِهِ وَمَعْنَاهُ.
وَقَوْلُهُ: (وَمَنْ سَمِعَهُ، وَقَالَ: إِنَّهُ كَلَامُ الْبَشَرِ، فَقَدْ كَفَرَ)
لَا شَكَّ فِي تَكْفِيرِ مَنْ أَنْكَرَ أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ، بَلْ قَالَ إِنَّهُ كَلَامُ مُحَمَّدٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنَ الْخَلْقِ، مَلَكًا كَانَ أَوْ بَشَرًا. وَأَمَّا إِذَا أَقَرَّ أَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ، ثُمَّ أَوَّلَ وَحَرَّفَ فَقَدْ وَافَقَ قَوْلَ مَنْ قَالَ: إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ. فِي بَعْضِ مَا بِهِ كَفَرَ، وَأُولَئِكَ الَّذِينَ اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ - وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِ الشَّيْخِ (وَلَا نُكَفِّرُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ بِذَنْبٍ مَا لَمْ يَسْتَحِلَّهُ) إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَقَوْلُهُ: (وَلَا يُشْبِهُ قَوْلَ الْبَشَرِ)
يَعْنِي أَنَّهُ أَشْرَفُ وَأَفْصَحُ وَأَصْدَقُ. قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا﴾ (١) وَقَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ﴾ الْآيَةَ. (٢) وَقَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ﴾ (٣) وَقَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ﴾ (٤). فَلَمَّا عَجَزُوا - وَهُمْ فُصَحَاءُ الْعَرَبِ، مَعَ شِدَّةِ الْعَدَاوَةِ - عَنِ الْإِتْيَانِ بِسُورَةٍ مِثْلِهِ، تَبَيَّنَ صِدْقُ الرَّسُولِ ﷺ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. وَإِعْجَازُهُ مِنْ جِهَةِ نَظْمِهِ وَمَعْنَاهُ، لَا مِنْ جِهَةِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ. هَذَا مَعَ أَنَّهُ قُرْآنٌ عَرَبِيٌّ غَيْرُ ذِي عِوَجٍ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ، أَيْ بِلُغَةِ الْعَرَبِيَّةِ. فَنَفْيُ الْمُشَابَهَةِ مِنْ حَيْثُ التَّكَلُّمُ، وَمِنْ حَيْثُ النَّظْمُ وَالْمَعْنَى، لَا مِنْ حَيْثُ الْكَلِمَاتُ وَالْحُرُوفُ. وَإِلَى هَذَا وَقَعَتِ الْإِشَارَةُ بِالْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ فِي أَوَائِلِ السُّورِ، أَيْ: أَنَّهُ فِي أُسْلُوبِ كَلَامِهِمْ وَبِلُغَتِهِمُ الَّتِي يَتَخَاطَبُونَ بِهَا. أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَأْتِي بَعْدَ الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ بِذِكْرِ الْقُرْآنِ؟ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿الم﴾ ﴿ذَلِكَ﴾

(١) سورة النِّسَاءِ آية ٨٧.
(٢) سورة الْإِسْرَاءِ آية ٨٨.
(٣) سورة هُودٍ آية ١٣.
(٤) سورة يُونُسَ آية ٣٨.

1 / 151